النزاع الحدوي مع إسرائيل: إشاراتٍ لا توحي بالاطمئنان.. وكلام عِبري بلسان أممي!
كتب نبيل هيثم في صحيفة “الجمهورية”: حتى الآن، ما يزال مشروع الحلّ الأميركي للحدود البرّية والبحريّة المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل في علم الغيب. وعلى رغم “الحماسة” الأميركية في تبنّي مشروع الحلّ والسرعة في طرحه منذ فترة غير بعيدة لم يطرأ أيُّ جديد حيال هذا الملف، أو أيُّ بادرة تحريك له توحي بجدّية في بلوغ حلٍّ ينزع فتيلَ الانفجار المؤجَّل.
لبنان في هذا الجوّ الرماي، ينتظر أن يتلقّى من الجانب الأميركي تصوّراً واضحاً حول مشروع الحلّ المطروح ولا يملك ما يؤشر الى مبادرة أميركية من هذا النوع في الوقت الراهن، بل يملك فقط بعض إشارات وُصفت بالإيجابية، سبق أن أرسلتها واشنطن الى الجانب اللبناني الذي تلقّفها إيجاباً وتعامل معها بما يخدم مصلحته ويؤكّد سيادته الكاملة على برِّه وبحرِه.
لكن وسط هذا الجمود، وبدل أن تهبَّ الرياحُ الإيجابية المنتظرة، لاحت في الافق اللبناني ما يمكن وصفُها بـ”إشاراتٍ لا توحي بالاطمئنان”، من شأنها أن تضرب صدقية التوجّه نحو حلٍّ للحدود من أساسها وتجعلها موضعَ شك.
المريب في هذه الإشارات أنّ مصدرها ليس أميركياً، وليس إسرائيلياً، بل إنها صدرت عن “طرف ثالث”، والمريب أكثر فيها هو مضمونها الخطير الذي يلقي على لبنان مسؤولية تعطيل حلّ الحدود قبل أن يبدأ الحديث فيه بشكل رسمي.
فقبل أيام قليلة حصل لقاءٌ بين أحد الصحافيين الأجانب في لبنان “وشخصيّة أممية” تشغل منصباً مهماً في الامم المتحدة، ووصل الحديث بينهما الى أزمة الحدود بين لبنان وإسرائيل.
المثير في الأمر أنّ الشخصية الأممية المذكورة، خلعت ثوبَ “الحيادية” وتجاهلت بالكامل موقفَ لبنان وحدوده وحقه في سيادته، ونطقت بلسانٍ بدا عبريّاً مئة في المئة. وبدت متفهّمة بالكامل للموقف الإسرائيلي الى حدّ تبنّيه حيث قالت للصحافي الاجنبي المذكور ما حرفيّته: “إنّ موقف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، من موضوع الحدود، ليس مشجّعاً ولا يساعد على بلوغ حلٍّ لهذه المسألة، بل يمكن أن يعطّله. وهذا الموقف إذا ما تمّ الاصرارُ عليه والتمادي به فسوف يؤدّي الى تأجيج الوضع وربما يفاقم الأمور الى حدّ إشعال حرب”.
وأضافت قائلة ما مفاده “أنّ أمام لبنان فرصة للاستفادة من الليونة الإسرائيلية في هذا الموضوع، والتي قد لا تتكرّر”.
الأسرار، وكما هي العادة في لبنان، لا تنام طويلاً في الغرف المغلقة، إذ سرعان ما تسرّبت وقائعُ اللقاء وبلغت جهاتٍ لبنانية على صلة مباشرة بملفّ الحدود. ومن الطبيعي هنا أن تُقرع أجراس الريبة. وتتلاحق معها الاسئلة:
– باسم مَن تنطق هذه الشخصية الأممية؟
– ما هي خلفيات ودوافع كلامها؟
– هل تمهّد لإعلان فشل مشروع الحلّ المقترَح للحدود؟
– لماذا تجاهلت الموقف الإسرائيلي وإلقاء المسؤولية على الجانب اللبناني؟
– ما الذي دفعها الى وصف موقف الرئيس نبيه بري بـ”الموقف التعطيلي” للحلّ الحدودي، وبلسان مَن قالت إنّ هذا الموقف قد يؤدّي الى إشعال حرب؟ وهل تقول ذلك للتهويل أم للتخويف والتهديد؟
يبدو أنّ الشخصية الأممية المذكورة تقارب هذه المسألة الحساسة بين لبنان وإسرائيل بعينٍ إسرائيلية. ويشهد أكثر من سياسي لبناني احتكّ معها في بعض الامور والقضايا، على أنها تقارب المسائل والملفات الحساسة بخلفية شخصية مستفزّة، لا تنسجم مع الموقع الوظيفي الذي تشغله في منظمة دولية يُفترض أنها حيادية!