سقطة قضائية وتجاوز لسلطة الدولة المتمثلة بوزارة الخارجية
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
في بلدٍ كنا نتغنى فيه بحرية الرأي والتعبير، وغالباً ما ناضلنا لأجل استقلالية قضائه وما زلنا، فيأتيك من ينسف كل جهودنا، فعندما يتحرك قاضي “مستعجل” بما طُلب منه دون الرجوع إلى أدنى درجات الحرص على العلاقات الدبلوماسية والدولية التي ترعاها إتفاقية فيينا التي تنص وبكل وضوح على أن المبعوث الديبلوماسي يتمتع بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة وكذلك فيما يتعلق بقضائها المدني والإداري، يكون ذلك القاضي قد رسب في امتحان دبلوماسي.
فالقاضي محمد مازح على ما يبدو خانته دراساته ونسي نصوص اتفاقية فيينا، والنخوة التي دبت فيه لكي يمنع الفتنة إنما كادت أن تكون كارثة دبلوماسية تشكل سابقة في القضاء اللبناني، فكان عليه على الأقل استشارة من هم على اضطلاع أكثر منه ومن لديهم خبرة أوسع في هذا المجال قبل أن يضرب بعرض الحائط كل المعاهدات الدولية واتفاقية فيينا، كان عليه أن يراجع نفسه ومكانه، فعلى حد علمنا أن القضاة يحكمون بقضايا وملفات ملموسة، وإن كانت السفيرة الأميركية قد أخطأت في مكانٍ ما فمن واجب وزارة الخارجية استدعائها للوقوف على أمر تصريحاتها ويبنى عندها على الشيء مقتضاه.
إن ما حصل اليوم هو سقطة قضائية قام بها القاضي محمد مازح ورسب وتجاوز لسلطة الدولة المتمثلة بوزارة خارجيتها، غير أن الحكومة اللبنانية قد اعتذرت من السفيرة الأميركية مشددة على أن حرية التعبير مصانة، فنحن لسنا في زمن أحكام عرفية ولن يكون القضاء اللبناني مكسر عصا عند من يريد أن يتحكم به بحسب أهوائه ومصالحه وبالتأكيد ليس هو من يحدد للإعلام من يحق له أن يستصرح أو من يحق له أن يصرح، الدولة موجودة وحرية التعبير مقدسة والتلاعب الديبلوماسي والمخاطرة بعلاقات لبنان الديبلوماسية مرفوض رفضاً قاطعاً.
ميشال جبور