لبنان يصارع السقوط المتدحرج لمعادلة الـ1701

صدى وادي التيم-لبنانيات/

على وقع تصاعد التهديدات الإسرائيلية لـ”حزب الله” ولبنان من مغبة حرب جديدة، واكبتها تحذيرات إضافية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لإيران و”حزب الله” من توسيع الحرب نحو لبنان خلال زيارته امس لإسرائيل، استعادت محاور المواجهات الميدانية عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية بعد ظهر امس ومساء احتداما واسعا في ظل تبادل عنيف وكثيف للهجمات الصاروخية والقصف المدفعي بين الحزب والجيش الإسرائيلي. ووسط الاحتدام الميداني الاخذ بالتصاعد ولو على إيقاع لا يزال يرسم معادلة تحتمل اشتعال المواجهة الكبيرة في أي ظرف كما تستبعد تلك المواجهة وتبقي الوضع عند حدود المواجهات الجارية منذ أسبوعين، بدا لافتا ان الخشية من انهيار المعادلة الدولية المتجسدة في “رعاية” القرار 1701 للوضع في الجنوب منذ عام 2006 قد بدأت تتسع باطراد وتفرض “ارتفاع” صوت لبنان الرسمي حيال هذا الخطر الذي لم يعد مجرد احتمال بل ان التطورات الحربية الجارية تنذر فعلا بان تتحول “اليونيفيل” الأداة التنفيذية الأممية للقرار الدولي شاهد زور عاجزا عن أي تأثير فعال. وهو امر تجري اثارته بقلق شديد في كل المراجعات التي يتلقاها الرسميون والمسؤولون من السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية في لبنان كما في المداولات التي تحصل مع المسؤولين الدوليين. وبازاء ذلك يفهم اندفاع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب في الأيام الأخيرة الى التشديد على لازمة التمسك والالتزام بالقرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701 ، اذ تلفت أوساط معنية الى ان خطر انهيار هذا القرار ومفاعيله، في ظل الانتهاكات الجارية له يوميا منذ أسبوعين، ستجعل لبنان في مهب إعصار من الاخطار ناهيك عن خطر انفجار الحرب في حال عدم استدراك انفجارها.

وفي ظل هذه الاخطار المتسعة، قام الرئيس ميقاتي بجولته الجنوبية المفاجئة التي شملت القيادة العسكرية للجيش في المنطقة كما قيادة “اليونيفيل” امس معلنا “ان الجيش هو ركن البنيان الوطني واليه تشخص العيون اليوم في الداخل والخارج” وأشار الى “اننا اتينا الى جنوبنا الحبيب، الذي يدفع اليوم، كما دفع دوماً، ضريبة دفاعه عن كامل اراضي الوطن بوجه كيانٍ غاصب لا يعرف الرحمة، لنؤكد احترام لبنان، هذا البلد المحب للسلام، لكافة قرارات الشرعيّة الدوليّة، والإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدّولي الرقم 1701″. وشدد على”أن منطق القوة في وجه الحق المتبع اليوم لا يستقيم كل الاوقات، والمطلوب العودة الى منطق قوة الحق وفق ميثاق الامم المتحدة وشرعة حقوق الانسان”. وكان رئيس الحكومة تفقد بمشاركة قائد الجيش العماد جوزف عون، منطقة القطاع الغربي في جنوب لبنان للاطلاع على الاوضاع هناك والمهام التي يقوم بها الجيش بالتعاون مع قوات “اليونيفيل”.

بدوره، أكد قائد الجيش “أن الدفاع عن لبنان هو واجب طبيعي ومشروع للجيش في مواجهة الأخطار التي تهدده وعلى رأسها العدو الإسرائيلي، وأن المؤسسة العسكرية تتابع تطورات الأوضاع وتحافظ على الجهوزية عند الحدود الجنوبية، بالتزامن مع تنفيذ مختلف المهمات في الداخل”، مشيرًا “الى الإرادة الصلبة لدى العسكريين وإيمانهم بقدسية المهمة من دون تردد”، ومثمنًا “دعم الرئيس ميقاتي للجيش ووقوفه إلى جانبه”. ولفت إلى “ضرورة استمرار التنسيق الوثيق بين الجيش واليونيفيل ضمن إطار القرار الدولي 1701”.

مواقف داخلية

اما في المواقف السياسية الداخلية من التطورات، فنبه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط الى أن “الهجوم البرّي على غزّة قد يرتدّ على الداخل اللبناني”، مشيراً الى انه “من أجل ذلك كان التواصل مع “حزب الله” بألا نستدرج إلى الحرب فهي في الجنوب “ماشية” ولكن ندعو إلى عدم توسيع رقعتها”.

وقال أمام الهيئة العامة للمجلس المذهبي الدرزي التي اجتمعت امس: “اجتمعنا اليوم لكي نفكر في ما يمكننا ان نفعله اذا كبُرت الأزمة لناحية المستشفيات والدواء وغيرها، ومن بعد إذن وزير التربية عباس الحلبي، طرحنا فكرة استخدام المدارس للإيواء، لا بد من أن نتوقع الأسوأ”. وكشف ان كلامه مع المسؤول عن وحدة الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا وغيره “كان الا نُستدرج الى الحرب رغم انها “ماشية” في الجنوب ولا لتوسيعها، ولكن الأمر لا يعود الى حزب الله فقط فلا نعرف ماذا تريد إسرائيل؟”. واشار الى أن اللقاء مع الرئيس نبيه بري” كان ممتازا، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقوم بدور كبير وجبران باسيل هو من طلب موعداً للزيارة ويقوم بدور مهم”.

وفي جانب اخر من التحركات السياسية واصل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل جولته على القادة السياسيين فزار الرئيس بري معبرا ان “العنوان الأساس اليوم هو الوحدة الوطنية وحماية لبنان وواجباتنا أن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لمجزرة إنسانيّة”. وأضاف “لا أحد يُمكن أن يجرّنا إلى حرب، إلا إذا اعتدى علينا العدو الإسرائيلي عندها نكون مُجبرين على أن ندافع عن أنفسنا”. واعتبر أن “اللبنانيين جميعاً متّفقون على أنّهم لا يريدون الحرب، ولكن هذا لا يعني أن نسمح بالهجوم علينا من دون ردّ.” وأشار إلى أن “الحرب ستطول وواجبنا أن نعمل لتأمين انتخاب رئيس للجمهوريّة وهذا يكون بالتفاهم لأنّ الوقت ليس للتحدّي”. ومن المقرر ان يلتقي باسيل اليوم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والنائب فيصل كرامي .

واعتبر “تكتل لبنان القوي” “انّ حق الفلسطينيين بالمقاومة في أرضهم مقدس وأن حق اللبنانيين في حماية أمنهم وإستقرارهم مقدس أيضاً، بالمقابل يرفض التكتل أي عمل من شأنه إستدراج الحرب الى بلادنا وبالتالي ضرورة رفض ومنع إستخدام أرض لبنان كمنطلق لعمليات ضد إسرائيل والتقيّد بدعم المقاومة في حال إعتدت إسرائيل علينا” .

المحاور والمواجهات

على الصعيد الميداني سيطر الهدوء الامني على الجبهة الجنوبية قبل الظهر قبل ان تحتدم المواجهات بعد الظهر حيث اطلق الجيش الاسرائيلي النار من موقع مسكاف عام باتجاه بلدة العديسة، واعلن انه قتل مسلحا تم تحديده في الأراضي اللبنانية حاول إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل. وافيد عن غارة إسرائيلية على اطراف بلدة يارون تردد انها استهدفت سيارة في المنطقة. واشار إعلام اسرائيلي الى ان الجيش نفذ غارة بمسيّرة لإحباط محاولة إطلاق صواريخ من لبنان. وشنت مسيّرة اسرائيلية غارة على حرش يارون الواقع بين يارون ورميش. وبعدها، رد “حزب الله” على الغارة الاسرائيلية فاستهدف موقع شتولا المواجه لعيتا الشعب واصابه إصابة مباشرة. وافيد ايضا ان مسيرة إسرائيلية استهدفت منطقة كفرشوبا بـ3 صواريخ. وأجلى الجيش اللبنانيّ والصليب الأحمر قتيلًا وأربعة جرحى إلى مستشفى مرجعيون الحكوميّ. ولاحقا، افيد ان الصليب الأحمر والجيش اللبناني بالتعاون مع اليونيفيل أخلوا شهيدا وجريحا من منطقة واقعة بين كفرشوبا ومزرعة بسطرة.وعصرا سقطت 6 صواريخ في حولا مقابل مستشفى ميس الجبل وقذيفيتان فوسفوريتان بين موقعي العباد والمنارة.

وتحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن اطلاق نحو 10 صواريخ كورنيت على موقعين للجيش الإسرائيلي عند الحدود الشمالية. واستهدف حزب الله” بشكل مكثّف موقع برانيت الإسرائيلي المواجه لمنطقة عيتا الشعب ورامية ورميش معلنا انه أوقع فيه إصابات مباشرة . ورد الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي على خراج هذه البلدات . كما حصل قصف مدفعي متبادل بين حزب الله والقوات الإسرائيلية في القطاع الأوسط طاول أطراف عيتا الشعب والضهيرة ومروحين . واعلن الجيش الاسرائيلي استهداف 3 خلايا لـ”حزب الله” عند الحدود مع لبنان . يشار الى ان الحزب نعى امس خمسة من عناصره سقطوا في المواجهات .

المصدر: النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!