عجباً… بقلم لينا صياغة
صدى وادي التيم- رأي حر بأقلامكم/
إستوقفني موقف السيدة ساهرة التي تجلس بين الجمع بهدوء وتردد بين الحين والآخر كلمة عجبا. فقررت محادثتها، لأني شعرت بشيء غريب في شخصيتها المميزة ونظراتها الثاقبة.
ذهبتُ بعد عدة أيامٍ لزيارتها دون موعد مسبق، طرقتُ البابَ وندهتُ بإسمها فإذا بها تفتح شباكًا صغيراً وتقول أهلاً بكِ في منزلي، جلسنا معاً في حديقةٍ صغيرة ممتلئة بأزهار جميلة تشدّ كل مرهفِ حسّ ليستمتع بجمالها و يستنشق عبيرها الفوّاح .
سألتني بعفوية من أنتِ؟
وكيف عرفتِ اسمي؟ نظرت إلى ملامحها الجميلة التي لم تختفي رغم تقدمها بالعمر ، وعرّفتها بنفسي فرحّبت بي ثانية، صارحتها مباشرةً بهدف زيارتي لها وقلت لها :
بأني أعرف أنها تردد كلمة عجباً وأردتُ أن أعرف ماذا تقصد في هذه الكلمة وماذا تخفي وراءها ، خاصةً حين تكون بين جمعٍ غفور ، و الناس تعرفها بأنها سيدة متزنة ورصينة . حينها أجابتني مبتسمةً :”وبكل وقار ، سوف تتعجبين مثلي و ترددين نفس الكلمة .! أجبتها كيف ولماذا؟؟
أجابت: عندما أرى أماً أفنت حياتها وذبل جمالها وخسرت صحتها ، قاست وكدحت في حياتها في سبيل إسعاد عائلتها تبحث عن الحب والاحترام، فإذا بزوجها يهينها لأسخف الأشياء ويصرخ بوجهها يهددها بطلاقها ورميها خارجاً كأنها سلعة يمكن الحصول عليها ساعة يشاء.
كذلك أرى معظم الاولاد لا يبرون بآبائهم ظناً بأنفسهم أنهم الأفهم والأفضل…
أرى الناس تكفر بنعمه وجودهم ويسألون أين الله؟ وهو من أوجدهم!
وعندما أرى نساء مستهترات برسالتهن ويقضين حياتهن تافهات متصنّعات. أعجب من أناس يعيشون في ضباب الجهل ويرفضون العلم والنور .
أعجب من إنسان لا يعرف بوجوب كونه فناناً، إذ يجب أن ينسج لوحات من التفاعلات الإنسانية والطبيعية و أن لا يفقد الحماس في إستسقاء ومضات الأفكار، المتجددة والمبدعة.
أعجب كيف يرحلون عن الدنيا بترك عمل غير مكتمل وأهمها نضج الحياة وحكمتها ؟
وحين سكتت ، شعرت بأنني أخضع لإختبار … لم اشعر بذلك منذ مغادرة مقاعد الدراسة . ثُمّ استودعتها و سرت بعيداً و مع كل خطوة كنت أردّد كلمة حقا عجباً!!!
لينا صياغة