مسعفو لبنان ليسوا بخير…فمن يغيثهم؟!

صدى وادي التيم – لبنانيات /

في حالة ترقُبٍ دائمة يعيشون…ما بين حروبٍ، نزاعاتٍ داخلية وانفجارات يقفون في الصفوف الأمامية للمساعدة. هم أبطالُ لبنان، وجنوده والعينُ الساهرةُ على صحة مواطنيه. هم متطوعو أجهزة الإغاثة من الصليب الأحمر، الهلال الأحمر وأجهزة الطوارئ والإغاثة كافة. فرغم التحديات والصعوبات التي تواجههم ما زالوا يقدمون العون بابتسامة وحبّ.

هم متطوعون من مختلف الأعمار والمناطق اللبنانية، يعملون لأجل كلِّ مواطن دون كللٍ أو ملل. فكيف هو حالهم اليوم في ظلِّ ما يمرُ به لبنان من أزمات؟.

تقدمُ أجهزةُ الطوارئ في لبنان، الإسعافاتِ الأوليةَ والنقل الطبيَّ الطارئ إلى المستشفيات ولكلِّ من هو بحاجة. تنتشرُ مراكزهم في المناطق اللبنانية جميعها، لتقديم الخدمات بأسرع وقت، وتعتمدُ هذه الأجهزةُ في مواردها المالية على المساهماتِ المباشرة من الشعب الّلبنانيّ، المساعدات الحكومية، والتبرعات الخارجية من جمعيات ومغتربين.

الصليبُ الأحمر الّلبنانيّ: ليس بخير

إنَّ الوضعَ في لبنان صعبٌ، فهو يعاني من انهيارٍ على الأصعدة المالية والاقتصادية والنقدية كافة، الأمر الذي انعكس سلبًا على الوضع الصحيِّ والاستشفائيّ. يقول رئيس الصليب الأحمر اللّبنانيّ أنطوان الزغبي في هذا الصدد: “إننا نعاني كثيرًا جراء الأزمة في لبنان، فإذا كان لبنان بخير، نحن بخير”. وعن التمويل يضيف الزغبي: “المساعدات التي نجمعها بالليرة اللّبنانيّة وهي لم تعد تساوي شيئًا، وهذا ما عقَّد الوضع أكثر ولذلك نعتمدُ على التبرعات الخارجية من الدول الصديقة، جمعيات الصليب الأحمر الدوليّة والعربية “الهلال الأحمر” والمغتربين كي نتمكن من الاستمرار”.

إذًا وضعُ الصليب الأحمر اللبنانيِّ ليس بخير، ويزيد الأمر تعقيدًا ارتفاع أسعار مادتي البنزين والمازوت التي أثرت بشكلٍ كبير على عملهم في كافة المناطق اللبنانية. ويضيف الزغبي: “نعاني من هذا الموضوع ككلّ اللّبنانيّين وهو يؤثر بشكلٍ كبير على ميزانيتنا”. وفي هذا الإطار يطلبُ الزغبي من الّلبنانّي الاتصال فقط عند الحاجة لأنَّ “كلّ ضهرا بتكلف”.

تستجيبُ فرق الإسعاف في الصليب الأحمر الّلبنانيّ لنداء أكثر من ١٥٠ ألف مريض، وتقدّم الخدمات لأكثر من ٢٩٠ ألف شخص. وبحسب ما نشر الصليب الأحمر على موقعه الرسميِّ حول الميزانية السنوية للجهاز، هم بحاجة إلى ميزانية سنوية تبلغ ١٨،٥ مليون دولار أميركي حتى يتمكنوا من الاستجابة لكافة الاتصالات.

يملكُ الصليب الأحمر الّلبناني ٣٠٠ سيارة إسعاف مجهزة بالكامل، وتبلغُ تكلفةُ كلِّ سيارة حوالي ال ٧٥ ألف دولار أميركي. ويشيرُ التقرير أنهم بحاجة إلى استبدال ٣٠ سيارة سنويًا كون السيارة لا تخدم أكثر من عشر سنوات. فضلًا عن صيانة هذه السيارات ومحروقاتها التي تتطلبُ مبالغَ كبيرة، ويعطي التقرير أمثلة عن مدفوعات أخرى، كالتدريب ولباس المتطوعين الذي لا تقل تكلفته عن ١.٢ مليون دولار سنويًا.

رئيسُ جهاز الطوارئ في عرسال للدولة: الله يهديكم

لم يكن حال جهاز الطوارئ والإغاثة في البقاع أفضل حالًا من الصليب الأحمر، فالأزمة الاقتصادية أثرت سلبًا على ميزانيتهم، وبالتالي على سرعة الخدمات ونوعية المساعدات. يؤكد رئيس جهاز الطوارئ والإغاثة في عرسال علي الحجيري في حديثٍ خاصّ للأفضل نيوز: “إنَّ جمعية الإسعاف الّلبنانيّ تعتمد على التبرعات الداخلية والخارجية، والدولة غائبة كُليًا عن السمع”. ويتابع: “إنَّ الجهاز يقوم على التطوع، فنحنُ غير قادرين على دفع أية رواتب شهرية”. وعن المساعدات والخدمات التي يُقدمها الجهاز، يُكمل الحجيري: “إنَّ الخدمات والاسعافات التي نقدمها هي لكلِّ مقيمٍ على الأراضي الّلبنانيّة بغضّ النظر عن جنسية المحتاجين”.

وردًا على سؤال حول مرض الكوليرا وتأثيره على عمل الجهاز يعلقُ الحجيري: “نحنُ نستعد لمساعدة عدد أكبر من المصابين، ونعمل حاليًا على بناء مشفى ميداني خاص بالكوليرا بالتنسيق مع الجمعية الطبية في عرسال، وزارة الصحة ومفوضية الأمم المتحدة للاجئيّن. وحاليًا نكتفي بعيادةٍ نقالة لتقديم العلاج للمرضى، ريثما ننتهي من بناء المشفى”.

وفي حديث عن سرعة انتشار الكوليرا يؤكد الحجيري: ” أنَّ فيروس كورونا كان ينتشرُ بسرعةٍ أكبر كونه ينتقل بالنفس، أما الكوليرا فسرعة الانتشار بطيئة وهو يعتمدُ فقط على النظافة والتعقيم للحدِّ منه”. ويشير إلى: “إن أكثر الإصابات هي في صفوف اللاجئيّن السوريين، والوضع ما زال تحت السيطرة”.

ووجه الحجيري في ختام كلمته رسالةً للدولة: “نحنُ نقوم بواجباتنا ونتمنى من الدولة تحملَ المسؤولية وأن تضعنا في جدول اهتماماتها وخططها والله يهديكم”.

المتطوعون: عكازُ أجهزة الطوارئ ولن يستسلموا

في ظلِّ تقصير الدولة ما زالت أجهزة الإغاِثة والطوارئ على قيد العمل، ويعود الفضل لكلِّ المتطوعين الذين لم يملوا يومًا من مساعدة الناس. يعتبرُ المسعفُ المتطوع في هيئة الإغاِثة والطوارئ سراج: “إنَّ خير الناس أنفعهم للناس، وفعل الخير الذي نقوم به هو أفضل عبادة”. وعن تقصير الدولة تجاههم يقول: “لم نشعر بوقوف الدولة يومًا بجانبنا واليوم أقل ما يمكن للدولة الّلبنانية أن تقدمه هو تقدير جهود كلِّ أجهزة الطوارئ في لبنان، إذا كانت عاجزة عن مساعدتهم ماليًا فلتدعمهم معنويًا”.

وتعقيبًا على موضوع الاستسلام والتراجع في خدمة الناس يشدد سراج: “أنهم لن يستسلموا للظروف، وسيقدمون المساعدة إلى آخر رمق. فالعمل التطوعي هو عملٌ إنساني، وليس ماديًا أو للمنفعة الشخصية، فما جزاءُ الإحسان إلا الإحسان”.

وسط كلِّ الأزمات التي يمرُ بها لبنان، برزت أجهزة الطوارئ بحضورها الفعال، بخدماتهم الإنسانية ومسعفيهم الذين ضحوا وما زالوا يضحون كل يوم بحياتهم من أجل مساعدة كل محتاج. حضروا نفسًا وجسدًا في كلِّ مهمة، حملوا أرواحهم على أكفِّهم من لخدمة الإنسان. هم من تحدث عنهم رسول الله عليه الصلاة والسلام قائلًا: “إن لله عبادًا اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم”…

المصدر: ريما الغضبان – الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى