حسن نجيب غازي.. إسم يؤنس البراءة بقلم وهبي ابو فاعور

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /

إن ترداد الإسم يوحي بالصدق والثقة والهناءة، صقر من صقور عين عطا الغالية، غادرها باكراً في ربيع شبابه يكد ويجهد بأبوة مكتنزة حباً وجهداً وطموحاً وأملاً، يحمل في جناحه الأول بركة من سيدنا الشيخ الفاضل قدّس الله سرّه معطوفاً على تسامح ووداعة كنيسة مار الياس الحي، أما جناحه الآخر فمثقل بحكمة مثلثة الأبعاد للمعلّم كمال جنبلاط:
إن ا لحياة إنتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء

لم تجمعنا زمالة في الدراسة أو العمل بل جمعنا ما هو خيار وقدر، جمعتنا جيرة وجهد مباركين في أعتق مرابع المجد في مختارة آل جنبلاط العامرة بالأصالة، كنّا نؤدي سويةً كما الكثير من المجاهدين خدمةً إلزامية ولكنها طوعية الخاطر والرغبة في كنف الراية العربية الوطنية أواخر سنة 1983، يومها كان النضال يهدف إلى غايتين عميقتين كعمق التاريخ الأولى : كبح ومجابهة مشروع ا لمغرورين وصبية الوجبات السريعة بنزع العباءة العربية الفل س ط ينية عن كتفي شهيد ف لس ط ين والعدالة المعلّم كمال جنبلاط إستقواء بالأعداء الصهاينة والأكثر إيلاماً معاقبة مؤيدي المعلّم على خياراتهم الصادقة بنصرة الحق العربي في القدس الشريف، أمّا الثانية فهي إقتلاع رموز الكرامة من الجبل ورميها في غياهب الهجرة والتهجير والإبعاد أو الإذلال وسحق الكرامات، حيث إصطنعوا لذلك الأبواق والإعلام والخرافات ودوائر المخابرات وعوامل الفتنة من مختلف الجهات الداخلية والمحيطة بلبنان…
وفشلوا وانتصر الحق…

أمّا الردّ على هذه المغامرات فكان التواضع والحد من الخسائر والإفادة من بوادر التلاقي والمصالحة وتأمين الكرامة لكل الناس بتأمين حاجاتها ومعالجة أزماتها وما أشبه اليوم بالبارحة !!!!

كان الردّ لبنانياً وعربياً إسلامياً ومسيحياً حيث كانت مختارة وليد جنبلاط ليس بيتاً للضيافة والأمان بل معقلاً للحكماء والكبار فمع سماحة المغفور له الشيخ محمد أبوشقرا كانت تتشابك الأيدي وتتحاور العقول مع الشيخ محمد على الجوزو والسادة العلماء محمد حسن الأمين وعلى الأمين وهاني فحص رسلاً لدار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أما في الفريق الآخر فما أن يهم الرئيس وليد جنبلاط لجلسة حوار مع المرحوم الرئيس كميل شمعون في دير القمر بعد إجلاء المقاتلين عنها باحتضان الأبرياء فيها حتى يحمل في قلبه وعقله تحيات من لم يرافقوه إلى اللقاء تحت عنوان لبناني صادق وصريح يُختصر في عبارة المرحوم فؤاد الزعر ميري كريسمس يا فخامة الرئيس !!!

فيما الكل يعمل في رحاب بيت الشعب كمثل خلية النحل بتواضع المنتصر حيث تمتلئ صالونات الدار وباحاتها بقيادات العمل الوطني حينذاك فهذا الرئيس وليد جنبلاط لا يقبل مستقبلاً للمرحوم محسن إبراهيم إلّاه على المدخل ومعه الرفيق غازي العريضي ومحفظة أسرار بيروت بأركانها وسفاراتها وابتسامة المرحوم فؤاد سلمان وفؤاد شبقلو وسواهم، أما الرفيق أنور الفطايري فلا تراه إلا متأبطاً ذراع القائد جورج حاوي والعزيز الياس عطا الله وثلة القيادات الوسطى من رفاق الدم والتقدم. فيما تتطاير حرارة النقاش في ساحة البركة بين المرحومين عادل سيور وظاهر غندور وداود حامد والمقدّم الشريف والشيخ علي زين الدين وأنطوان الأشقر ونجيب الكك ولائحة طويلة من ذوي الباع في العطاء والقيم والأخلاق التي تكبر صفحات المجد بهم فيما الهمس يترجم أفكاراً بين الرفيق جوزف القزي وجورج ديب نعمة، أمّا الرفيق هشام فلا تسمع له صوتاً فهو يسترق أخبار العلمانييين والوسطيين من د. سهيل القش ولا يُنسى في هذه العجالة الحوار العميق بين العزيزين العميد حرب وعلاء ترّو أطال الله بعمرهما حول التحصين في الحجر أم في صدور المقاتلين الشرفاء… فيما تتوارد أخبار الجنوب المحتل من بوابة باتر وحراسها ونتاج التشاور مع رمزها المعتدل المرحوم جان عزيز الجزيني الصامد في رحابها رغم محنة الإحتلال،
في هذا الجو من الوفاء والصدق والجهد عرفت الرفيق حسن غازي بشير خير وشفافية في إدارة مدنية تضمد الجراح وتمسح دموع الفقراء وتشد أزر المحتاجين وهي تحمل في عنقها وصايا الأحباء الذين إفتدونا بأرواحهم وبذلوا حياتهم لنبقى ويبقى الجبل عربياً أعني بهم رفاقي شهداء جيش التحرير الشعبي – قوات الشهيد كمال جنبلاط.

وممّا لا يُنسى مفاجآت المرحوم الرفيق حسن غازي لصباحات تلك الأيام لإرتشاف القهوة عند المرحوم عادل والحلقة مكتملة مع د. غندور د. طعمة ود. خليل والشيخ حسن والشيخ خالد من مناضلي تلك المرحلة، أن يفرغ جعبته بالأخبار السارة تنبئ بوصول متطوعين جدد من حاصبيا وراشيا ومن الأعزاء جنود اللواء الحادي عشر سيتوزعون على المحاور للتبديل فيما منزل السيدة فيكتوريا لم يعد ليتسع لاستقبالهم، أما فيما خص سيارات التموين فقد وصل كذا من السيارات تنقل خبز الصاج إلى القرى المحاصرة ومراكز التموين أما ما كان مؤلماً من الأخبار فصياغته: إن إرادة الله قد نفذت !!! ولا تتجرأ على سؤاله عن مصدر أخباره لأنه في طريقه إلينا إلتقى الرفيق جلال ريدان والشيخ فوزات العرم أمناء الحرس والحماية والكرامة…

رفيقي حسن سنفتقدك رمزاً للقيم والأخلاق والتضحية وأنت المؤتمن كنت على إرث أهل طيبين وضيعة عريقة في العطاء، وستبقى في البال والتاريخ عزيزاً حتى يوم الدين، رحمك الله

وهبي ابو فاعور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى