هنا … وتستمر الحياة ولكن بنهجٍ جديد… بقلم د. منصور العنز
صدى وادي التيم – لبنانيات
نحن امام نمط عيش جديد فلنتكيف معه قبل فوات الاوان، نمط يكشف زيف حياتنا المترفة المرتكزة على اقتصاد الخدمات وريوع المشاطرة التي تشبه طاولات المقامرة! اليوم علينا بالاقتصاد الانتاجي بدايةً من الزراعة ثم الصناعة وصولاً للتجارة على مبدأ مقايضة السلع او مواد الانتاج المصنعة ببعضها البعض!
اليوم علينا ان ننهض باكراً ونغرس حقولنا ونصنّع انتاجنا ونوضِّبه لحاجاتنا او لاستبداله بانتاج الآخرين لنملأ كوائرنا وخزائننا بالخير الوفير…
اليوم اصبح يُطلب من كلٍّ حسب قدرته ولكلٍّ حسب حاجته لان الفم الذي يطلب طعاماً وشراباً عليه ان ينتح طعاماً وشراباً، ولا مجال للشطارة على الآخرين لان للآخرين افواهاً تطلب طعاماً وشراباً ايضاً، فلنتوجه وبسرعة نحو الارض التي ستحتضننا وتحتضن كل من وما عليها في يوم من الايام. فالارض تطرب لمن يسمع نداءها وتأنس لمن يهرش ظهرها فتغدق عليه الخيرات والثمار. اخواني فلينتج كل منا كفاته وليقلع عن انتظار الاخرين، فحديقة صغيرة تشبع عائلةً بكاملها وعين ماء تروي ضيعةً. انها ساعة الحقيقة ساعة ينكشف فيها زيف الترف والبطر والتهرب من مسؤولياتنا..
فاركنوا سياراتكم الفخمة في مرآب البيوت وتنقلوا بسيارات متواضعة متقشفة بقوتها تشبهنا وتشعر بحالنا. علِّموا اطفالكم ان يستيقضوا باكراً ويتوجهوا الى كروم العنب والتين والتفاح..u والى البحر ليصطادوا قوتهم من السمك الطازج الطبيعي الذي كان يشبهنا قبل ان ينال منّا زيف الترف والتبرج والمدنية… توجهوا الى حقول الحنطة والحمص والعدس وكل الحبوب…. فهناك الامان وهناك الصدق وهناك الخير والبركة….ولا تتفاخروا بعد الآن بالرحلات والسهرات والحفلات والموائد العامرة بالمصنعات المستوردة البعيدة كل البعد عن طبائعنا وعن اصالتنا وعن حسبنا وعن نسبنا البسيط العريق…جربّوا بيوت الطابق الواحد المحاطة بالحدائق والجنائن الخضراء التي تفوح عطراً وخضرةً وجمالاً بعيدا عن ارقام الطوابق في ناطحات السحاب…
ففي الاولى تستجيب الطبيعة لندائكم وتملأ خوابيكم زيتاً وزيتوناً ودبساً وطحينا…. اما في الثانية فلا من يسمع ولا من يجيب لانها صحراء قفراء كحيطان البنايات القحطاء …. في الطبيعة تجدون الصحة والعافية والبساطة والامان اما على المقلب الآخر فتجدون البريق المزيف والسقم والعقم والوباء المستفحل بنفوس البشر واجساد العباد …..
فلنرجع الى اسرنا الحميمة وبيوتنا الدافئة وارضنا السمحاء ومروجنا الغناء انها طبيعتنا انها اصالتنا انها غنانا انها تشبهنا تماماً….
د.منصور العنز
المصدر : اللقاء المعروفي