هل سيأتي الحل في لبنان عبر موجة اغتيالات عندما تتغير قواعد اللعبة؟ بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

ما يجري اليوم على ساحة الشرق الأوسط والخارطة العربية ربما كان مخططاً له ولكن،تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وها نحن أمام خارطة جديدة متجددة وحسابات إقليمية تفرض نفسها في اللحظات الحرجة.

فالبارحة، كلام السيد ن ص ر ا ل ل ه أتى ليقطع الشك باليقين، فكما مُنعت أو امتنعت القوات عن الإستقالة فالرسالة أيضاً باتت واضحة لرئيس التيار الوطني الحر،

ممنوع عليك أنت أيضاً أن تهدد بالإستقالة بطريقة صبيانية، فالسيد حسن يعلم جيداً أن الإتفاق النووي بين إيران وأميركا بات على قاب قوسين وهذه فرصته لتمكين حضوره السياسي على الأقل عبر محركات الرئيس

بري الذي أُعطي الضوء الأخضر وكُلّف ربما بآخر المهمات الصعبة في باعه الطويل على كرسي المجلس، والمهمة هي، جمع الرئيس عون والرئيس المكلف الحريري على طاولة واحدة والخروج بحكومة تنقذ البلد،فإما

الفشل الذريع وإما النجاح والفوز ببطولة تشكيل الحكومات الصعبة في الأزمنة السوداء، وفي مصلحة من يصب هذا الفوز لا أحد يعلم، ولكن نذكركم بما أوردناه سابقاً،أميركا لا تريد الحروب وكذلك أوروبا، فموجة الهجرة

دون حروب فاقت ما تستطيع اوروبا احتماله فكيف اذاً بظل الحروب، فقد تحدثنا عن خريطة إقليمية جديدة تصبح فيها الساحة العراقية واليمنية بحماية إيران فيما تعمل روسيا على ضبط إيقاع الساحة السورية واللبنانية

والفلسطينية كما دوزنة دور ا ل ح ز ب  الذي يمثل مصالح إيران لكنه لا يمثل البعد السياسي لها،والمباحثات السعودية-السورية برعاية مصر أفضت إلى تفاهم متوازن على طريقة إدارة التسوية بعنوانها الكبير في

لبنان،فعودة سوريا إلى لبنان وسبق أن تحدثنا عنها لن تكون بمظهر عسكري بل بعودتها إلى اللعبة الإقليمية كلاعب أساسي بإشراف روسي،فروسيا بحاجة لمن ينطق بلغة الضاد معها في الشؤون اللبنانية

والفلسطينية. الحروب ممنوعة بقرار دولي وإن كان ثمة من يشكك نقول له،الحرب الأخيرة التي اجترعت سمها إسرائيل في فلسطين ونتائجها الكارثية عليها قد أبرمت العقد الجديد.

غير أن أميركا لن ترضى بأن تتدهور مصالح إسرائيل في المنطقة وعليه فإن شكل الحرب الجديدة سيكون اقتصادياً وأمنياً بضرب مصالح حزب الله وحماس، فالتفوق العسكري لإسرائيل لم يعد كافياً بل أصبح من الملّح

تثبيت التفوق الإقتصادي لها حسب رؤية الإدارة الأميركية لذلك.

المجتمع الأوروبي والإدارة الأميركية قد قرفت من نتنياهو الذي لم ينتهج سوى قتل الأطفال وتدمير الأبنية على رؤوس العزل ولقي الفضحية المدوية هذه المرة وخسر في لعبة الإعلام الذي ظهّر كل إجرامه.

بالطبع سينعكس ذلك على رقعتنا الجغرافية عبر استنهاض الإقتصاد وخاصة في لبنان كي تتوقف موجة الهجرة إلى أوروبا وعبر دعم مطلق للجيش من أميركا وفرنسا كي يحاط لبنان أمنياً،وكلام حاكم مصرف لبنان

رياض سلامة،الذي سيسقط من المعادلة،عن الإفراج عن أموال المودعين في آخر حزيران لم يسقط إلهاماً عليه بل هو يتحين حلاً سياسياً بدأ يلوح في الأفق ومعه يأتي بابٌ الخروج لسلامة،

فنحن نعيش شبح أزمة ١٩٨٩ في ليله الحالك لكن مع مزيد من الإنهيار والإفلاس والمجتمع الدولي لا يريد إركاع لبنان لأنه يعلم ببساطة أن هذا يعني أن زمرة النهب والسرقة ستتجذر أكثر وهي إلى الآن لم تتأثر لكن

في الوقت نفسه سيكون هنالك دفعٌ كبير باتجاه إجراء الإنتخابات في موعدها وبقانونٍ جديدٍ لا يسمح لعصابة السرقة هذه من الصعود مجدداً على الكراسي،فمستقبل لبنان سيرتكز على عناصر ثلاثة،الإنتخابات بقانون

جديد مدعومة بجيش قوي ومحصن حاضر لكل الإحتمالات كما أوردنا وإلغاء الترويكا التي رافقتنا على مدى ثلاثين عاماً والتي كرست الكارتيلات وعصابات النهب كشريك أساسي في الحكم وأخيراً تغيير الكثير من

الوجوه التي عهدها لبنان واتسمت بالعار،سيكون الإتكال الدولي على أحزاب جديدة صغيرة متفتحة ويانعة تلقى ردوداً إيجابية داخلياً وخارجياً، فلم يعد مقبولاً أن تجدد زمرة الصفقات والسرقة لنفسها في كل انتخابات.

أما عن إسرائيل التي تريد حصتها بقضمات كبيرة فستلجأ لسيناريو ٢٠٠٦،أي إلى الإغتيالات،وستطيح برؤوس تشكل أمامها عقبة،فالإغتيال الجسدي أقل كلفة عليها من الحرب وموجه أكثر،وهذا هو نهجها من

الأساس،وقد أيقنت أن حربها الأخيرة كبدتها خسائر اقتصادية كبيرة وأنهكت ماليتها بسبب توقف كل المرافق عندها،فمعظمها يُدار بعمال فلسطينيين فما إن توقفوا عن العمل شُلّت إسرائيل بمطاراتها ومرافئها ومرافقها

الحيوية بالإضافة إلى خسائرها الحربية والكلفة العالية للأخطاء العسكرية،فجولة اغتيالات تبدو لها أنسب في هذه اللحظات الإقليمة الشديدة الوقع، وقد تمتد يدها من فلسطين إلى لبنان وسوريا وحتى إلى المخيمات

الفلسطينية،فحذار من الثعلب عندما يتحرك في سواد الليل،منطقتنا تمر بليلٍ قاتمٍ لكن لعبة توزيع الأدوار شارفت على الإنتهاء، فلننتظر قليلاً ونرى من سيأخذ دور البطولة.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى