لعودة خدمة العلم: صَهر شباب المذاهب المتناحرة في بوتقة وطنيّة!

صدى وادي التيم-لبنانيات/

“خدمة العلم شرف وواجب يخضع لها اللّبنانيّون إلزاميًا لخدمة العلم بعد إتمامهم الثامنة عشرة من عمرهم، وتشمل خدمة العلم:

– الخدمة العسكريّة
– الخدمة المدنيّة
– الخدمة الإنمائيّة

سنوات طويلة طُبّق فيها قانون خدمة العلم، تعاقب خلالها خلالها آلاف المجندين على معسكري الوروار وعرمان.

منذ وضع قانون خدمة العلم قيد التطبيق، حُدّدت أهدافه بصهــر شباب لبنان كافّة مــن مختلـف المناطق ومن جميع الطبقــات في بوتقــة واحدة، وخلــق روح الألفة والمحبّة في ما بينهــم، وإيضاح أهمّيّة خدمة الوطن، وغرس روح النظام والانضباط، واكتساب مهارات عسكريّة، وتغليب فكرة الانتماء الوطني، ما يؤهّلهــم بجدّيّة للعمــل جنبًا إلى جنب مع العسكريّين في الخدمة الفعليّة لحفظ أمن الوطن والدفاع عن حدوده.

ويمكن القول وبعد تخريج 250 ألف مجنّد أنّ التجربة تكلّـلت بالنجاح، فقد التزم الشباب اللبنانيّ بخدمة العلم، وخضعوا لدورات تدريبيّة (عسكريّة، بدنيّة، تربويّة…) داخل حرم المعسكر.

وأغلب العائلات تذكر جيّدًا كيف كانت تحتفل بتخريج ابنها من أحد المعسكرَين، والكثير منهم كان يقيم حفل استقبال في البلدة أو الحي عند عودة ابنهم إلى منزله.

لكن، وفي العام 2005 صدر قانون خفّض فيه مدة خدمة العلم إلى ستّة أشهر وذلك لحين الإلغاء النهائي بعد سنتين أي في العام 2007، وهو ما حصل فعلًا.

وفي العام 2020، سعت قيادة الجيش ووزارة الدفاع لإعادة تفعيل خدمة العلم عبر مشروع جديد كشفت عنه وزيرة الدفاع زينة عكر في حكومة الرئيس حسّان ذياب، لافتةً إلى أنّ الجيش بدأ العمل عليه، موضحةً أنّ الخدمة ستكون مختلفة عن السابق، وستكون مقسّمة على 3 أشهر أو 6 أو 9 أو سنة، على أن تتضمّن خدمات اجتماعيّة ووظائف إداريّة وتعليم وتحريج وغيرها، لكن المشروع لم يبصر النور إلى الآن، والسبب هو عدم وجود رغبة وقرار سياسي كما حصل عند إلغائها.

إنّ قرار إلغاء خدمة العلم أتى بقرار سياسي غريب الأهداف، إذ إنّ السبب الباطني لا يُفسّر إلّا فقط لإضعاف الجيش اللبناني عبر تخفيض عديده.

اليوم، وبعد مرور حوالى 17 عامًا لإلغاء خدمة العلم، ونجاح التجربة المذكورة في السابق، زادنــا قناعة بإعادة العمل بها نظرًا لتأثيرها الإيجابي على الشبـاب اللبناني، ولم يكن يُفترض أصلًا وقفها، فهي “خشّنت” الشباب وجيل “الكرتون”.

أحد الّذين خضعوا لخدمة العلم قال “انمسح فينا الأرض”، على حدّ تعبيره، لكن “تعلّمت الانضباط والصبر على ظروف الحياة الصعبة، والاعتماد على النفس، بعدما غادرت منزلي في عزّ شبابي، أكلت وحدي وغسلت ثيابي بنفسي لأوّل مرّة”.

لا شكّ أنّ خدمة العلم هي حاجة وضرورة للبنان في هذه الأيّام، ذلك أنّ شريحةً واسعةً من الشباب يعيشون حالةً من الفراغ الاجتماعي والاقتصادي اللّذين بدورهما فرّخا قضايا اجتماعيّة خطرة ومنها أشكال الجريمة والارهاب، ففي بلد متعدّد الانتماءات الاجتماعيّة والثقافيّة والنزاعات السياسية، يؤمّن التجنيد الإجباري خطابًا جامعًا وموحّدًا غير موجّه ضدّ أحد، وتُصهر الشباب اللبناني من كافّة المناطق والطوائف في بوتقة وطنيّة بعيدةً عن التعصّب الناشئ بمعظمه عن عدم الاختلاط، فنحن نعيش في وطن “كنتوني”، أي أنّ أبناءه يُولدون ويترعرعون ويكبرون كلّ في منطقته، ولا يرى إلّا أشباهه في الدّين والثقافة وغيرها.

المصدر: بلال جولاني 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!