جـنـبـلاط “يـقـطـع الـحـبـل” بـجـعـجـع: الـحـزب “الـجـار” أوّلاً!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
أيام أو ساعات قليلة تفصل عن اللقاء المرتقب بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ومعاون الأمين العامّ للحزب الحاج حسين خليل ومسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا.
عمليّاً، إشكال صحّيّ بسيط حال دون إتمام اللقاء الأسبوع الماضي.
جنبلاط مستعدّ لقلب الصفحة بعد تواصل غير مباشر بين الطرفين، والحزب يرحّب: “لدينا الكثير من الملفّات للنقاش في شأنها مع زعيم المختارة… والتوضيحات أيضاً”.
من ضمن السياق نفسه بدا لافتاً اللقاء الذي جمع جنبلاط مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس عشية لقاء رئيس الحزب الديموقراطي مع قياديّي الحزب.
اختار زعيم المختارة الإعلان عن هذا التحوّل النوعي في علاقته مع الضاحية من على شاشة “المملكة” الأردنية عبر برنامج “العاشرة”.
من يعرف وليد بيك جيّداً يدرك أنّ حتّى هذا التفصيل “الشكليّ” له دلالاته في سلّم التحوّلات المعتادة لدى الزعيم الدرزي عند المحطّات المفصليّة.
هذه المرّة قالها جنبلاط من دون تكبيد خصومه وحلفائه عناء رصد إحداثيّات المختارة المستجدّة وتعقّب مسار “أنتناته”:
“الولايات المتحدة تحاور إيران “بالواسطة” حول الاتفاق النووي، والسعودية تحاور إيران حول حرب اليمن، ألا يحقّ للحزب التقدّمي الاشتراكي أن يحاور “الجار” الذي هو الحزب حول بعض الأمور، شو هالمنطق هيدا؟”.
لا يسعى جنبلاط إلى التهدئة والمهادنة، كما يقول، بل الحوار وتنظيم الخلاف مع الحزب ، “وسأحاول ضمن إمكانيّاتي، نحن كتلة نيابية صغيرة، والحوار بالطبع لا يشمل فقط الحزب”.
معرباً عن اعتقاده أنّه إذا “لم نتوحّد مع قوى التغيير على برنامج اقتصادي تغييري وبقي كلّ منّا يغنّي على ليلاه ويرشّح من يريد لرئاسة الجمهورية ويعتبر نفسه وصيّاً على الجمهورية، فعلى الدنيا السلام، عندها محور الممانعة سينتصر لأنّه موحّد”.
و”بطريقه” أطاح جنبلاط بحياد البطريركية المارونية الأقرب، كما قال، واعترض على ما وصفها بأنّها “هرطقة سياسية، فالعدوّ الإسرائيلي على أبواب جميع العرب”، قاطعاً الخيط الرفيع مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: “له سياسته ولي سياستي.
لا بدّ من حوار مع الحزب وغيره لبناء دولة قويّة، أما أن يجلس أحدهم في الداخل ويتفلسف ويتمنطق بالقرارات الدولية، فأين هو تطبيق هذه القرارات الدولية.. أنظروا كيف ضاعت فلسطين”.
نـسـخـة جـنـبـلاط الأربـعـيـن:
النسخة “الأربعون” تقريباً من وليد جنبلاط في كتاب انعطافاته السياسية تأتي في ظلّ أكثر من معطى إقليمي ودولي ومحلّي.
هو وليد جنبلاط الذي استعاد زمام السيطرة على الطائفة مجدّداً متسلّحاً بالنصر “النظيف” في صناديق النيابة بعد إجهازه على خصومه في الجبل، وتحديداً “خطر” وئام وهاب و”إزعاج” طلال أرسلان.
يتحرّر جنبلاط تدريجاً أيضاً من “حلفه الثقيل” مع سمير جعجع الذي كان “لزوم” المعركة الانتخابية، الذي باركته السعودية، ويتقرّب أكثر من الحزب واضعاً على الرئيس المقبل للجمهورية شرط تحصّنه ليس فقط ببرنامج إصلاحي…
بل “أن يضع برنامجاً للحوار ولاحقاً أولويّة كيف يمكن استيعاب سلاح الحزب ضمن الهيكلية الدفاعية للدولة”.
لسنا أمام وليد جنبلاط بنسخة مماثلة للبوريفاج 2 آب 2009 بانتقاله الانقلابيّ من حضن 14 آذار إلى الوسط، بل أمام نسخة تشبه لحظة الانخطاف نحو تموضع وسطيّ جديد تفرضه تطوّرات المنطقة.
يقول متابعون لجنبلاط: “بقنوات الاستشعار المصريّة والأردنية قد تكون تكوّنت لدى جنبلاط صورة شاملة عن الستاتيكو الجديد الذي سيكون مفتاحه الأساس في الداخل اللبناني ملفّ النفط وترسيم الحدود البحرية مع العدوّ الإسرائيلي.
ولقناعته على الأرجح أنّ النزاع البحري مع إسرائيل سيُحلّ سلميّاً وليس بلغة الصواريخ”.
حدّد جنبلاط جدول أعمال لقاءاته بمسؤولي الحزب قائلاً: “سنتباحث في بعض القضايا التي لا علاقة لها برئاسة الجمهورية، وذلك لأجل الكهرباء وإنشاء شركة سيادية نفطية كي لا تذهب الثروات في جيوب الخواص”.
كان لافتاً في هذا السياق تحريك رئيس حكومة تصريف الأعمال قنواته “الإعلامية” على كعب التصريح الجنبلاطي متسائلاً:
هل يقبل الحزب بهذا الطرح الذي سيؤدّي إلى إقصاء وزارة الطاقة مستقبلاً عن ملفّ النفط والغاز و”تطويق” النائب جبران باسيل المتمسّك بإدارته لهذ الملفّ؟ ناقلاً عن مصادر مقرّبة من الحزب بأنّ “كلّ فكرة تضمن حقوق لبنان تستحقّ النقاش”.
أجـنـدتـان لـجـنـبـلاط:
إلى ذلك، يوازن جنبلاط بين أجندتين:
1- اقترابه من محور التغييريّين “الذين نعترف بهم وليعترفوا بنا”، مسلّماً، كما يردّد في مجالسه الخاصة، بأنّهم مع القوات والحزب الاشتراكي أسقطوا المحور الإيراني-السوري وأفقدوا الحزب الغالبية النيابية.
وهذه الغالبية لم تكن لتأتي بصديقه نبيه برّي رئيساً لولاية سابعة لولا انضمام بعض النوّاب المستقلّين إلى مجموعة الـ 65.
2- أمّا الأجندة الأهمّ فهو الحوار الذي سيبدأ لتوّه مع الحزب وبوّابته، وفق مطّلعين، اقتصادية إصلاحية تصبّ لاحقاً في مجرى التفاهم المحتمل مع الحزب حول هويّة الرئيس المقبل وتحديد معالم مرحلة ما بعد ميشال عون.
يميل جنبلاط إلى شخصية شبيهة ببروفيل النائب السابق هنري الحلو الذي سبق أن طرح ترشيحه في أولى الجلسات التي دعا إليها برّي لانتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية ميشال سليمان، “مع برنامج إصلاحي واضح ورؤية ماليّة وحيثية تحظى بالاحترام”.
وبين الأجندتين فتّشوا عن “الحماية السياسية” لتيمور جنبلاط.
ثـنـائـيـة الـعريـضـي – بـو فـاعـور
عمليّاً، في نيسان الماضي، وخلال حديث مع المغتربين اللبنانيين، كان جنبلاط مقتنعاً (والأرجح لا يزال كذلك) بأنّ “الحزب لا يؤمن بالحوار، بل بسياسة القتل، ولاحظنا الموضوع من رفيق الحريري إلى لقمان سليم، لكن علينا أن نتعاطى ببرودة أعصاب ونواجه الأمر”.
كان يتردّد كلام جنبلاط بـ”توليفات” مختلفة إبّان الجولات الانتخابية في المناطق على لسان النائب وائل أبو فاعور الذي اتّهم الحزب بشنّ حرب كونية ضدّ الاشتراكي وبالسعي إلى الفتنة.
اليوم يفترض أنّ وائل تراجع إلى الخلف ليتقدّم أكثر إلى الواجهة، انسجاماً مع متطلّبات المرحلة، غازي العريضي.
ببرودة الأعصاب” نفسها سيستقبل جنبلاط قريباً مسؤولي الحزب في دارته في كليمنصو. وفق العارفين، وأوساط الحزب “ترحّب بأيّ لقاء حواري ونقاش هادئ مع أيّ طرف سياسي”.
يُذكر أنّ آخر لقاء بين جنبلاط والحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا سُجّل في حزيران 2018 غداة الانتخابات النيابية، وتوسّعت بعده دائرة الخلاف مع الحزب مجدّداً وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت.
وقد أعلن جنبلاط صراحة عدم قناعته بـ”رواية” الأمين العامّ للحزب السيد ن ص را ل ل ه لِما جرى في المرفأ، متسائلاً: “هل يُعقل أنّ الحزب ليس معه خبر بالشحنة الخطيرة في المرفأ؟”.
واتّهم جنبلاط “النظام السوري بجلب نيترات الأمونيوم إلى لبنان، والتي كان يستخدمها في قصف البلدات والقرى السورية بطائرات الهيليكوبتر”.
معتبراً أنّ “حلف إيران بات يهيمن بشكل كبير على لبنان من خلال أدواته التخريبية وميليشياته الطائفية، عبر سياسة الاغتيالات والتفجيرات التي يقف وراءها ذلك الحلف الإيراني”.
المصدر:مـلاك عـقـيـل “أسـاس مـيـديـا”