الوزيرة عناية عزّ الدين لـ”محكمة”: المجلس النيابي المقبل سينصف المرأة اللبنانية تشريعياً /وفاء بيضون
الوزيرة عناية عزّ الدين لـ”محكمة”: المجلس النيابي المقبل سينصف المرأة اللبنانية تشريعياً /وفاء بيضون
حاورتها وفاء بيضون:
برزت بقوّة في الحياة السياسية والإجتماعية اللبنانية، حملت ملامح المرأة العاملية القويّة الحنونة إلى صميم العمل الحكومي الناجح حيث تشغل منصباً وزارياً وحيداً للسيّدات في حكومة الرئيس سعد الحريري كممثّل عن حركة أمل التي خرجت منها وتشرّبت مبادئ الإمام السيّد موسى الصدر، إنّها وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتورة عناية عزّ الدين التي لا تغيب البسمة عن ثغرها، وتجذبك بشدّة احترامها ووقارها ممّا يدلّ على تواضعها الصادق.
تحمل إبنة بلدة شحور الجنوبية دكتوراه في الطبّ المخبري وعلوم الأمراض (باثوليا) وتملك مختبراً للتحاليل الطبّية والأنسجة، وهي فوق هذا وذاك، عضو في نقابة أطباء لبنان، وعضو في المكتب السياسي لحركة أمل، وعضو مؤسّس في جمعية ” wac ” التي تعنى بسلامة الشباب وتثقيفه.
وتعتبر الدكتورة عزّ الدين أوّل إمرأة من الطائفة الشيعية ومحجّبة تحجز مقعداً نيابياً مضموناً لها في المجلس النيابي في الانتخابات المقرّرة في 6 أيّار 2018 حيث الفوز مضمون عن دائرة صور – الزهراني على لائحة الرئيس نبيه بري الذي وجد فيها المؤهّلات لتشغل منصباً وزارياً فمقعداً نيابياً.
“محكمة” إلتقت الوزيرة عزّ الدين للحديث عن تجربتها السياسية المميّزة وتطلّعاتها ورؤيتها للمرأة، ومدينة صور وكان هذا الحوار:
• حدّثينا عن تجربتك وأنت تمثّلين جزءاً من النسيج اللبناني، مع العلم أنّ البعض ينمّط صورة المحجّبة في قوالب جاهزة؟
في الحقيقة ما ورد في السؤال عن تنميط صورة المحجّبة في لبنان فيه شيء من الحقيقة، ولكن خلال تجربتي الوزارية رأيت وجهاً آخر لهذه المقولة، وهو أنّ اللبنانيين يحترمون التجربة الناجحة، وسرعان ما يتخلّون عن التنميط إذا وجدوا أمامهم نموذجاً يتعاطى بجدّية واهتمام. وهذا يعكس تعطّش اللبنانيين لنماذج سياسية ووزارية تتعاطى مع الإدارة العامة على أنّها خدمة عامة وتعتبر المواطن هو محور هذه الخدمة.
أمّا داخل مجلس الوزراء، فمنذ البداية، شعرت بالإحترام الشديد من قبل الوزراء الزملاء، ولم أشعر بأيّ نوع من التمييز السلبي تجاهي .
الوزارة فرصة للتقدّم
• ماذا استفدتي وماذا أفدتي من موقع وزيرة؟ وهل ستكرّرين التجربة؟
طبعا تجربة الوزارة تعتبر فرصة تقدّم الكثير من الغنى في مسيرة أيّ شخص. بالنسبة إليّ جعلتني أكون على تماس مباشر مع أوضاع الإدارة العامة، وأيضاً إختبرت كيفية اتخاذ القرار الرسمي، أو وضع السياسات العامة في لبنان والتعقيدات التي ترافق هذه العملية. أمّا ماذا أضفت للموقع، فأعتقد أنّ الناس هي التي تقرّر وتقيّم هذه التجربة .
• كيف يمكن التوفيق بين نمطين متعارضين في الشفافية لجهة التعامل معهما؟
هذا ما كنت أشير إليه في الإجابة السابقة. طبعاً هناك فرق كبير في اتخاذ القرار أو إدارة الأمور بين القطاعين الخاص والعام خاصة أنّني كنت في موقع من يتخذ القرار في عملي الخاص، لكنْ في نفس الوقت هناك إمكانية للتوفيق بين النمطين، أو فلنقل لشراكة بين القطاعين العام والخاص ولتبادل الخبرات، وليأخذ القطاع العام ما هو إيجابي في القطاع الخاص .
المرأة والأحزاب
• لا يزال وجود المرأة في التمثيل السياسي ضمن الأحزاب والعائلات، فهل برأيك سيبقى على هذا النحو؟ وما هي رؤيتك لوضعية واقع المرأة في لبنان بشكل عام؟
تمثيل المرأة ضمن الأحزاب هو حالة إيجابية وصحيّة ويجب العمل على تطويرها، وهو مختلف تماماً عن حالة التوريث السياسي العائلي. المطلوب أن تنشط النساء ضمن الأحزاب وأن تساعدها الأحزاب على تبوؤ مواقع القرار الحزبية كمقدّمة ضرورية للوصول إلى مواقع القرار الوزاري والنيابي .
أمّا بالنسبة لوضعيىة المرأة في لبنان بشكل عام، فأنا أعتقد أنّ الوضع الإجتماعي والمهني والعلمي والإقتصادي للمرأة متقدّم على الوضع القانون، واليوم نعيش فرصة لمعالجة هذه الفجوة في المجلس النيابي العتيد، ويفترض أن تسعى الحركة النسائية لإلزام المرشّحين لتبنّي قضايا المرأة، وأن يكون الهدف هو أنّ المجلس النيابي المقبل يجب أن يكون البرلمان الذي ينصف المرأة اللبنانية تشريعياً .
• ماذا يعني لك ترشيحك كسيّدة متنوّرة إلى المقعد النيابي؟
أشكرك على وصفك لي بالسيّدة المتنوّرة.أنا طبعاً، أشكر الرئيس نبيه بري وقيادة حركة أمل على الثقة التي أولوني إيّاها. وأتمنّى أن أخوض التجربة بنجاح، وأتمنّى أيضاً أن يصل عدد جيّد من النساء إلى مجلس النوّاب لتكريس ثقافة وصول المرأة إلى مواقع القرار في لبنان .
أثق بالمرأة اللبنانية
• في وسط مجلس نيابي منتخب ذكوري هل ستكون المرأة المنتخبة فيه مجرّد لوحة تجميلية أم أنّها ستكون ذات فاعلية تشريعياً ومتابعةً؟
أنا أثق بالمرأة اللبنانية وبالناخبين اللبنانيين، وأعتقد أنّ من يصلن إلى المجلس النيابي ويحظين بثقة اللبنانيين ويأخذن وكالتهم النيابية سيقدّمن تجربةً مهمّةً في المتابعة التشريعية والرقابة على السلطة التنفيذية .
صُوْر العيش الواحد
• ما هي رؤيتك لمدينة صور؟
صور من أهمّ المدن اللبنانية، وهي أكثر المدن جاذبية للبنانيين بعد بيروت، وفيها الكثير من نقاط القوّة السياحية التي يفترض العمل على تطويرها، كما أنذ صور مقبلة على استحقاق الثروة النفطية، ويفترض إنشاء البنى التحتية الضرورية في المدينة لتتحضّر للإستفادة القصوى من هذه الثروة . هذه المدينة من المدن القليلة التي وقفت على أبوابها الحرب الأهلية، وهي تقدّم نموذجاً ليس للعيش المشترك وحسب، إنّما للعيش الواحد بين مختلف مكوّناتها، لذلك نحن مصرّون على استكمال مسار التنمية الذي وضعت المدينة على سكّته منذ سنوات طويلة بتوجيه من الرئيس نبيه بري الذي يوليها أهميّة خاصةً. وإن شاء الله في المستقبل، نستكمل هذا المسار الإنمائي وهدفنا فتح مسارات في المدينة لتنمية مستدامة تتحقّق بالشراكة بين كلّ الأطراف المعنية في القطاعين الخاص والعام، وتشمل كافة القطاعات الزراعية والسياحية والصناعية والنفطية .
• لِمَ تغيب الإختصاصات النوعية عن الجامعة اللبنانية في مدينة صور؟
هذه القضية اطلعت عليها، وإنْ شاء الله سنوليها الإهتمام اللازم بالتعاون مع وزارة التربية ورئاسة الجامعة اللبنانية وبناء على دراسات علمية تتحدّد على أساسها الخطّة اللازمة والمناسبة .
أعتزّ بشهادة أخي
• بيتكم قدّم الشهداء على مذبح الوطن، ماذا تبوح ذاكرتك عن هذا الجانب الإنساني الحميم؟
بيتنا يشبه الكثير من بيوت الجنوب، وعائلتنا تشبه العائلات الجنوبية التي لم تبخل بأبنائها من أجل مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، ومن أجل إرساء معادلات الردع التي تحمي لبنان في أيّامنا هذه. أخي كان شاباً مميّزاً ذكياً مبدعاً إنطلق من مقاعد الجامعة إلى صفوف المقاومة واستشهد دفاعاً عن لبنان. وأنا شخصياً أعتزّ بشهادة أخي، وأعتبر أنّها وسام على صدري، وهي أيضا تُشْعرني بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي، لأنّ المطلوب هو أن نكون في أدائنا السياسي على مستوى التضحيات والدماء التي بذلت من أجل كرامة وعزّة هذا الوطن .
(نشرت هذه المقابلة في مجلّة “محكمة” – العدد 28 – نيسان 2018 – السنة الثالثة)