سيلفانا اللقيس شكرًا… انتِ الأجرأ!

 

 
 من لا يعرف سيلفانا اللقيس، وهي الناشطة على كل الأصعدة، وفي كل المجالات السياسية والإجتماعية والثقافية. تنتقل من مكان إلى مكان وكأنها فراشة لا تحتاج إلى رِجلين ليوصلاها إلى حيث تقصد، وهي الحاضرة تقريبا في كل المناسبات الإجتماعية، وهي ناشطة مدنيًا، ولها مواقف تتجاوز بأبعادها مواقف كثيرين ممن ليس لهم موقف بالمعنى الحصري للكلمة.

سيلفانا رأت بأم عينيها. حاولت كثيرًا ان تصحّح بقدر ما تستطيع، ولكنها فشلت منفردة في مواجهة من وما لا يمكن مواجهته. قررت الإنسحاب لأنها رفضت أن تكون شاهدة زور حيال محاولات تقزيم عمل الهيئة المفترض بها أن تشرف على الإنتخابات وتجريدها من صلاحياتها المعطاة لها بالقانون، فتبين لها أن ثمة جهات هي فوق القانون وأكبر منه تعمل من تحت طاولة الهيئة لكي تكون إسمىً من دون مسمّى.

سيلفانا إنسحبت قبل فوات الآوان وسجلت موقفًا جاء بمثابة شهادة أمام الرأي العام على أن عمل الهيئة هو قبل الإنتخابات وأثناءها وبعدها سيكون صوريًا، وأن أي تقرير يمكن أن تصدره حيال أي مخالفة، وهي كثيرة، لن يؤخذ به بإعتبار أنه سيكون مادة أساسية لكل من سيتقدم بأي طعن أمام المجلس الدستوري، الذي بدأ البعض منذ الآن محاولة التشكيك بدستوريته، بعد إنتهاء مدة ولايته، علمًا أن القانون الذي على أساسه أنشيء المجلس لحظ أن أعضاء المجلس يستمرون بالقيام بمهامهم الدستورية إلى حين تشكيل مجلس جديد.

فعلتها سيلفانا وقلبت الطاولة على رؤوس الجميع، وهي بذلك تثبت أنها أكثر جرأة من أي واحد منا، مسؤولين وغير مسؤولين، في قول الأمور على حقيقتها غير مغلفة بأوراق التين، التي لم تعد تنفع لتغطية عورات كثيرين منا، ولم تعد بالتالي قادرة على تغطية عجزنا أمام ما نشهده من ممارسات وتجاوزت فضحتها جرأة سيلفانا، واراحتنا بعض الشيء من تأنيب الضمير.

أما في المعاني السياسية لإستقالة سيلفانا اللقيس فيمكن الإستنتاج منذ الآن أن القفز من فوق القانون سيكون أكثر بكثير مما يمكن تصوره، وقد بدأت ملامحه تلوح في الأفق، وبالأخص من قبل الذين يلجأون إلى تزوير الوقائع وتشويهها نتيجة تأزمهم وإستباقًا للنتائج المحتملة، والتي تعكس نبض الشارع خلافًا لكل التوقعات المتعددة الألوان والشعارات التي لم تعد تنفع أصحابها، الذين باتوا في حاجة إلى أكثر مما تفتقت به عبقريتهم ولم يطلع معهم سوى ما يردّ عنهم العين.

سيلفانا تستحقين منا أكثر من مجرد شكر، ولكن هذا الشكر، على تواضعه، لمن هم من أمثالك قد يفي بالغرض، لأنك اثبتّت أنك لا تفتشين إلاّ عما يرضي ضميرك. فشكرًا سيلفانا منا ومن كل لبناني لا يزال يؤمن بأن قيامة الدولة العادلة آتية لا محال حتى ولو طال الإنتظار.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى