“تَحقيقاتُ المَرفأ… مفاجآتٌ بالجملة”
صدى وادي التيم – لبنانيات
نشر “ليبانون ديبايت” مقالا بعنوان “تَحقيقاتُ المَرفأ… مفاجآتٌ بالجملة” لميشال نصر جاء فيه:
مرّ شهر على جريمة الرابع من آب دون أن يتغيّر شيئاً في المشهد، لولا تحوّل كلب تشيلي الهوية الى بطل لبناني، رسمَ أملاً يكاد يكون سراباً، وسط استمرار البحث عن مفقودين. فالدولة بملح كذبها غارقة، بعدما تحوّلت وعودها الى محض كلام، أما الناس ففي رحلة مآتم تكاد لا تنتهي يوماً بعد يوم، فيما زوارنا الاجانب يتضامنون مع المنكوبين.
وسط كل ذلك تراجع اهتمام الشعب اللبناني بمجريات التحقيق الذي وعدوا بصورة مبدئية به بعد خمسة ايام، لتمرّ “الخمسات” الواحدة بعد الاخرى، دون اهتمام او مبالاة، مع “زهق” وقرف الكل من كل أشكال التحقيق دولي كان أم محلي، والتسليم بمشيئة الله وعدله.
غير انه وسط هذه الصورة القاتمة، عشية مخاوف اهالي المنطقة المنكوبة من كارثة جديدة مع اقتراب موسم الامطار وتقاعس الدولة بكل اجهزتها ومؤسساتها دون استثناء، عن القيام بأبسط واجباتها، ثمّة من “يحركش” من اعلاميين وجهات معنية وراء التحقيق ومعلوماته ،حيث بيّنت الساعات الماضية مجموعة من المعطيات الجديدة واللافتة، ابرزها:
١- كشف مصدر دبلوماسي غربي تشارك بلاده في التحقيقات عن ريبة وشكوك لدى فريق محققي بلاده من سبب عدم وجود كاميرات مراقبة للعنبر ١٢ ومحيطه خلافاً للمعتمد بالنسبة لباقي العنابر، وهو ما يعني الكثير ويثير الشكوك، مضيفاً ان وحدة بحرية تمكنت من انتشال عبوات بلاستيكية تحمل نوعاً من المتفجرات من مسافة بعيدة عرض البحر، ما يعني انها كانت موجودة في مركز الانفجار.
٢- تأكيد مصدر قضائي لبناني رفيع ان الحديث عن شرارة تلحيم أدت الى حدوث الانفجار هي “تركيبة ومزحة”، إذ تبيّن ان لباب كل عنبر مفتاحين واحد مع الجمارك واخر مع ادارة المرفأ، وبما ان فريق الصيانة لم يحصل على المفتاحين قام بتلحيم الباب من الخارج، وهو ما تظهره الصورة المسرّبة لشهداء فوج الاطفاء الثلاثة خلال محاولتهم خلع الباب. فهل “الشرقوطة” نتجت من تلحيم الفجوة؟ الوقائع تبين استحالة ذلك لان الفجوة هي في جدار من الباطون.وهنا لا بد من الاشارة الى الصورة ان المسرّبة والتي قيل انها لفريق التلحيم تَبيّن انها غير صحيحة، فمن هي الجهة التي “طبخت” كل هذا الفيلم؟ ولصالح من؟ ولاخفاء ماذا؟
٣- ما هي محتويات العنبر رقم ١٢؟ حتى الساعة هناك تضارب في المعلومات حول موجودات هذا العنبر، نظراً للفارق بين ما تبيّنه صور ملتقطة من داخل العنبر وبين ما يملكه التحقيق من معطيات، إلّا ان الاكيد ان اي جردة لم تُجرَ عملياً للمستودع في ظل غياب امين مستودع من جهة ولسبب اخر ان التقرير الامني لامن الدولة يتحدث بصراحة عن ان الفجوة في الجهة الجنوبية استحدثت بتدخل بشري لغاية السرقة. فمن استحدث الفجوة ؟هو السؤال الاساس الذي قد تستحيل الاجابة عليه في ظل المافيا الامنية – السياسية-الحزبية – الادارية التي كانت مسيطرة على المرفأ والتي قامت لتغطية اكثر من عمليات سرقة.
٤- تاكيد واقعة تعرض منزل الرائد جوزيف النداف لاطلاق النار، بعيد التقرير الذي وضعه، مع بقاء الفاعل مجهولا، في واقعة تذكّر بحادثة القنبلة التي وضعت امام باب شقة الرائد الشهيد وسام عيد قبيل اغتياله في عملية لارهابه، وكذلك تثير الشكوك في عملية مقتل العقيد في الجمارك.
ولكن من استهدف منزل الرائد نداف في الروضة بإطلاق نار بعيد رفعه تقريره، ولماذا لم تصل التحقيقات الى اي نتيجة في تلك الحادثة رغم عشرات كاميرات المراقبة المركزة في المنطقة؟ قد يكون الجواب بكل بساطة، هي نفسها الجهة الاصولية التي اغتالت الرائد وسام عيد، بعدما لم يفهم رسالة القنبلة التي علقت عند باب منزله بعيد تقديمه تقريره الاول.
٥- تضارب في افادة امنيين معنيين بالملف بلغت حد نفي احدهم لكل ما ادلى به زميله، ما طرح العديد من علامات الاستفهام والى التوسع في التحقيقات باتجاهات اخرى.
٦-تركيز التحقيقات على محتويات احد الحاويات داخل المرفأ التي احتوت على نيترات الامونيوم الذي يبدو هو نفسه من الموجود في العنبر ١٢ قبل انفجاره بحسب ما بينت صور الاكياس وانواعها. فمن اخرجها ووضبها واين كان اتجاهها، وكيف كان سيتم اخراجها من المرفأ؟
٧-توجيه مدّعي عام التمييز ضربة معلم، مع نجاحه بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، في توجيه ضربة قاضية للعاملين على تضليل التحقيق والمراهنين على عدم استدعائهم، لذلك كان استدعاء الرئيس قبل ان يتحوّل الى سابق برغبة منه، وفي سابقة شجاعة تسجل له، اعاد خلط الاورق، حيث باتت الكثير من الاجابات التي طرحت طوال الايام الماضية في عهدة المحقق العدلي.
٨- تبيّن ان عملية التأخير في تنفيذ توصيات تقرير امن الدولة فيما خص صيانة العنبر، جاءت نتيجة فتح ادارة المرفأ مناقصة لتلزيم اعمال الصيانة.
٩- بات مؤكداً ان الكميات الموجودة داخل العنبر والتي انفجرت هي اقل بكثير من الـ ٢٧٠٠ طن وفقاً لكل التقديرات الغربية. فأين ذهبت وكيف خرجت تلك الكميات من العنبر وحتى خارج المرفأ؟
١٠-في مراجعة لصور انفجاري فرنسا واميركا يتبين لنا ان شكل السحابة واحد الا ان اللون مختلف، ففيما جاء في البلدين واحدا يميل الى الاصفر كان في لبنان قرمزي اللون. فما هو تفسير ذلك؟ علميا من الواضح ان لون الانفجار يثبت اختلاط الامونيوم البيروتي بمادة او مواد اخرى انتج تفاعلهما مع بعضها اللون المائل الى الاحمر.
هذا فيما خص التحقيق داخل لبنان في القضايا التقنية البحتة وفقاً لتحليل مسرح الجريمة، اما فيما هو أبعد من ذلك، فعندها كلام آخر يوصل الى ما هو ابعد من المرفأ.
في كل الاحوال يؤكد المصدر الدبلوماسي ان ما حصل في المرفأ لن يمر وسيَقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع ولن يكون بالامكان طمسه لا محلياً ولا دولياً، والايام القادمة كفيلة بتبيان كل الامور والحقائق.