وقف إطلاق النار سينعكس تلقائياً على الجبهة الجنوبيّة

صدى وادي التيم-امن وقضاء/

تنتظر المنطقة ومن ضمنها لبنان، نجاح جهود إجتماع باريس الرباعي للتوافق على هدنة طويلة الأمد بين حماس والعدو الاسرائيلي في قطاع غزّة، تتخلّلها صفقة تبادل الأسرى والرهائن، ويتمّ بعدها التوصّل الى وقف إطلاق نار شامل على جميع الجبهات المسانِدة للمقاومة. وقد تسلّمت حركة حماس المقترح الذي جرى تداوله في اجتماع باريس وستدرسه لتقديم الردّ عليه. ولكن يستمرّ في هذا الوقت القصف المدفعي “الإسرائيلي” على القطاع في اليوم الـ 16 بعد المئة، ويذهب الإحتلال نحو المزيد من التطرّف من خلال عقد مؤتمر لإعادة الإستيطان في غزّة. الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون، كما يرفضون المخطّط “الإسرائيلي” لتهجيرهم من منازلهم في القطاع الى الأبد.

تقول مصادر سياسية معنية بأنّ وقف إطلاق النار في غزّة، يعني حُكماً وقف المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية في لبنان، ووقف التصعيد في البحر الأحمر والتوتّر في العراق وسوريا، وسائر دول المنطقة التي تقوم بمساندة حماس في حربها ضدّ الإحتلال الإسرائيلي. غير أنّ الوصول الى هذه المرحلة لا يبدو قريباً، رغم الجهود المتواصلة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر.

فليس من جدية من قبل “الإسرائيليين” للتوصّل الى وقف العمليات القتالية، على ما أكّدت المصادر، بل هم يستغلّون الأسرى المحتجزين لدى حماس لتنفيذ المزيد من الجرائم والمجازر في غزّة. أمّا حماس فهي مستعدة لصفقة تبادل أسرى على قاعدة “الجميع مقابل الجميع”، على مراحل أو على دفعات. وهذا الأمر مطروح من قبلها على الطاولة منذ أشهر عدّة.

فما الذي يُعيق إذاً التوصّل الى هدنة ثانية تمتدّ لأشهر تتخلّلها الصفقة الجديدة لتبادل الأسرى؟ تُجيب المصادر نفسها، الإستعمال السياسي الرخيص لنتنياهو وحكومته لهذا الملف للإستمرار بالمزيد من المجازر في مناطق قطاع غزّة، لأنّه لا يوجد أي مانع لدى المقاومة من إنهاء هذا الملف. فما يعني الفلسطينيين حالياً هو أمر واحد: وقف الحرب وسفك المزيد من الدماء، ورفع الحصار وإعادة الإعمار، فضلاً عن وقف التفكير العنصري الوحشي الذي يريد أن يحلّ القضية الفلسطينية باستخدام القوّة، في حين أظهرت الحرب المستمرّة منذ 7 تشرين الماضي أنّ الحلّ لا يُمكن أن يكون عسكرياً.

ويتوقّع أن تواصل الأطراف الأربعة (أميركا، مصر، قطر و”إسرائيل”) البحث في الخلافات بين حماس و”إسرائيل” خلال هذا الأسبوع، من خلال إجتماعات ثنائية إضافية، سيما وأنّه يجري الحديث عن حصول تقدّم في هذه المحادثات بشأن مفاوضات تبادل الأسرى، رغم أن وجهات النظر بين الطرفين لا تزال مختلفة. ولكن يُنتظر ردّ حماس على المقترح الذي تسلّمته عمّا تمّ التداول به في اجتماع باريس.

وينص المقترح الجديد على وقف إطلاق النار لمدّة 4 أشهر في قطاع غزّة، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى، على أن يجري على مراحل كالآتي:

1- المرحلة الأولى: تتضمّن وقف الهجمات “الإسرائيلية” لمدّة 6 أسابيع، من أجل إطلاق سراح الأسرى “الإسرائيليين” من الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، وجزء من المصابين، مقابل إطلاق العدو سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. على أن يتمّ إطلاق من 40 الى 45 “إسرائيلي” مقابل 100 أو 200 فلسطيني.

2- المرحلة الثانية: تتضمّن إطلاق حماس سراح الجنديات “الإسرائيليات” الأسيرات، ومن ثم الجنود الأسرى، مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

3- المرحلة الثالثة: تشمل تسليم جثامين القتلى “الإسرائيليين” في غزة إلى “تل أبيب”، وعددهم 40 من الذين قُتلوا في 7 تشرين الأول أو خلال القصف “الإسرائيلي” على القطاع، مقابل تصفير السجون “الإسرائيلية”. وتجدر الإشارة الى أنّ المحتجزين “الإسرائيليين” لدى حماس يبلغ عددهم نحو 136 أسيراً، بحسب المعلومات، بينما يحتجز الإحتلال في سجونه حتى الآن ما لا يقلّ عن 8800 فلسطيني.

وبرأي المصادر عينها فإنّ حماس تُكرّر بأنّها تؤيّد أي صفقة تبادل للأسرى الفلسطينيين والمحتجزين “الإسرائيليين”، على قاعدة “تصفير السجون الإسرائيلية”، أو “الجميع مقابل الجميع”، وأنّه لا حديث عن إتمام هذه الصفقة قبل وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب “الجيش الإسرائيلي” من غزّة، ووقف أي محاولات للإستيطان في القطاع. وكانت طالبت أيضاً بتهدئة تدوم بين 10 و14 يوماً قبل الإفراج عن أي أسير “إسرائيلي”، وتهدئة لمدة شهرين بين كل مرحلة وأخرى من مراحل الصفقة.

أمّا إذا كانت ستُوافق على هدنة لمدّة 4 أشهر، وهو أمر صعب، على ما تابعت المصادر، فستُطالب بضمانات دولية لعدم العودة الى الحرب، أي أن يليها وقفاً شاملاً لإطلاق النار. علماً بأنّ المقترح الجديد يشمل أيضاً حصول حماس على هذه الضمانات الدولية، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية بشأن التوصّل الى اتفاق شامل، من شأنه إيقاف الحرب على غزّة بشكل نهائي. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تثق حماس بمثل هذه الضمانات من دون ترجمتها على الأرض؟

وتقول المصادر بأنّه في حال وافق الطرفان على مقترح الصفقة، فإنّ اتفاق تبادل الأسرى يمكن إبرامه خلال الأسبوعين المقبلين. وهذا الأمر يصبّ في مصلحة “إسرائيل” التي تُحاكم في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، إذ فشلت في ردّ الدعوى التي تقدّمت جنوب أفريقيا بها الى المحكمة ضدّها، وقد اتخذت محكمة لاهاي تدابير أولية بحقّها هي مُلزمة بتنفيذها، وتتضمّن وقف أي أفعال تدخل ضمن الإبادة الجماعية

المصدر: دوللي بشعلاني – الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى