وبعد الصفعة،إسرائيل تبحث كما دائماً عن الإنتقام،والشعب الفلسطيني يريد السلام بقلم ميشال جبور

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

لا يخفى على أحد الوضع المأزوم لنتنياهو الذي يحاول بين الفينة والأخرى إصطناع المشاكل مع الشعب الفلسطيني كي ينقض عليه معتمداً على التفاوت الكبير في موازين القوى كي يروج لنفسه أنه حامي الإسرائيليين،أسلوبه أصبح مبتذلاً وكل من يهتف له من مستوطنين حاقدين يسيل لعابهم عندما يتيح لهم خطاب نتنياهو المتعجرف والمتغول إقتحام المسجد الأقصى والمقدسات المسيحية والإسلامية ونهب المنازل والإستيلاء عليها بعد طرد الأهالي الفلسطينيين العزل،هذا الحقد المتنامي هو ورقة نتنياهو للسيطرة على قرار الإسرائيليين والبقاء على الكرسي مثله مثل من يدّعون حرصهم على وحدة الصف الفلسطيني فيما تركوا شعبهم ليناضل لوحده بوجه آلة القتل والتدمير الإسرائيلية.
الأحداث الأخيرة في الشيخ جراح فتحت جروحاً كانت قد اندملت على مستوى كل فلسطين بانتظار إنتخابات تأجلت بسبب مخاوف السلطة الحالية من خسارة لم تعد محتملة بل محتمة،فالإسرائيلي الذي لا يريد الحل ويريد طمس حل الدولتين الذي يعود لما بعد حرب ١٩٦٧ وتشريع صفقة القرن لا يعتمد في سعيه إلا على الإنتقام وهذا ما كان جلياً في استخدامه المفرط للقوة بدءاً من سلاح الطيران وإنزال أطنان من القذائف يومياً على القدس وقطاع غزة،مروراً بتدمير الأبراج السكنية والوسائل الإعلامية وصولاً إلى تشجيع المستوطنين على مهاجمة الفلسطينيين وسرقة منازلهم ومن ثم مصادرتها بغية تنفيذ مخطط تهجيري وعنصري مريض،فأين هو هذا السلام الذي يتحدث عنه نتنياهو في المحافل الدولية؟وأين هو السلام الذي يريده بعض الأفرقاء الفلسطينيين الذين ما زالوا يتكئون على أوسلو ١٩٩٣؟
كيف يمكن تحقيق السلام وإحلال العدل عندما يكون عليك أن تتعامل يومياً مع عدو طاغية لا يوفر جهداً في مهاجمة مواطنين عزل،السلام لا يتحقق برغبة طرفٍ واحدٍ، السلام والحل يشكلان بوصلة كل فلسطيني،فيما أصبح من اليقين أن الشغل الشاغل لإسرائيل هو تغذية الأنماط الإنتقامية كي تتنصل من كل حل يوضع على طاولة المفاوضات.
الصرخات التحريرية والإصلاحية انطلقت في أيار ٢٠٢١ من عمق القدس فعمد المحتل إلى قمعها بقوة الحديد والنار كما في كتابه دائماً فأتاه الرد من غزة التي استبسلت وصمدت وعانت من بطشه مرّ البطش ولكن هذه المرة على خلاف المرات السابقات رأى العالم أجمع هبة الفلسطينيين الذي دافعوا عن وجودهم أشرس دفاع مما أحرج إدارة نتنياهو أمام كل الحلفاء وخاصة أميركا التي سارعت إلى استنهاض جهود الشقيقة مصر بعد أن أتى الردع المدوي من كل الفصائل الفلسطينية، وهنا نسأل،هل الحل هو حفظ ماء وجه المحتل كلما ضاقت به الذرائع عند اجتراعه الحروب الإنتقامية والتهجيرية والإستطانية أم الحل هو ببقاء سلطة فلسطينية لم تستطع أن تقدم شيئاً إلى شعبها سوى الهدر والبطالة والتنكر للتضحيات وأي احترام ما زالت القوى العربية تقدمه لها إنما هو نتيجة لإحترام الصوت الفلسطيني الشعبي، نعم، هذه السلطة تقابل المحتل في زيادة الأسى والمصاعب على كاهل الفلسطيني الذي يبحث عن السلام قبل الإنتقام، هذه السلطة التي بات عليها الرحيل هي الأخرى إن كانت فعلاً تريد مصلحة شعبها وتطوره وتطوير قدراته،فيما الإسرائيلي الآن يحضر نفسه بمعاودة عمليات الإعتقال واقتحام المسجد الأقصى من جديد. الذهنية الإنتقامية للمحتل وأرتال المستوطنين الهائجين ما زالت راسخة وإن تلقت إسرائيل الصفعة من هبة فلسطينية قاطبة وقاسمة، فالإسرائيلي ما زال يبحث عن الإنتقام فيما الفلسطيني يضع نصب عينيه السلام قبل أي إنتقام.

المحلل والخبير بالشؤون الفلسطينية ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى