أميركا ستحرم بيئة ا ل ح ز ب من أموال اليونيفيل
كتب منير الربيع في “المدن”:
سعت دول أوروبية في لجم التصعيد الأميركي في لبنان، لتخفيف الضغوط عليه. لكن سعيها باء بالفشل. فواشنطن ماضية في تشددها أكثر فأكثر.
وقد حاولت بعض الدول الأوروبية العمل على إيجاد صيغة حلّ وسط، لمنح الحكومة اللبنانية مهلة جديدة، أو فرصة قد تمكنها من إظهار فاعليتها والعمل بجدية، بدلاً من اختيار منهج المواجهة مع واشنطن والغرب. لكن الجواب الأميركي جاء واضحاً: لا فرصة بعدُ لهذه الحكومة في لبنان، فهي أثبتت عدم قابليتها لأي نقاش مجدٍ، وأي انفتاح على البحث عن حلول.
التجربة الأميركية مع حكومة لبنان الحالية سيئة جداً. كل ما طالبت به واشنطن، عاكسته هذه الحكومة: من التعيينات المالية، إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وما بينهما من طروحات وسياسات تصرّ حكومة دياب على اتباعها على قاعدة “مواجهة الولايات المتحدة الأميركية”.
والاختبار الأميركي هذا أوصل القوى الدولية كلها إلى ما سعت واشنطن في إثباته دوماً: استحالة الفصل بين ا ل ح ز ب والحكومة اللبنانية. والاستحالة هذه ظهرت جليّة في مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي.
من يريد الكارثة؟
وحسبما تكشف مصادر متابعة، كان اللقاء الحكومي بوفد الصندوق كارثياً. فقد وجّه أعضاء الصندوق للمفاوضين اللبنانيين كلاماً يصل إلى حدود المهانة، حول ما تقترفه حكومتهم، باعتباره جريمة في حق لبنان واللبنانيين، لأنه لا يوصل سوى إلى تكريس الانهيار التام على الأصعدة كلها. وكأنما هناك مشروع لدى أحد الأطراف اللبنانية هدفه تدمير كل شيء.
ما قاله وفد صندوق النقد الدولي، يردده الديبلوماسيين الدوليون في بيروت. فيما لا تبدي واشنطن قابلية لأي تساهل مع حكومة لبنان الحالية. وهذا ما ظهر كعين الشمس في نشاط السفيرة الأميركية. وهو سيظهر على الأرجح في خطوات التصعيد الأميركية المقبلة، بل سيتخذ أبعاداً أقسى حيال بروباغندا انفتاح لبنان على الشرق، وعملا ل ح ز ب على جلب مواد غذائية وسواها من إيران.
مخاوف أوروبية
أما الرد الأميركي على المساعي الأوروبية، فجاء حاسماً وقطعياً: يكفي لبنان وحكوماته تضييعاً للفرص. لذا كان التصعيد الأميركي المرتقب، مدار بحث بين عدد من السفراء الأوروبيين في بيروت في الأيام الأخيرة الماضية. ذلك لأنهم عدّوا الإصرار الأميركي حتى نهايته وخواتيمه، نذير كارثة محتّمة في لبنان.
بعض السفراء ظل مصرّاً على التمايز عن الأميركيين، في ظلّ استمرار ضغوطهم التي ستؤدي – برأيهم – إلى التصعيد في مواقف ا ل ح ز ب ، أكثر فأكثر، ما قد ينذر بمخاطر أمنية وعسكرية، قد تجعل المصالح الغربية مهددة.
وفي هذا السياق هناك رأي أوروبي يقول بعدم الذهاب بعيداً إلى جانب الأميركيين، لئلا ينعكس عدم التمايز عن واشنطن سلباً عليهم في لبنان والمنطقة. وهذا ما استدعى رسالة أميركية إلى بعض الدول الأوروبية: لا مجال لتمايز في هذه المرحلة.
وحسبما تشير مصادر متابعة، لن تتوقف الضغوط الأميركية عند هذا الحدّ. فواشنطن لن تفوّت فرصة للضغط على لبنان وا ل ح ز ب ، مهما صغُرت الفرصة أو كبُرت. اذا تتركز الأنظار اليوم على تجديد مدة عمل قوات اليونيفيل، والتي تعقد جلسة لمناقشته في مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل.
ماذا عن اليونيفيل؟
لدى أميركا رؤية جديدة لآلية عمل قوات الطوارئ الدولية في لبنان. هي تعلم أن الصين وروسيا ستنقض أي قرار يتعلق بتعديل صلاحيات قوات اليونيفيل. لكن واشنطن تعمل على تعزيز عمل هذه القوات في المناطق المنتشرة فيها، وتحديداً الجنوب اللبناني. وهذا بتكثيف دورياتها ومنحها المزيد من التقنيات القادرة على رصد أي حركة قد يقوم بها ا ل ح ز ب ، لمنعه من ممارسة نشاطه العسكري الذي كان يمارسه سابقاً، سواء بعمليات التسلل أو تعزيز ترسانته العسكرية في جنوب الليطاني.
من جانب آخر تعتبر واشنطن أن حوالى 500 مليون دولار من ميزانية اليونيفيل، تُصرف في المناطقة الجنوبية، ويستفيد منها أهل الجنوب، أي بيئة ا ل ح ز ب الحاضنة. وهناك من يرى أن واشنطن مقتنعة بأن التجار الذين يعملون على توفير مستلزمات القوات الدولية، محسوبون على ا ل ح ز ب . أي أن ا ل ح ز ب إياه يستفيد من عشرات الملايين من الدولارات التي تُسدّد نقداً.
والتوجه الأميركي في هذا الشأن هو: تغيير آلية صرف هذه الأموال، كي لا تستفيد منها، لا البيئة الجنوبية، ولا التجار المحسوبين على ا ل ح ز ب . ووفق وجهة النظر الأميركية، سيكون لهذا الإجراء تأثير كبير على ا ل ح ز ب وبيئته الحاضنة.
حتى الآن لا تزال الساحة اللبنانية محيّدة عن التصعيد العسكري، بخلاف ما هو الواقع في سوريا التي تتعرض فيها مواقع الإيرانيين إلى ضربات وصولاً إلى الحدود العراقية. وقد تطورت العمليات لتطال الأراضي الإيرانية من خلال استهداف مواقع حساسة. الأكيد، أن هذه الضغوط لا يمكن أن تستمر من دون أي ردّ، ما قد يفتح الساحة اللبنانية على احتمالات كثيرة وخطيرة.