ملاذ الدفء قراءة تحليلية في لوحة المنزل التراثي تحت الثلج بريشة الرسّام شوقي دلال بقلم الدكتورة بهيّة أحمد الطشم
صدى وادي التيم – فن وثقافة/
هدأت العاصفة بعد أن غمرت الثلوج أرجاء المكان البهيّ ,حيث ألبست المنزل التراثي رداءً ناصع البياض ليتربع على عرش الجمال الفائق.
كل شيء في اللوحة يتكلّم عن البهاء السّاطع,اذ تكتنف الأشجار حنايا البيت الاستثنائي ,وتحتضن بعناية أغصانها الوارفة,حيث الطمأنينة تكرز بالروح,
ولا غرو في ذلك,لأنّ أبرز فلاسفة الجمال قد اعتبروا أنّ الشيء الجميل يخلق عند المتأمّلين مبلغاً هائلاً من التعاطف معه.
لقد عكست اللوحة الفنية معالم لوحة طبيعية لا تنأى البتّة عن أفهوم الألق. وبالرغم من البرد القارس المُتخيّل ,الاّ أنّ العاطفة المتوقدة تكاد تتأجّج في ملاذ الدفء الطافح بسِحر الحكايات المُلازمة لعُمق الشعور بالانتماء الى قلب المكان……….
آه……ما أعمق بحر الذكريات التي تنغمس في زوايا الموطن العاطفي,حيث ترمق عيون النفس بياض القلب المُرهف وتلتمس أنفاس النهار المشتعلة بوهج الأرواح الوفيّة…..
لينعكس عالم الذرات الروحية المفعمة بأوج الذكريات ,ونستذكر بصدد ذلك عالَم مونادولوجيا لايبنتز مُبتكر الذرة الفلسفية (الموناد) ولدُن روحها في عالم الأنطولوجيا.فيكلّل شعاع الحنين المتوقد رؤوس الأمنيات البهيّة.
وبمُوازاة الطريق الى البيت التراثي تتسامق الأشجار العارية,وتمتد فروعها لتُناجي أديم السّماء بلغة السّمو.
وكذلك ترخي لُعبة الظل والنور ذاتها في ثنايا اللوحة,فتنبلج الأنوار في ربوع المكان,سيّما وأنّ الشمس تبسط وشاحها الذّهبي بجمال اخّاذ يُبهر عين الرائي ويسرق عقله بأبهى طريقة.
نعيش التفاصيل السّاحرة في خطوط وألوان الأيقونة: فكم نستهوي المشي في أرجاء المكان على ايقاع الفرح بلقاء أحبائنا تحت السقف لموئل الأطمئنان!
اذاً,لقد تغلّب الثلج على كل شيء في اللوحة الاّ مشاعر الحنين لمرتع الذكريات ابّان الزمن المنصرم,اذ تستيقظ فينا أمنيات الطفولة بهدوء صاخب.
وفي اطار استقراء فسيفساء الألوان :
يتربّع اللون الأبيض على عرش الألق والنقاء,ويتماهى اللون البني بلون الأرض ليعكس عُمق الشعور بالانتماء والتجذّر لحيّز المكان,كذلك ينضوي اللون الأحمر على معاني العطاء الزاخر,ويتوهّج اللون الأصفر بماهية الاشراق.
وفي الخلاصة,نلتمس حكمة سرمديّة ألا وهي:
ما أروع أن نبني صُروح الحُب في أنفسنا ونعيش في كنفها الى أبد الدهور!