ما لا تعرفونه عن معركة بيادر العدس ( بقلم سعيد معلاوي )

 

 

في العاشر من حزيران من العام 1982 وقعت أوسع مواجهة عسكرية بين الجيش السوري وحلفاؤه في المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية من جهة وبين الجيش الاسرائيلي من جهة أخرى في منطقة بيادر العدس وسط البقع الغربي مع بدايات الاجتياح الاسرائيلي للأراضي اللبنانية وكانت المواجهة العسكرية الأولى وجها لوجه بين الجيشين بمختلف أنواع الاسلحة الجوية والأرضية وصولا حتى السلاح الأبيض , مما أسفر عن خسائر جسيمة بشرية ومادية في صفوف العدو لم يكن يتصورها ,

وفي التفاصيل : إن رتلا من دبابات الميركافا الاسرائيلية المتطورة من طراز ت72 توغل مع بداية ليل التاسع من حزيران من ذاك العام تحت جنح الظلام انطلاقا من سهل الرفيد باتجاه الشمال ليصل أولا الى مثلث كامد اللوز ويستمر في تقدمه حتى بيادر العدس وما بعد هذه البيادر دون أن تدرك هذه القوة المؤللة أنها ظلت الطريق ودخلت في دائرة الخطر المباشر عليها حيث الجيش السوري وحلفائه كانوا يتمركزون فوق تلك البقعة من الأرض وفي قرار ذكي أفسحوا في المجال لهذه القوة المدرعة الاسرائيلية بالتقدم حتى وصلت الى أطراف بلدة المنارة , ولما أدركت أنها تجاوزت الخط الأحمر المرسوم لها حاولت العودة باتجاه سهل الرفيد جنوبا الا أن الجيش السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية أطبقوا عليها من كل الجهات وكادوا أن يبيدوها بالكامل لولا تدخل الطيران الحربي المعادي بشكل متواصل والقصف المدفعي والصاروخي الذي كان ينطلق من المرابض الاسرائيلية المستحدثة داخل الأراضي اللبنانية باتجاه ساحة المعركة التي تركزت عند بيادر العدس بشكل أساسي وكان للسلاح الأبيض دوره في مواجهة جنود العدو , مما دفع بالعشرات منهم الى ترك آلياتهم المدرعة تحترق والهرب باتجاه مثلث كامد اللوز وهم يستغيثون بعد أن نال منهم النعس والتعب والخوف والجوع , هذا الوضع تتطلب من رئيس الأركان الاسرائيلي الجنرال رافائيل ايتان آنذاك الذي كان يدير المعركة من غرفة عمليات ميدانية أقيمت عند مثلث كفرمشكي الا أن يدفع بكتيبة مدرعة اضافية مشكلة من أكثر من خمسون دبابة باتجاه بيادر العدس لانقاذ قواته التي وقعت في الفخ السوري ,

وتمكن بعد جهد جهيد تأمين الغطاء لها للانسحاب جنوبا وهي تجرجر ذيول الخيبة بعد أن منيت بخسائر بشرية ومادية فادحة لا تقل عن خمسون قتيلا ومئات الجرحى اضافة الى ترك خمسة جثث لعسكريين اسرائيليين في أرض المعركة سحبها الجيش السوري والمقاومة الفلسطينية وتدمير ثمان دبابات تم نقلها بواسطة شاحنات كبيرة الى الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل تحليق متواصل للطيران الحربي المعادي في أجواء المنطقة ورغم ذلك وفي ظل هذا الضغط العسكري الاسرائيلي فان الجيش السوري تمكن من السيطرة على ثلاث دبابات ميركافا متطورة نقلها الى دمشق وقد عرضت احداها في معرض دمشق الدولي في مرحلى لاحقة , وقد استعاد الاسرائيليون جثث ثلاقة عسكريين لهم في عمليات تبادل سابقة وبقي هناك جثتين في مكان مجهول ,

ويبقى أن عملية بيادر العدس كانت من أهم المواجهات مع الجيش الاسرائيلي وأكثر ايلاما له خلال اجتياحه للأراضي اللبنانية في العام 1982 , وبعد انسحابهم الى الخطوط الخلفية عقد الجنود الاسرائيليون الذين نجوا من الموت حلقات الرقص والاناشيد عند الخطوط الخلفية .

سعيد معلاوي – جريدة البناء

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى