الغزو الإسرائيلي للبنان.. هل دقت ساعة الصفر؟
صدى وادي التيم–لبنانيات/
ذكرت صحيفة “The Atlantic” الأميركية أنه “رغم أن قسماً كبيراً من العالم يتنفس الصعداء لأن إيران وإسرائيل تبدوان غير راغبتين في المضي قدماً في تبادل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة، وهو ما قد يؤدي إلى إغراق الشرق الأوسط في حرب أوسع نطاقاً، فإن خطر التصعيد الآخر لم ينته بعد. وبدلا من ذلك، تحول القلق إلى هجوم إسرائيلي محتمل ضد حزب الله في لبنان، وقد هددت إسرائيل بذلك، ويخشى المسؤولون الأميركيون وآخرون في المنطقة أن تكون مثل هذه الخطة قيد الإعداد منذ أشهر”.
وبحسب الصحيفة، “بالنسبة للصقور الإسرائيليين، فإن توجيه ضربة كبرى ضد حزب الله لم يكن يبدو أكثر ملاءمة من أي وقت مضى، لكن واشنطن تخشى هذا الاحتمال لأن التوجيه الرئيسي للسياسة الأميركية بشأن حرب غزة كان احتواء الصراع، وخاصة في ما يتعلق بلبنان. ويتمثل قلق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أن الهجوم الإسرائيلي الشامل على لبنان قد يؤدي في نهاية المطاف إلى جر الولايات المتحدة وإيران ليس فقط إلى حريق إقليمي بل إلى مواجهة مباشرة. وفي الواقع، تخشى واشنطن أن يكون هذا السيناريو هو ما يريده بعض القادة الإسرائيليين: فقد حث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لسنوات على توجيه ضربات أميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكنه فشل في ذلك”.
وتابعت الصحيفة، “من الممكن أن تشن إسرائيل هجوماً قوياً على حزب الله، على أمل إلحاق الضرر وإذلال أقوى خصم مباشر لها، ثم تنسحب بعد ذلك إلى منطقة عازلة جديدة. إن مثل هذه الحملة مغرية بشكل خاص بعد صدمة الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول، لأن لبنان يبدو وكأنه يقدم الوعد بانتصار سريع وحاسم قادر على إعادة العالم إلى المسار الصحيح بالنسبة للإسرائيليين الذين تعرضوا لصدمة شديدة. ولكن الافتراض بأن مثل هذا الغزو من شأنه أن يعزز شعور إسرائيل بالقوة والأمن قد يتبين أنه حماقة مدمرة. واعتمدت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها إدارة بايدن لإدارة هذه الأزمة بشكل أساسي على شخصيات ذات ثقل مثل مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان. فقد ركزوا على أبرز القضايا المتعلقة بالرهائن، والمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وواصلوا المفاوضات غير المباشرة المعقدة بين إسرائيل وحماس. ولكن الدور الحاسم قد يقع الآن على عاتق آموس هوكشتاين للتوصل إلى تفاهم بين حزب الله وإسرائيل من شأنه أن يمنع الأعمال العدائية المكثفة، وهو يعمل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإيجاد مثل هذه الصيغة”.
وأضافت الصحيفة، “إن مهمة هوكشتاين تشكل تحدياً كبيراً. على مدى أشهر، حاول دون جدوى تحقيق انسحاب محدود لقوة “الرضوان” التابعة لحزب الله إلى حوالي خمسة أميال داخل لبنان.وكانت إسرائيل تطالب بانسحابها إلى أكثر من 20 ميلاً إلى محيط نهر الليطاني، لكن حزب الله رفض بشكل قاطع فكرة إعادة الانتشار من معقله في الجنوب اللبناني، وبرر الحزب موقفه من خلال ادعاء أنه يحمي جنوب لبنان من إسرائيل ويحاول تحرير المناطق الصغيرة التي لا تزال محتلة من قبل خصومه. ومنذ بداية حرب غزة، أوضح حزب الله أنه لا يسعى إلى حرب أوسع نطاقا مع إسرائيل. وقد يواجه حزب الله ردة فعل عنيفة، بما في ذلك داخل قاعدته الانتخابية الشيعية، إذا قام بجر البلاد إلى صراع مدمر لا طائل من ورائه. كما وتحتاج طهران إلى ضمان بقاء القدرة العسكرية لحزب الله سليمة حتى تتمكن من الاستمرار في العمل كرادع ضد الهجمات الإسرائيلية أو الأميركية على إيران نفسها، وخاصة منشآتها النووية”.
وتابعت الصحيفة، “لدى القادة الإسرائيليين حافز آخر. إن الافتقار إلى الوضوح بشأن نهاية اللعبة في غزة، وما قد يبدو عليه النصر الذي لا جدال فيه، يجعل احتمال شن حملة سريعة وحاسمة ضد حزب الله أكثر جاذبية. فالحزب يشكل قوة تقليدية أكبر بكثير من حماس، ويزعم بعض الإسرائيليين أن إلحاق الخسائر وإضعاف الآلة العسكرية لحزب الله أمر قابل للقياس بسهولة، وهو ما من شأنه أن يوفر دفعة سريعة ومطلوبة للمعنويات الوطنية المنهكة في إسرائيل. ويقولون إن إهانة الوكيل الإيراني الهائل وردعه وإذلاله، على المدى الطويل، أكثر أهمية لأمن إسرائيل القومي من تحييد حماس“.
وختمت الصحيفة، “عدم نشوب حرب بين الطرفين يعتمد بشكل كبير على دبلوماسية هوكشتاين للتوسط في تفاهم بين حزب الله وإسرائيل، وإذا فشلت هذه الجهود، فقد يكون بايدن هو الشخص الوحيد الذي لديه أي فرصة لإنقاذ لبنان وإسرائيل من صراع كارثي يمكن تجنبه”.