“فايننشال تايمز”: أمراء حرب حوّلوا لبنان إلى أرض محروقة
صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا لمحرر الشؤون الدولية، ديفيد غاردنر، بمناسبة مرور عام على الاحتجاجات الواسعة التي شهدها لبنان، وأدت إلى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري.
وأوضح غاردنر أن التظاهرات خرجت بالأساس لإسقاط أمراء الحرب، وسلالات الطائفية التي أوصلت البلاد إلى حافة الدمار.
وأصبح لبنان الآن في مرحلة ما بعد الحافة. فالاقتصاد انهار قبل زمن من ظهور مرض كوفيد-19، والحكومة مفلسة وفشلت في تسديد الديون، وكثير من المودعين خسروا تقريبا مدخراتهم في نظام بنكي مغلق عليهم لحوالي عام تقريبا.
وقالت الصحيفة إن المصرفيين والسياسيين المشاركين لهم في بنوكهم أصبحوا أثرياء جدا بسبب الفوائد العالية التي وصلت نسبتها إلى خانتين دفعها لهم البنك المركزي على مدى الخمس سنوات الماضية.
وأحجمت الطبقة السياسية هذا العام عن صفقة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، واشترطت ليس فقط إصلاحات بل تدقيقا قضائيا [في الحسابات] كان سيكشف مخالفات نظامية، بينما انتشر الفقر والجوع، وتقدر الأمم المتحدة أن نصف الشعب يعيشون تحت خط الفقر.
بعد الانفجار
يقول غاردنر إن الانفجار الضخم الذي وقع في ميناء بيروت في 4 آب قلب حتى أكثر الحسابات سخرية. اختبأت النخب السياسية من مدينة عاد لها النشاط بسبب الغضب من إفلاتهم الوقح من العقاب وإهمالهم للمواطنين.
وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارتين للعاصمة المنكوبة لعرض المساعدات الدولية بشرط التغيير الحقيقي. واستهدف بشكل مباشر نظام المحسوبية، وهدد الشخصيات الذين يقودونه بعقوبات شخصية ما لم يذعنوا للإصلاحات (وصندوق النقد الدولي). وارتدت مطالبه عنهم ولا تزال لبنان بلا حكومة.
وأشار غاردنر إلى أن العثرة الرئيسية أمام تشكيل حكومة كان إصرار ا ل ح ز ب وأمل، على تسمية مرشحهما لوزارة المالية. ثم قامت وزارة الخزانة الأميركية الشهر الماضي بفرض عقوبات على وزيرين لبنانيين سابقين. وقد أدرجت واشنطن ا ل ح ز ب لفترة طويلة على قائمة الإرهاب، ولكنها تركت حلفاء الحزب. وكان الهدف الرئيسي علي حسن خليل، وزير المالية السابق – والوريث الواضح لبري في حركة أمل.. “هذا صدم سماسرة السلطة في لبنان وكهرب الأجواء في بيروت مؤقتا”، بحسب قوله.
ترسيم الحدود
أكد غاردنر أن ما حدث بعد ذلك كان سياسة القوة المنهجية: “الكتلة التي نظمها ا ل ح ز ب لعبت بطاقة الخروج من السجن. لم يكن عليها المضي في مطالب ماكرون. وبدلاً من ذلك، وافقت على وساطة أمريكية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي لمحاولة رسم حدود بحرية رغم أنهما لا يزالان من الناحية الفنية في حالة حرب”.
وتابع بأن الرئيس الأمريكي في منافسة صعبة الشهر القادم لإعادة انتخابه والنجاح في هذه الوساطة سيدعم ملفه “المكاسب” لإسرائيل: الاتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس والموافقة على ضم الاحتلال لمرتفعات الجولان السورية و”صفقة القرن” في كانون الثاني/ يناير التي أشارت إلى ضوء أخضر في المحصلة بضم ما يصل إلى ثلث الضفة الغربية المحتلة.
الموازنة النهائية للبنان بعد كل هذه المكائد تبدو قاتمة. والنتيجة هي أن أحد النشاطات القليلة الصاخبة في بيروت هي عمليات النق.
فبعد العيش لعقود من الحرب والاحتلال والقصف والاغتيالات، فيبدو أن لبنان في المحصلة سوف ينزف دم الحياة على شكل هجرة جماعية للأطباء والمحامين والمدرسين والأكاديميين والمهندسين والمصممين.
المصدر: فايننشال تايمز