حتى الجوع لم يُوحّد اللبنانيين …


صدى وادي التيم – لبنانيات

 

كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : حتى الجوع لم يوحد اللبنانيين فماذا الذي يوحدهم؟
اللبنانيون المحرومون من لقمة عيش كاملة والذين ضاعت رواتبهم وتم صرف عدد كبير ‏منهم من اعمالهم، ومع ذلك لم يستحقوا الوحدة الوطنية المطلوبة بل انغمسوا امام ‏ازمة وطنية بشعة، وذلك بعد نشر “فيديو” مسيء للسيدة عائشة، فاشتعلت وسائل ‏التواصل الاجتماعي هجوماً سنياً شيعياً ثم نزلت تظاهرات كبيرة مسلحة في الشوارع‎.‎

لكن التدابير التي اتخذها قائد الجيش العماد جوزف عون منذ ليل السبت وفجر يوم الاحد ‏منعت اي اشتباك بين متظاهرين من الطائفة السنية والطائفة الشيعية. وما حصل على ‏خط الشياح ـ عين الرمانة بين عناصر شيعية وشبان من عين الرمانة المسيحية، الشرارة كانت ‏فيلم “فيديو” مسيء عن السيدة عائشة وفيه اهانة موجهة للسيدة عائشة، فرد السنة ‏بتظاهرات وقابلهم الشيعة في تظاهرات في مناطقهم. لكن وجود الجيش اللبناني منع ‏الفتنة واي اشتباك، وتابع العماد جوزف عون تحرك الجيش اللبناني بشكل لم يسقط فيه ‏شهيد بل سقط له 25 جريحاً بحسب بيان اصدرته قيادة الجيش، وهكذا اسقط الجيش ‏اللبناني المؤامرة المذهبية التي انتشرت في لبنان، وكادت تتحول حرباً ميليشاوية مذهبية ‏سنية ـ شيعية بكل معنى الكلمة لولا وجود الجيش بكثافة وقوة، واتخاذ تدابير للفصل بين ‏المتظاهرين المسلحين او غير المسلحين‎.‎

اذا كان الجوع لم يوحد الشعب اللبناني، واذا كانت لقمة العيش لم توحد اللبنانيين، واذا كان ‏الوضع الاقتصادي منهاراً بشكل فظيع، واذا كانت الليرة اللبنانية سقطت قيمتها فلم تعد ‏تكفي لشراء ربطة الخبز، فمتى يتوحد اللبنانيون؟

لقد مر لبنان بأسبوع كبير واجتازه كما ذكر بيان قيادة الجيش اللبناني كما اعده العماد ‏جوزف عون عندما قال ان لبنان اجتاز “قطوعاً كبيراً”، وبالفعل فان لبنان اجتاز “قطوعاً ‏كبيراً” على مدى العاصمة اللبنانية بيروت وصولا الى طرابلس وعكار وبعلبك وتعلبايا ‏وسعد نايل في البقاع، والى صيدا وحارة صيدا حيث الاكثرية الشيعية، اضافة الى مناطق ‏عديدة‎.‎

كما قام متظاهرون من الطائفة الشيعية بالدخول الى عين الرمانة واشتبكوا مع شبان من ‏عين الرمانة، الا ان الجيش طوق الحادث فوراً وابعد المتظاهرين من عين الرمانة وفصل ‏كلياً بين منطقة عين الرمانة والشياح حيث هنالك تاريخ كبير للاشتباكات بين منطقة عين ‏الرمانة والشياح واعطي هذا الاشتباك طابع الصراع المذهبي الشيعي ـ المسيحي كما ان ‏انطباع الصراع الشيعي ـ المسيحي محصور في منطقة فرن الشباك، وقت ذاك تجمع ‏العديد من شبان عين الرمانة وبدأوا يهتفون ضد ح ا ل ح ز ب ، مع العلم ان قيادة ا ل ح ز ب  ‏عملت كل جهدها على منع الفتنة التي هي وفق اجندة خارجية ناتجة من قلة وعي لدى ‏قسم كبير من الشبان اللبنانيين‎.‎

اجتاز لبنان “القطوع” وكانت الاستنكارات من كل الاطراف ضد الفتنة المذهبية، لكن واقع ‏الامر ان الجيش اللبناني منع الفتنة والمؤامرة لانه كان موجودا على الارض، بينما القيادات ‏المذهبية والحزبية وغيرها لم تكن قادرة على ضبط الشارع لان المتظاهرين كانوا من كل ‏المذاهب والطوائف خاصة المذهب الشيعي والمذهب السني‎.‎
اضافة الى ان حوادث حصلت في صيدا بين المدينة وحارة صيدا التي تسكنها اكثرية ‏شيعية وحصلت حوادث في عكار وطرابلس عبر قطع طرقات وفي بعلبك وسعدنايل ‏وتعلبايا واقليم الخروب، وكل ذلك كان مسيئاً جداً الى لبنان‎.‎

سؤال مطروح على الدولة اللبنانية بعد ان نجح الجيش اللبناني في منع المؤامرة على ‏لبنان، ماذا فعلتِ ايتها السلطة منذ سنوات كي لا تحصل فتنة او مؤامرة وتؤدي الى زعزعة ‏البلد اضافة الى اصابته بازمة سياسية وازمة اقتصادية وأزمة مالية وأزمة “الكورونا” ‏وغيرها من الازمات؟

ماذا فعل الطائف للبنان؟ وحده عهد الرئيس اميل لحود كانت السلطة فيه مسيطرة على ‏الارض وكانت تلجم كل تظاهرة في مهدها، وكان الحكم قوياً جدا ايام العماد اميل لحود ‏بفضل الجيش ومن خلال السلطات الامنية، وفي ذات الوقت فتح خطوطاً سياسية مع ‏القوى المتصارعة، لكن لم تكن هنالك لا رحمة ولا شفقة حيال من يمس السلم الاهلي ‏والوحدة الوطنية‎.‎

يجب منع اي فتنة في مهدها ويجب اصدار قرار عن مجلس الوزراء بمنع التظاهرات الا بعد ‏اخذ الاذن بذلك، ويجب تحديد مكان التظاهر كي لا تحصل اشتباكات اثناء التظاهرة مع ‏سكان المنطقة التي يمرون فيها كما يجب تحديد اشخاص يكونون المسؤولين عن ‏التظاهرة‎.‎

يوم امس، ظهر الامر بشكل واضح ان الوحدة الوطنية اللبنانية غير موجودة، وان هنالك ‏صراعاً مذهبياً خاصة بين السنة والشيعة بشأن موقع رئاسة مجلس الوزراء المركز الثالث ‏على مستوى السلطة في البلاد‎.‎
على السلطة ان تعمل من اجل قيام الوحدة الوطنية الحقيقية من اجل حب لبنان، من اجل ‏حب العلم اللبناني، من اجل حب الجيش اللبناني، وفرض مواد في الدراسة والتربية على ‏حب لبنان ووحدته الوطنية والجيش اللبناني، كي تترسخ في النفوس الوحدة الوطنية لدى ‏الاجيال الاتية‎.‎
‎ ‎
الاستنكارات بعد حصول الفتنة
‎ ‎
لقد صدرت من كل الاطراف الاستنكارات لما حصل وما جرى من المؤامرة الفتنة، وهذه ‏الاستنكارات لا تجدي نفعاً، كل الذين كانوا في الشارع هم تحت امرة قيادات كان يجب ان ‏تنزل هي الى الشارع وان تطلب الى المتظاهرين بدل البقاء في المراكز العليا ومنع ‏التظاهر والشتائم وقطع الطرقات، وعندها تكون الوحدة الوطنية حقيقية، اما ان تصدر ‏استنكارات كلامية لما حصل فهو تكريس للفتنة، وتكريس لعدم وجود الوحدة الوطنية‎.‎
ان لبنان يحتاج الى نظام الدولة المدنية، ان لبنان يحتاج الى منع المذهبية والارتكاز على ‏الوحدة الوطنية والارتكاز في التعيينات على الكفاءة وليس على المذهبية، وان القيادات ‏كلها التي استنكرت مسؤولة عما حصل، ولا يجب ان تتهرب من مسؤوليتها عبر بيانات ‏استنكار، فإما ان تكون على اهبة الاستعداد لضبط الشارع او هي تقود الشارع الى الفتنة، ‏عندها على كل المسؤولين ان يتخلّوا عن القيادة‎.‎
‎ ‎
اجندات خارجية
‎ ‎
صحيح ان “فيديو” مسيئاً انتشر للسيدة عائشة، لكن اجواء الارض والامر الواقع هو الذي ‏اشعل الفتنة والمؤامرة من خلال اجندات خارجية خليجية واميركية، وهذا لا يجب ان يحصل، ‏ويجب قطع رأس الفتنة في مهدها‎.‎
الوحدة الوطنية تتطلب ان يتم عقد اجتماع لكل القيادات اللبنانية في قصر بعبدا مع فخامة ‏الرئيس والبحث جديا في كيفية عدم عودة الفتنة والمؤامرة الى الساحة اللبنانية، لان لبنان ‏امس اجتاز فعلاً “القطوع‎”.‎
اخيراً نقول باسف كبير اذا كان فقدان لقمة العيش والجوع الحاصل حالياً لم يؤد الى الوحدة ‏الوطنية وتوحيد اللبنانيين، فماذا الذي يوحدهم اذا لم تقم قياداتهم بتوحيدهم عبر وفاق ‏شامل وعدم النزول الى الشارع‎.‎
فاكثرية الذين نزلوا الى الشارع ينتمون الى احزاب وينفذون اجندات خارجية، وليس صدفة ‏ما حصل امس، بل هو تحرك مشحون من اجندات خارجية خليجية اميركية، وربما دول اخرى ‏ارادت ان تطيح وحدة لبنان نهائيا وتدمره اقتصادياً بعد تدميره سياسيا‎.‎
ولكن نرجو من فخامة الرئيس دعوة كل القيادات الى قصر بعبدا واجراء حوار وطني ‏لترسيخ الوحدة الوطنية الحقيقية والفعلية،اما ان نبقى كل فترة امام تظاهرات تكسير زجاج ‏محلات واطلاق رصاص بشكل كثيف ونزول شبان برشاشاتهم الى الشوارع دون ضبط، ‏فهذا الوضع سيؤدي بلبنان الى الانهيار كلياً، اذا لم تتدارك القيادات المسؤولة والقيادات ‏السياسية والشعبية خطورة ما يحصل على الارض‎.‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى