دكان العم بشير بقلم لينا صياغة

صدى وادي التيم- رأي حر بأقلامكم/

العم البشير رجل مهيب حكيم ذات لحية بيضاء ووجه صبوح  مع نظرات حادة ثاقبة ، لا تستطيع التحديق به مطوّلاً لوقاره وجسارته واتزانه، تتشوّق لسماع كلماته،  كأنها درر تنساب لتضفي بريقاً يُضيئ  به دربك  .

كان يجلس في دكانه الخالية من أيّ سلعة على كرسي من قش يردّ السلام على من يطرحه عليه . أمّا الغريب أنّ دكانه كان مقصوداً من الكثيرين في طلب حكمته باستشارته بشتى الأمور المتعسّرة ، و بعد حين يعودون لشكره على حلّها متأبطين سلّةً من خيرات بساتينهم عربون محبة و تقدير  له .

التقى مرةً العديد ممن أنار لهم سبيلهم وانقلبت احوالهم من العسر الى اليسر ، فراحوا يتسامرون و يتساءلون ما هي الكلمات التي غيّرت حالهم، ‏فتفاجأ  الجميع بأنها الكلمات نفسها للسائلين وهي : ” لا للكذب بأصغر الأمور لأنه يُطفئ نور القلب و العقل و يجعل الظلام في أدق تفاصيل الحياة. نعم للصدق بأصغر الأمور  فهو يُضيئ نور القلب و العقل و يجعل البركة في أدق تفاصيل الحياة “.

عندها قرروا مواجهته، فذهبوا وسألوه :” كيف يجوز أن تكون نفس الكلمات حلاً لكل سائلٍ عندك؟ ” إبتسم العم بشير وردّ على سؤالهم بسؤال آخر :” هل تغيّرت أحوالكم للأفضل ؟ ومن منكم تاه بعد أن عمل بموجب استشارتي ؟ لقد سُميت بشيراً لأبشّركم بما ينفع أنفسكم و يُطهّر سريرتكم من ظلم أنفسكم لأنفسكم . فعليكم بسدق اللّسان لتنجلي الأدران منكم ، أخبروا بعضكم بعضاً ولا تسألوني ثانيةً ، و الأهم لا تكذبوا على أنفسكم قبل الآخرين !”

“قال احدهم : ” كيف يمكن للمرء أن يكذب على نفسه ؟؟اجابه :” و من منكم لم يكذب على نفسه ؟” معظمكم يقترن  بشخص لا يحبّه ، فيعيش طوال عمره دون ضوء قلبه !

ثانياً  – معظمكم يقوم بأعمال لا يحبها الغاية فقط الجري لكسب المال ، فيخسر المتعة والصحة معاً!

ثالثًا – أغلبكم  تصادقون  أناساً لا صدق فيهم مما يؤدي للشعور بالقلق !

رابعاً-  منكم من يأكل و يشرب و يلبس أشياءً و أشياءً دون القناعة بها ،  فيخسر نظارته و بريقه !

خامساً – ” تُسرَفُ أوقات العمر بالتفتيش عن الراحة، والراحة  لا تأتي الاّ بنيل العلم  والمعرفة ، عندها يرحل المرء عن الدنيا بخسارة نفسه!

سادسا ً-  و الأهم، “معظمكم تكرهون من يُصدقكم حقيقتكم ، فتبقون في ظلام جهلكم ! ثمّ ختم كلامه : ” انا اقول ثانية ” عليكم بالصدق في أدقّ التفاصيل” .

بعدها لفَّ عباءته و دخل دكانه موصداً الباب خلفه ، و منذ ذلك الحين غاب عن الناظرين ، لكن وُجدت عبارة محفورة على بابه المغلق بخطٍ عريض ،”سدق اللّسان  منجي الآنام و باب الرضى للرحمن “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى