لبنان تحوّل إلى دولة فاشلة.. هجوم عنيف من البنك الدولي على القوى السياسية!

 

صدى وادي التيم-لبنانيات/

أظهرت الأحداث التي عصفت في لبنان منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في 17 تشرين الأول 2019 وصولًا إلى يومنا هذا ومرورًا بتفجير المرفأ وأحداث الطيّونة والفراغ الحكومي… أن السلطة السياسية غير قادرة على إدارة البلد بكل أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية. هذا الأمر هو نتاج ردة فعل السياسيين على الأحداث حيث يتبيّن أن لا تخطيط فعلي ولا سياسات عامّة تصبّ في مصلحة المواطن، بل هي خطط هدفها الأول والأخير الاستمرار في السيطرة على الدول ومؤسساتها ومواردها… وشعبها!
تقرير البنك الدولي عن لبنان بعنوان «تمويل بونزي؟» والذي صدر منذ بضعة أيام، يُحمّل السلطة السياسية مسؤولية ما وصل إليه لبنان منذ ثلاثين عامًا إذ يقول حرفيًا: «يُبيّن تقرير مراجعة المالية العامة، أن الكساد المتعمّد كان أيضاً مقصوداً وجرى الإعداد له على مدى الثلاثين عاماً الماضية»، في أعنف هجوم من مؤسسة مالية دولية على طبقة سياسية في بلد!

ويضيف التقرير أن الحكومات المتعاقبة «إنحرفت بشدّة» وعلى نحوٍ مستمر عن سياسة المالية العامة المنهجية المنضبطة، وذلك لخدمة الغرض الأكبر المُتمثل في تعزيز مصالح الاقتصاد السياسي. ولتحقيق ذلك، قامت الحكومات المتعاقبة بمراكمة الديون بما «يتجاوز احتياجات المالية العامة» وتوزيع الدعم والتحويلات من خلال الخدمات العامة «لزيادة ترسيخ النظام الطائفي لتقاسم السلطة».

التقرير وفي هجومه العنيف حمّل القوى السياسية مسؤولية «التجريد المقصود» للدولة من قدرتها على تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيها، وذلك بهدف «ترسيخ الامتيازات العامة والخاصة للرعاة الاقتصاديين الرئيسيين للجمهورية الثانية». وبين التقرير بالأرقام كيف أن أنشطة استيراد النفط، والمولدات الكهربائية، وجمع النفايات، والمدارس الخاصة، والمستشفيات وغيرها من العقود الضخمة المربحة أفادت النخبة من خلال الاستحواذ على موارد الدولة ومكّنت «المجموعات الطائفية من إحكام قبضتها على المواطنين من خلال حلولها مكان الدولة في تقديم هذه الخدمات».

والأهم في تقرير البنك الدولي أنه يوجّه رسالة إلى الشعب اللبناني (الصفحة 3 من التقرير) في سابقة من مؤسسة مالية دولية، تؤكّد على وجوب أن يعرف المواطن اللبناني «كيف ولماذا حدث كل ذلك» داعية المواطن إلى الانخراط «بجدية في عملية إصلاح الاقتصاد الكلي والمالية العامة والإصلاحات القطاعية التي يشدّد عليها البنك الدولي منذ عقود»، ومحذّرة من تداعيات التباطؤ في إجراء هذه الإصلاحات.

هذا التقرير هو إدانة للحكومات المتعاقبة – الوحيدة المسؤولة أمام الدستور – ومن خلفها القوى السياسية التي شكّلت هذه الحكومات. وبالتالي هناك اعتقاد لدى مصدر ديبلوماسي أجنبي أن يكون هذا التقرير كأرضية قانونية لملاحقة قانونية دولية للسياسيين الذين تعاقبوا على الحكم في لبنان كلٌ بحسب مساهمته وموقعه. ويضيف المصدر الديبلوماسي لجريدة «الديار» أن هذا الأمر يبقى رهينة السياسية بحكم أن ملاحقة سياسيين على هذا النطاق الواسع يفرض تعاضدا دوليا ليس متوافرا حتى الساعة. وبسؤالنا عن تداعيات التأخير في ملاحقة هؤلاء وإمكان إفلاتهم من العقاب في حال أتتهم المنية، أجاب الديبلوماسي بالقول إن الأموال باقية لورثتهم وهي ستكون رافعة لمالية الدولة اللبنانية.

المجتمع الدولي يرفض رفضًا قاطعًا إعطاء الحكومة اللبنانية ومؤسساتها – باستثناء الجيش اللبناني – أي قرش طالما لم يكن هناك من إصلاحات. وبالتالي فإن التردّي الحاصل في الواقع الاقتصادي والمعيشي وإضمحلال الخدمات العامة وعجز الدولة عن تأمين أبسط حقوق المواطن، تجّعل لبنان بحكم الأمر الواقع دولة فاشلة، أي أن لبنان سيصل إلى مرحلة لن يكون بمقدوره استيراد حاجاته من المواد الغذائية والأساسية. هذا الأمر يفرض واقعًا جديدًا وهو تدخّل دولي من باب المساعدات الإنسانية والتي بدأت فيها كلٌ من فرنسا والمملكة العربية السعودية من خلال الصندوق المشترك، حيث ستصل المساعدات إلى الشعب اللبناني من خلال الجمعيات غير الحكومية الدولية وبعض الجمعيات المحلّية ذات الثقة (كاريتاس، وجمعية المقاصد…) والجيش اللبناني وبعض المؤسسات الدولية.

المصدر:”الديار”

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!