عندما تتكلَّم الأرقام يخرس التنظير الدَيْن 86 مليار دولار بينها 36 بسبب الكهرباء
الهام سعيد فريحة – مقالات مختارة
مؤسفٌ حقًا، ومزرٍ، حين يكون أحد أبناء هذه الأرض فَرِح بالكهرباء منذ أكثر من مئة وخمسين عامًا، ونحن نيأس منها!
الكهرباء عند جيل أواخر القرن الثامن عشر، كانت نعمة. والكهرباء عند بعض جيل القرن الواحد والعشرين، واللبنانيون منهم، هي نقمة.
قبل مئة وخمسين عامًا، أنعم الله على الأميركيين بالعبقري “توماس إديسون” الذي وضع نظام توليد القوة الكهربائية وتوزيعها على المنازل والشركات والمصانع، وقال كلمته الشهيرة “سنجعل الكهرباء رخيصة جدا بحيث أن الأثرياء وحدهم من سيضيئون الشموع”.
أين “أديسون” في لبنان؟
أين العباقرة؟
أين مَن سيجعلون الشعب اللبناني ينسى الشموع؟
أسئلة من دون أجوبة. إنها “أضغاث أحلام”… “أديسون” لن يتكرر، وما علينا سوى التفتيش عن كيفية الخروج من “مذبحة الديون” العالقين فيها… إن الأجيال ستلعن مَن تسبب بعجز المليارات.
وإليكم الأرقام:
الدين العام هو 86 مليار دولار من بينها 36 مليار دولار بسبب الكهرباء أي ما يقارب ثلث العجز.
لن يغفر الشعب لمسببي هذه الكارثة خصوصًا انه بالإمكان تفاديها، سواء من خلال الوفر في المحروقات أو بيع الطاقة بسعر الكلفة وليس تحت سعر الكلفة، ووقف سرقة التيار من خلال منع التعليق، لكن وللأسف: السلطات التنفيذية المتعاقبة لم
تبادر إلى أي خطوة من الخطوات الواجب اتباعها لتخفيف العجز، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، فلو استطاع المعنيون الوصول إلى خطة كهرباء واضحة متكاملة وشفافة، عندها يمكن الحديث عن ايقاف اهم باب من ابواب الهدر الذي يؤثر على الموازنة وعلى مالية الدولة.
حتى ان نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاح لم يتوانَ عن القول: “ان الإصلاحات التي باشرتها الحكومة اللبنانية، وعلى رغم البدء بها فإنها لا ترتقي إلى المستوى المرتقب المطلوب، وهذا ما صارحنا به الحكومة اللبنانية”.
وما لم يقله موفد البنك الدولي علنًا، قاله في الاجتماعات المغلقة حيث شدد على الربط بين خطة الكهرباء، وبين خفض العجز في الموازنة
هذا الإلحاح سيكون البند الاول غداً الثلاثاء في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة خطة الكهرباء التي طرحتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، كما سيكون على جدول اعمال مجلس الوزراء الخميس المقبل بعدما أُرجئت جلسة الاسبوع الفائت بسبب وجود الرئيس سعد الحريري في باريس.
وأحد أسباب العجز في الكهرباء، هو قضية الفيول، فلماذا تُعطى شركات حق الاستيراد في وقت ان الاستيراد يجب ان يكون بين دولة ودولة أي بين لبنان والجزائر وبين لبنان والكويت، فلماذا إدخال شركات، مع ما يعني ذلك من عمولات وغرامات تأخير؟ فالأرقام تبين ان بإمكان لبنان تحقيق وفر يقترب من الـ 400 مليون دولار إذا تمت عملية الاستيراد من دولة إلى دولة. من هنا يُطرَح السؤال: ما هي الشركات المستفيدة؟ ولمصلحة مَن؟
إذا لم تؤخذ كل هذه المعطيات بعين الإعتبار، سنبقى في هذا الوطن الصغير نترحَّم على “توماس أديسون