إلى أمين الجميل، رسالة ودعوة كتائبية تاريخية بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

الكتائب لم تكن يوماً شخصاً ولم تكن الكتائب يوماً مجرد حالة، فمنذ العاشر من كانون الأول سنة ١٩٣٧ وضع الأب المؤسس بيار الجميل مع رفاق له أمثال شارل حلو وجورج نقاش وغيرهم من معاصريه أُسس أعرق أحزاب لبنان،

كتائب فتيان أصبحوا رجال عز صنعوا التاريخ ومن بينهم انبثق الأبطال بكل عنفوان وعمق التضحيات. من صلب الكتائب صعد بشير، قائداً ورمزاً ورئيساً شهيداً في حلم سرقه منا زمن العواصف السوداء، لكن الكتائب ورغم كل المآسي وكل الأزمنة الكالحة كانت تستمر، كانت تناضل وتستمر، لأن الكتائب هي مفهوم وعقيدة ومعادلة لبنانية لا يغلبها أحد، لأن الكتائب هي مناقبية وتكامل وفكر وتخطيط ونهج لا يستطيع أحد أن يفككه، مع الكتائب انطلقت أفواج الرجال وكانت للبنان حرساً لسيادته واستقلاله وديمومته.
أما اليوم، فنحن نعيش في حالة فراغ كبير، الساحة المسيحية خالية من الصوت الصارخ الذي لطالما كانت الكتائب تعليه،الوضع المسيحي في هبوط وانحدار سريع، فكل المؤشرات توحي بأن الحالة المسيحية المشرقة ذاهبة إلى الإبتلاع، والإنهيار سيفكك كل الأحزاب المسيحية، فالتيار الوطني في وضعٍ لا يُحسد عليه في خيارات لم يجبره أحد عليها والقوات لم تعد تستقطب ولن تستطيع لم شمل ما خربته التطاولات على إرث الشهادة والإستبسال لأجل لبنان ال١٠٤٥٢ كلم٢.الناس كرهت أحزاب المحاصصة والتعاطي بالمصالح الفردية لكنها ما زالت ترى في قدامى الكتائب نواة فخر واعتزاز فالكتائب هي الحزب الوحيد الذي تجرأ على التغريد خارج سرب الذين تكافلوا على نهب الخزينة وتجيير مقدرات الوطن خدمة لمصالحهم الشخصية، وما زالت الناس تنظر بعين الشوق إلى تاريخ الكتائب الذي تبقى أخطاؤه قليلة وهي الوحيدة التي لم تدفع بلبنان إلى آتون الإنهيار. لبنان اليوم بحاجة إلى موقف تاريخي يضع حداً للفساد الذي سئمت منه الناس والذي ضرب كل مفصل في الدولة إلى أن إهترأت كل مقومات العيش، اليوم وأكثر من أي يوم مضى لبنان بحاجة إلى ثورة في النفوس وإلى من يعيد إحياء العنفوان والإرادة عند كل لبناني مناضل ومكافح ومتمسك بلبنان أرزة أبية، لبنان اليوم بحاجة للكتائب بيرقاً لكي تقلب الموازين كما فعلت، بحاجة للقرار الحاسم الذي أرسته الكتائب تاريخياً كلما داهم الخطر لبنان،فلبنان اليوم يئن وجعاً وأرزتنا تحتضر وأوراق استقلالنا تتساقط في خريف عفن يسيطر ويسدل شروره على كل شبر في الوطن.
لكن، ولكن ودائماً وأبداً، ما زالت الكتائب تملك من الزخر رجالاً مغيبين بسبب تضحيات منسية وجفاء ولّده الإبتعاد وأحلام محبوسة في الفكر وجهود وإرادات اندثرت في غياهب النسيان، فالكتائب لها بيت في كل قرية ومدينة وشارع، والكتائب لها من الرجال ما يكفي لقيامة لبنان وإنقاذه،رجال كتائبيين راسخون في العقيدة وأكثرهم في الخارج من الداخل مبعدين، يعيشون في جاليات لبنانية أشرقت نجاحاً في كل دول العالم، فلنعيد رجالنا ورفاقنا ولنعيد الناس إلينا فما زال لدينا رصيد كافٍ في قلوبهم ومحبتهم لم تنكفئ يوماً بل ضعضعها القهر، فلنعيد الدفء لبيوت الكتائب ونعيد لم شمل الكتائب بحرسها القديم في مجلس شيوخ ركيزة دعم ورفد للكتائب الشابة، مجلس من رجال قدماء، قدماء كالصخور ثابتون كالجبال وما زالوا على إيمانهم من خامة الرفاق لويس أبو شرف وإدمون رزق وجوزف الهاشم وجورج سعادة ومنير الحاج وإنطوان معربس وإلياس ربابة وإنطوان جزار والكثير من تلك القامات الشاهقة من القيادات لنكون على مثالهم وعلى مثال تضحيات الكثير من القدامى الذين ما زالوا موجودون لخدمة لبنان، وأنت يا شيخ أمين على رأس المجلس، ولندعو كل رفيق كتائبي في كل أصقاع العالم لنجدة لبنان المنهوب والمسروق ولنجمعهم في مجلس ٍ سيادي يضم شيوخ الكتائب بقرار ثابت وحيثية تحرك مستقلة تحت سقف قانون مجلسي ودستوري كتائبي مهمته وضع تصور لإنقاذ لبنان على خريطة واسعة تنطلق من أصغر التفاصيل في السياسة والإقتصاد ليتبلور منها نهج متجدد في التعاطي مع الأزمة اللبنانية ،هذا المجلس الذي ننادي به سينبعث من عمق وصميم عقيدة الكتائب التاريخية ليأخذ دوره الريادي في خطة إنقاذ لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً وبتوحيد الجهود وبالتنسيق مع شباب الكتائب الجدد، خبرة الشيوخ سترفع من نجاح الكتائب في التنفيذ ومعالجة المشاكل الطارئة على لبنان الوطن والدولة، لنتخلى عن الأنا ونتنازل رفاقاً لبعضنا البعض وننبذ كل ما سبب ببعدنا عن بعض ولنضع جانباً كل المماحكات والمشاكل ولنتغاضى عن الصغائر فلا أحد أكبر من الوطن ولنعيد دور الكتائب التاريخي في صون الوطن وصناعة الدولة ، ولنعد في كادر رفيع المستوى كما عاهدنا الناس، مجلس من صقور وصخور قادرون على خلق المساحة السياسية والنهضة الفكرية والحزبية والتأسيسية وملتزمون لتعبيد الطريق أمام الكتائب الشابة كي ننقذ لبنان، فتعود الكتائب قيادية من جديد وملاذاً لكل اللبنانيين وبيتاً لكل ثائر على الواقع المرير الذي وصلنا إليه من فساد تفشى يوم أُبعدت الكتائب وتنكر لها كل من انغمس في الصفقات والتلزيمات على حساب لبنان إلى أن إنفجرت بيروت التي دفعنا أثماناً باهظة من فلذات أكبادنا كي نحافظ عليها أبية وحرة فأدماها الفاسدون بدناوتهم وحقارتهم.
اليوم وأكثر من أي يوم، أصبحت الكتائب الحضن الضروري لكل اللبنانيين وهي الوحيدة التي ستستطيع الإنطلاق من تاريخها المنزه من الفساد لكي تعيد للبنان أمجاده، ليكن لبنان كما كان بالنسبة إلينا دوماً، خطاً أحمر في الشرق لم ولن تقوى عليه قوى الظلام مهما تعاظمت في ظلاميتها، الكتائب في وجهها ستقف نبراساً يضيء الأرزة من جديد.

 

ميشال جبور العضو السابق في المكتب السياسي للكتائب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى