فقدان الأدوية يفتح الأبواب على السوق السوداء والمريض يدفع الثمن
صدى وادي التيم – لبنانيات /
العدوان الاسرائيلي المتواصل على غزة، الى جانب عيد الفطر المبارك، خطفا حيزاً من اهتمام اللبنانيين بمتابعة تفاصيل ازماتهم
اليومية الاقتصادية والمعيشية، مع بدء العدّ العكسي لرفع الدعم عن كثير من المواد، فعاد الدواء والغذاء والغلاء والظلام وتقنين
المحروقات، ليشغل بالهم في ظلّ غياب اي أفق للحلول وبعد فشل “المساعي الحميدة” لتشكيل الحكومة العتيدة.
جديد الأزمات المكرّرة فقدان الادوية، ودقّ نقيب الصيادلة غسان الأمين ناقوس الخطر من اضطرار الصيدليات إلى الإقفال قسراً. غاب
الصيادلة عن السمع، يتردّد على شفاههم جواب واحد “مقطوع” او “مفقود”،
في اشارة الى عدم تسليم الشركات له، مع الحديث عن
سعر الصرف من 1500 الى 3900، ما يجعل اسعار الادوية تتضاعف دفعة واحدة ثلاث مرات على الاقل عن السابق، ومعها اختفت
غالبية الادوية وخاصة المزمنة من السكري والضغط والقلب والسيلان والدهن وسواها، وبات المريض يصارع مراراً للحصول على
علبة منه، فإنعدام القدرة الشرائية أفقدت الفقراء القدرة على شراء اكثر من حاجتهم الشهرية في معادلة التوازن بين تأمين الدواء
والغذاء شهرياً.
ويقول الصيدلي الصيداوي هاني الجردلي لـ”نداء الوطن”: “إن سبب فقدان الادوية المعلن هو عدم تسليم شركات الادوية بحجج كثيرة،
واذا سلّم بعضها يكون بكمّيات قليلة جداً ولا تكفي لايام قليلة، اما السبب الحقيقي فهو انتظار رفع الدعم للمحافظة على رأس المال”،
مؤكداً “ان اي صيدلي اذا باع مثلاً عشر علب ادوية على السعر المدعوم، فإن ثمنها لا يكفي لشراء علبة واحدة في حال رفع الدعم،
وهكذا دواليك، الشركات تحرص على عدم التسليم او بكميات قليلة جداً”، مؤكداً “ان معالجة المشكلة ليست جزئية ولا تتعلق بالادوية
والشركات والصيدليات ونحن الحلقة الاضعف، وانما بمعالجة مشاكل البلد ككل واولها تشكيل حكومة ومعالجة الازمات الاقتصادية
والمعيشية واستعادة الثقة بالليرة اللبنانية”.
واوضح الجردلي ان مشاورات ضمنية جرت بين الصيادلة من اجل بحث الازمة وكيفية التعامل معها،
وقال: “للأسف وصلنا الى نتيجة
سلبية، صوتنا لا يسمع، وعندما اقفلنا واضربنا لم يزيدوا سوى الف وخمسمئة ليرة لبنانية وهي لا تسمن ولا تغني من جوع. انها المرة
الاولى التي يشعر بها كثير من الصيادلة انهم مهدّدون بالافلاس والاقفال وخسارة رأس المال”.
هذه الصورة القاتمة دفعت غالبية الصيدليات الى الحفاظ على ما تبقّى من مخزونها،
ولكنها فتحت الابواب باكراً على ثلاثة احتمالات:
سوق سوداء موازية عبر تأمين الادوية المفقودة بسعر مضاعف، او الدواء المهرّب أو المزوّر الذي سيكون بمثابة سمّ للمرضى، وفق ما يقول الحاج محمود نسب لـ”نداء الوطن”: “جلت على كل الصيدليات ولم أجد دواء السكري الخاص بي، لقد نفد منذ ايام مع بداية
الشهر والخيارات امامي محدودة، او الاستغناء عنه وأمري الى الله، او تبديله بنوع أغلى اذا وجد، ما يكبّدني المزيد من الاعباء المالية
في ظل الازمة المعيشية الخانقة”.
وفي ظاهرة لافتة لم تكن من قبل، وبما يشبه النداءات العاجلة، بدأ ناشطون بالنشر على مجموعات “الواتساب” ومواقع التواصل
الاجتماعي صوراً لأدوية يؤكدون فيها ان مرضى بحاجة ماسة لها ولم تتوفر لهم، ولا يمكن الاستغناء عنها او تبديلها، في محاولة لتأمينها باقصى سرعة، فيما تفاقمت ازمة البنزين واقفلت معظم المحطات وفتح بعضها، ولكن اكتفى بتعبئة خزان السيارات بعشرين الف ليرة لبنانية فقط.