عندما يكون السكوت جريمة والكلام من وطن

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

منذ اللحظة الأولى لتكليف الحريري تشكيل الحكومة عمل الرئيس دياب على الدفع بأتجاه تسهيل ولادتها مؤكدا في كل مواقفه على ضرورة الاسراع بتشكيلها لمواجهة الأزمات المستفحلة التي تتفاقم يوما بعد يوم وبذات الوقت كان يعمل مع حكومته على تجهيز الأرضية للحكومة المقبلة
من خلال المساهمة بمعالجة كافة المسائل الضرورية وبما يتناسب مع صلاحيات حكومة تصريف اعمال وعندما وضعت الحواجز بين بعبدا وبيت الوسط ادار محركاته وحرك الياته الوطنية وعمل على ازالة العوائق والاسلاك الشائكة في محاولة لرأب الصدع وتسهيل ولادة الحكومة فأصطدمت مساعيه بعوائق خارجية لتعود الأمور الى مرحلة الجمود
فما كان منه الا ان انكب على معالجة الملفات المعيشية والحياتية ومواجهة
ازمة كورونا وتطوراتها اليومية غير عابىء بضجيج التصريحات السياسية التي وصلت الى حد الأشتباك السياسي ولكن عندما اراد البعض حرف البوصلة عن مشكلة التأليف والقاء كرة النار في حضن حكومة تصريف الأعمال وتحميلها مسؤولية اتخاذ قرارات مصيرية ليست من ضمن الصلاحيات لم يتهرب من تحمل المسؤولية بل طالب الجهة الداعية الى هذا الأمر بسلوك الطرق التشريعية ومنحه غطاءا دستوريا للأضطلاع بهذه المهام وهو ما لم يتم مع تأكيده الدائم على ان ما يحصل من تجاذبات هو جريمة كبرى بحق الوطن والمواطنين والذي تبين انه اخر هم لدى السياسيين فأثر العمل بصمت بعيدا عن السجالات والمهاترات على أمل
ان يتمكنوا من تذليل العقبات وتسهيل ولادة الحكومة.
وعلى قاعدة أعظم قيمة للسكوت تكون عندما تسكت طويلا حتى تتعرف على الحقائق كلها قبل أن تتحدث ،خرج الرئيس دياب بالأمس ليطلق صرخة تحذيرية انطلاقا من مسؤوليته الوطنية في هذا الظرف الذي يزداد خطورة محذرا من حدوث الأنفجار بعد الأنهيار وبأنه لا يستطيع ان يقف موقف المتفرج وهو يرى السفينة وقد شارفت على الاصطدام بالجبل الجليدي ولا يمكنه تغيير مسارها لأن يداه مكبلتان ولم يعد يملك السلطة لتوجيه طاقمها لمنع او تأجيل الأرتطام وقد ادرك ان هناك من يسعى الى اغراقها وتحميله المسؤولية فكان ان اطلق نداء الاستغاثة قبل وقوع الكارثة ولكن وبما ان من ينتحلون صفة حرس الحدود ما هم الا قراصنة
فقد شوشوا على هذا النداء وترجموه الى لغاتهم المصلحية وبدلا من ان
يحاولوا الدفاع عن انفسهم ازاء تخاذلهم الواضح والصريح انتقلوا فورا الى موقع الهجوم وأقتطعوا من كلامه كلمة الاعتكاف التي اوردها من قبيل
وضع المسدس في الرأس وأوضح انه جاهز له رغم أنه يخالف قناعاته، وأن ذلك قد يعطل الدولة برمتها ويضر اللبنانيين بشدة فتمسكوا بكلمة لا اله وأخفوا كلمة الله وهذا ليس بغريب عليهم وقد امتهنوا تحريف الحقائق على مدى عقود ونجحوا بأساليبهم التضليلية بأستقطاب جماهيرهم المذهبية والتي للأسف باتت من اتباع الوجوه والالقاب لا من اتباع الحقائق
وبالتالي فأن كلام دياب ليس سلعة رائجة في اسواق الجماهير المتعصبة والمعصوبة الأعين برباط المذهبية والحزبية ولا تدرك بأن الأخطاء فقط هي التي تحتاج الى دعم شعبي يغطيها اما الحقائق العارية فتدعم نفسها
ولهذا السبب يتكلم دياب دون ان يملك اي غطاء من اي نوع متسلحا بالحقيقة التي مهما تم تمويهها وأنكارها فستظهر يوما كالشمس في كبد سماء التاريخ ولهذا السبب فقد تقمص الرئيس دياب بالأمس ثوب الطبيب ليقول للمريض بأنه إذا أردت أن تعرف سبب العلة فيجب أن تسلط الضوء القوي على تاريخه حتى تظهر الحقائق واضحة تحت مجهر الماضي
وبأن ما يحصل اليوم من كوارث هو نتاج سياسة هؤلاء المتراكمة الذين يخططون لتنظيف اوساخهم المتراكمة ووضع نفاياتهم في محرقة دياب
فهالهم انه بالأمس فضح مخططهم القذر ودعاهم الى تحمل مسؤولياتهم امام الشعب وجل ما قام به هو ترتيب الحقائق ووضعها امام الرأي العام كما هي وليس كما تعودوا من زعمائهم ادخال الكذبة الى صالونات التجميل المذهبي والحزبي وتقديمها على مسرح السياسة بأنها الحقيقة المطلقة.
تكلم دياب بالأمس بعد صمت طويل عندما ادرك بأن السكوت جريمة والكلام من وطن.
قالها بالأمس دياب ولم يفهمها الكثيرون اللهم اني قد بلغت اللهم فأشهد. .

بقلم المستشار في القانون الدولي الدكتور قاسم حدرج*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!