حقوقُ المرأة: رقمٌ في روزنامةِ أيام أم أحقيّةُ نضالٍ ومنال؟!
صدى وادي التيم – لبنانيات /
من أصدقِ النُّكاتِ وأكثرِها قساوةً تلك التي تقسم أيامَ السنة بين يوم أو اثنين للمرأة والباقي للرجل. فيها يتجلى التمييز واللامساواة، ومعها تبدأ معاناةُ الحقِّ في الحياة.
انتهى اليوم العالميُّ للمرأة، تلاشت المعايداتُ والعباراتُ المختارة بدقة تمامًا كالصور التي ننتقيها لتعبّر عن نظرتنا إلى المرأة التي يطمحُ إليها كلٌّ منا وفقَ إيديولوجيته وتصوره المستقبلي. ففي حين يركِّزُ البعضُ على صورة المرأة المتحررة المحبة للحياة، يسعى آخرون لتجسيد العفَّةِ والطهارة في المرأة المحجبة، وغيرهم يبقى على الحياد مكتفيًا بالتفنن برقم ثمانية مرفق بشهر آذار مع بضع ورود للزينة أو لوحده كي لا يدخل في متاهة الثقافة والقيم والتفسيرات المرتبطة بها.
غير َأنَّ هذا الاهتمامَ الشكليَّ والصوريَّ بالمناسبة مع ما يكتنفه من أهمية، لا يعكس الواقع ولا حتى تطلعاته.
فحقوق الإنسان ليست بمثابة هبوط إضطراريٍّ على أرض الواقع، بل مجموعة من الحقوق اللصيقة بطبيعته والتي تظل موجودةً حتى لو لم يتمَّ الاعتراف بها أو إن انتهكت من قبل سلطة ما. فقد أولتها المنظمات الدولية اهتمامًا بارزًا حيث كرستها في المواثيق الدولية ضمن موادَّ عززت احترام الحقوق للناس جميعا وشجّعت عليها بلا تمييز على أساس النوع/الجندر، اللغة، الدين أو العرق.
وإذا كان الإعلانُ العالميُّ لحقوق الإنسان في مقدمته ومواده الثلاثين قد شدد على ماهية الحقوق وآلية تطبيقها، إلا أنها وضعيًّا تصطدم بعقبات بعض النصوص الدينية التي تحكم قانون الأحوال الشخصية من جهة وإدراك القيّمين لمفهوم الحقوق ومدى قدرتهم على ممارسته في هامش من الحرية والوعي المطلوبين من جهة ثانية.
بعيدًا عن الإطراءات والكلمات المنمقة التي تربط نمطية التعاطي بيوم ورديٍّ عابر يسجّل في الذاكرة مجرد رقم عددي، تبرز إلى الواجهة أزمة جدية تتمثل بحقوق المرأة في القوانين الوضعية اللبنانية، حيث كان للبنان عدة تحفظات عند انضمامه إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدَّ المرأة، لجهة: منحها حقًّا مساويًا لحقِّ الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، الحقوق المتساوية في الزواج، حقوق الوالدة في الأمور الخاصة بأطفالها، الولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم ولجهة إسم الأسرة.
وإذا كان حقُّ منح الجنسية التي تعتبر رابطة سياسية وقانونية بين الشخص والدولة من قبل الأم لأولادها ضرورة ملحة للمرأة، على غرار الرجل الذي يمنحها لأولاده، فإنَّ حقَّ الحضانة وقدسيته النابعة من الأمومة ما زالت أصوات المطالبة بتحريره مع الحقوق الأخرى من العباءة الدينية أو الكهنوتية تصدح في أروقة المحاكم الشرعية والروحية في كلِّ قضية يتمُّ البتُّ بها.
تلك الحقوقُ وغيرها من لائحة يطول عرضها كانت في صلب المعترك النضالي مع الحركات النسوية وأيضا بمشاركة شبابية، إلا أنَّ حراكها لم يدخل سوى في بازار الوقت المستقطع. فالجهد المبذول بات ينتهي بسقوط ورقة من روزنامة الأيام، بألبوم صور مزخرفة في مشهدية حصرية أو بقضية محقة تغيّب بفعل المماطلة.
فالواقع المُعاشُ أماطَ اللثامَ عن تقاعس الجسم النسويِّ في قضاياه المحقّة وجعله مجرد “كليشيه” محلي بعدما نزع مفهوم النضال من أجندته، لا سيما على سبيل المثال لا الحصر قضية أنصار التي سلبت الحقَّ في الحياة لأم وبناتها الثلاث في فاجعة غير مسبوقة من قبل شابين لم يصدر بحقهما أي حكم يُثلجُ صدرَ أهل المغدور بهن.
عَودٌ على بَدء، لا يمكن التعاطي مع اليوم العالمي لحقوق المرأة كحدثٍ عابر مرتبط بالروتين السنوي للمناسبة، فهو بحدِّ ذاته ضرورةٌ لطرح إشكالية: إذا كان الفردُ هو محور الحقوق، كيف تصنّف حقوق المرأة خارج تلك الفردية؟
المصدر: وفاء ناصر – الأفضل نيوز