مدرستنا الرسمية.. بقلم ريمة كمال علامة

صدى وادي التيم-رأي حر باقلامكم/

أَجدُ نفسي عندما أتحدّث عن المدرسة الرّسمية أردّد شعرًا حفظتُه على مقعد الدّراسة الابتدائية للأديب ميخائيل نعيمه :
سقفُ بيتي حديد ْ
ركنُ بيتي حجرْ
فاعصفي يا رياحْ
وانتحب يا شجرْ
واسبحي يا غيومْ
واهطلي بالمطرْ
واقصفي يا رعودْ
لستُ أخشى الخطرْ.

المدرسة الرّسمية أثبتت أن سقفها حديد ،لانّ رياح الحرب اللبنانية على مدى ثلاثين عاماً ،مع اجتياحات إسرائيل المتكرّرة، وقذائفها العشوائية ما استطاعت أن تقتلَ عزيمتها . هذه المدرسة التي، وإن بدأت محاولات إرسائها عام ١٨٣٨ أيّام السّلطنة العثمانية، وعُمل على تنظيمها بعد استقلال لبنان عام١٩٤٣ ،انتظرت العام ١٩٦٠ حتى أصبحت مدرسة الوطن. ففي عهد الرّئيس فؤاد شهاب، تولّى وزارة التربية والتّعليم المعلم كمال جنبلاط وعمل على صياغة وإقرار مشروع يقضي بتعميم التعليم الابتدائي الرّسمي المجّاني في مختلف مدن وقرى المحافظات اللبنانية. وفي العام نفسه تمّ تعيين المعلّمين وافتتاح الثّانويات والمعاهد الرسمية، فأصبح العلم متاحًا للفقراء بعد أن كان حكرًا على الميسورين ،ومنذ ذلك التاريخ بدأ العصر الذهبي للتّعليم الرّسمي.
الشّواهد كثيرةٌ في منطقتنا وقد أكّدت على مدى السّنين، العجافَ منها والسِّمان، أنّ المدرسة الرسمية مَقلعٌ للنّخبة من السياسيّين والتّربويين والقضاة والمبدعين في شتّى مجالات الحياة.

أما غيوم الطّائفية الدّاكنة فما استطاعت أيضًا أن تحجب أمومتَها ووطنيّتَها فحضنت المدرسةُ الرّسمية اللّاطائفية أولادَها ،كلّ أولادِها وقد كان لنا من كل طائفةٍ، زملاءَ ومعلّمين نعتزُّ بهم ،تقاسمنا وايّاهم الكتبَ والطّباشير والزادَ والذّكريات…

واليوم ورغم ما يُمطِرُ عليها من حقدٍ دوليٍّ ومشاريعَ مشبوهةٍ وحربٍ اقتصاديّة تُفرِغُ صناديق مدارسها وتتفنّن في اذلال الكوادر التعليمية والإدارية فيها ، جَهِدَ هؤلاء ،على قدر عزمهم، طيلة هذا العام المُضني، أن يحافظوا على تعليمٍ “مطابق للمواصفات” وأن يجعلوا من متعلّميهم ناجحين وأوائلَ في الامتحانات الرسمية.

وهنا وبغضّ النّظر عن الهمز واللّمز الذي يطال وزارة التربية والتّعليم…لا يَسعُني الّا أن أقدّم هذا النّجاح أوّلا وأخيرا للوزير الصّلب “!عباس الحلبي” الذي لولا اصراره وعناده لم يكن هناك من امتحاناتٍ رسميّة ولم يتسنّ لنا أن نرى هذا الكمّ من الفرح والانتصار في عيون الطّلاب وعائلاتهم.

نعم، كثيرون راهنوا على فشلِ المدرسة الرسمية وعلى فشلِ قيام الامتحانات الرّسمية ومنهم من راهنَ على عدم تصحيح الامتحانات الرّسمية والحمدالله أن مراهنتهم سقطت وتلاميذُنا حملوا شهاداتِهم بفخرٍ ليبدؤوا مرحلةً جديدةً وعسى أن يحقّقوا ما لم نستطع تحقيقَه!

ونعم ،الاساتذة في التّعليم الرّسمي محقّون في مطالبهم وتحرّكاتهم ويستحقّون ثمنًا لإنجازهم وعلى الوزارة أن تشدّ على أيديهم فيناضلون معًا في خندقٍ واحدٍ لتصويبِ الرّؤيا والهدف.

تهانيّ لكلّ تلاميذ لبنان وأجملُ تهانيّ إلى تلاميذ منطقتَي حاصبيا وراشيا في الثّانويات والمعاهد الرّسمية والخاصّة ولذويهم ولأساتذتهم وعسى أن يبقى التّنافسُ في العلم دَأبَهم، فهو محرّكٌ للهمم وباعثٌ للتميّز الّا ما كان تنافسًا مُبالغًا فيه يَجلبُ البُغضَ ويدمّرُ الذّات.

بقلم ريمة كمال علامة /الفرديس 4/8/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى