كونفدرالية تنظيمية أو… كونفدرالية انقاذية .. بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم

 

على مر ثلاثة عقود، تم تجيير النظام الإقتصادي والمالي لحساب مشاريع غير وطنية تصب في مصلحة تغذية دويلة داخل الدولة ،وفشل من حاول في خرق المحميات الأمنية والتهريبية، فأحد أساسات المشكلة يكمن في مزاريب واضحة لكل مراقب وهي ولّدت عبئاً على خزينة الدولة وساهمت في تعميق حفرة العجز والدين العام، وبكل بساطة ولا يخفى على أحد، هن ثلاث، المعابر غير الشرعية والمرفأ والمسؤول عن تفلتها هي الجمارك، الكهرباء والمسؤول عنها ضمير مستتر، والفائض غير المنطقي في موظفي الدولة فالكثير منهم لا يحضر حتى للعمل وهو على جدول الرواتب محسوب على فريق سياسي ويقبض في بعض الأوقات راتباً خيالياً من جيب اللبنانيين، فكيف بإمكاننا إقناع الدول المانحة في المجتمع الدولي بدعمنا واللجؤ إلى صناديق مثل صندوق النقد الدولي لتمويلنا ونحن نحاول جاهدين أن نملأ قِدراً مثقوبة، ونضحك على الشعب.
لم يعد مقبولاً انتهاك حرمة الإقتصاد اللبناني ولا منظومته المالية عبر محميات التهريب والقفز فوق القانون، لم يعد مقبولاً أن يكون هنالك لفريق سياسي الحق في الإستيراد بدون دفع الضرائب الجمركية، ولم يعد مقبولاً تهريب المحروقات والطحين والدواء التي يغطيها البنك المركزي بالعملة الصعبة من جيوب اللبنانيين إلى سوريا، فمن يريد مقاومة اسرائيل نحن معه لآخر رمق لكن ليس على حساب الوطن والشعب لأجل دول أخرى وشعوب أخرى، فلا أحد يصدق بعد الآن مقولة الإستقلال عن منظومة لبنان المالية في حين أن كل المؤشرات تشير إلى عكس ذلك، فالتهريب جارٍ على قدم ٍ وساق ومغطى سياسياً مهما علا الصوت، وما يجري هو عملية تهريب خيرات وحقوق الشعب إلى الخارج تحت ذريعة المقاومة، وهذا أبعد ما يكون عن المقاومة.
ما يحصل هو عدم توازن معيشي وعدم توازن ضريبي وعدم توازن أمني بين منطقة وأخرى، هنالك مناطق تدفع الضرائب من كهرباء وماء وميكانيك وإلى ما هنالك والغلاء فيها مستفحل بينما هنالك مناطق لديها امتيازات وهي محمية بسلاحها الخاص بينما الفريق الآخر دولة القانون، وتتفرد بالإقتصاد وتمارس أحادية القطب في القرار، وكأن قسم من الشعب كُتب عليه الأسى في معيشته وقسم آخر له البحبوحة، ناهيك عن الإستيراد بدون دفع رسوم جمركية وإغراق الأسواق اللبنانية بالبضائع المهربة من منتجات صناعية وزراعية مما يجعل الوضع اسوأ بكثير، فاللبناني يعاني حرمانه من تقديمات دولته بالمحروقات والطحين والدواء وبالوقت نفسه يعاني من منافسة البضاعة الأجنبية للبضاعة المحلية وعلى أرضه، فعلاً هذا لم يعد مقبولاً.
وببساطة المنطق اذا لم يوقف الفريق المُستغِل لوضعه السياسي والأمني كل انتهاكاته واستغلاله لمقدرات الدولة ولكي نخلص من هذه الممارسات الجائرة في التوازن والتنظيم التي نعيشها تحت شعارات مختلفة منها مقاومة العدو ومنها نصرة الشقيقة سوريا، فلتكن كونفدرالية تنظيمية يكون هم الفرقاء فيها إنماء مناطقهم وتطويرها وحماية بنيتها الإجتماعية والمعيشية، ليكن هنالك معابر للجميع وليتساوى الجميع بإلغاء الضرائب فلا يكون ذلك حكراً على أحد، فإن كانت المعابر البرية بيد فريق فلتكن المعابر البحرية بيد الآخر، فليكن الكل سواسية، فالخروج من المشكلة يكون بترتيبها وتوصيفها وليكن الحل بالتساوي في كونفدراليات اجتماعية واقتصادية، ولمن يخاف من النموذج المسيحي ويتهيب كونفدراليته، طبعاً للمسيحيين سوابقهم في الإقتتال الشرس فيما بينهم ولكنهم يوماً لم يكونوا مسؤولين عن الدين العام وعجز الدولة حتى في عز اقتتالهم،فلتكن لهم انتخابات تحت رقابة دولية تفرز دماً جديداً بدل الذين تقاتلوا وحاربوا وما زالوا يحكمون إلى الآن بحيث أن يكون للمسيحيين حكاماً نظيفي الكف من الدم ومن الحرب ومن كل الماضي، وليجتهدوا كالباقين في انماء كونفدراليتهم والحفاظ على مواطنيهم من كل النواحي الإجتماعية والمعيشية والضريبية والقانونية، فلتكن كونفدرالية تنظيمية وإن أردتم كونفدرالية تجددية وانقاذية، فعيب ما نعيشه وما وصلنا إليه.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى