تأثير فيروس كورونا على قلق أحلامنا الليلية
صدى وادي التيم – طب وصحة
كثيرون يروون مشاهدتهم أحلاما مقلقة بسبب تفشي فيروس كورونا “كوفيد 19” في أكثر من 175 دولة وفرْض الإغلاق.
قلق وتوتر
تجمع ديردري باريت أستاذة مساعدة لعلم النفس بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب “لجنة النوم”، مثل هذه الأحلام منذ مارس في محاولة لفهم ما طرأ عليها من تغيير منذ تفشي الوباء.
وتقول: “أيّ باعث قوي على التوتر يزيد عدد الأحلام القوية المتسمة بالقلق – وما أقوم به من مسح يشتمل على عدد كبير من تلك النوعية من الأحلام”.
عدد ممن شملتْهم عينةُ المسح رووا مشاهدة أحلام مرتبطة بوضوح بالأزمة: “بعد مشاهدة فيلم كونتيجَن’عدوى’، رأيتُ في الحلم أنني أُصبتُ بـكوفيد-19″، وفق ما نقلت شبكة “سي إن إن”.
وكانت الباحثة باريت قد أجرت أبحاثا على الأحلام إبان العديد من الأحداث الباعثة على التوتر في السابق، كتلك التي تلت الحادي عشر من سبتمبر، وحق الكويتيين بعد اجتياح العراق لبلادهم، والجنود البريطانيين في معسكر نازي لأسرى الحرب.
ومن واقع خبراتها، فإن الحروب تُفرز صورا واضحة تتراءى في الأحلام – لكن الوضع مع الوباء الراهن يختلف.
عدو خفي
تقول باريت: “هو عدو خفي، وثمة الكثير من الأشياء ترمز إليه في الأحلام؛ فهناك الكثيرون يروون مشاهدة جحافل من حشرات البق، وآخرون يروون مشاهدة أمواج تسونامي عاتية، أو أعاصير، أو زلازل”.
ويظن تشارلي من إنجلترا (24 عاما) أن أسوأ مخاوفه تداهمه في منامه.
ومنذ الإغلاق جرّاء كورونا، يرى تشارلي في منامه أحلاما غريبة بها عناكب ضخمة.
“رأيت في الحلم أن عنكبوتا ضخما زحف إلى فراشي من تحت السرير. عنكبوت بحجم القطة، باهت اللون، سيقانه كأغصان الأشجار. عندئذ هرولتُ خارج الغرفة وأنا أصرخ طلبا للنجدة. ثم تمكنت أمي من الإمساك به وحبْسه في سلة المهملات قبل أن ترمي بها خارج المنزل، حيث ظل العنكبوت الضخم يرتطم في جنبات السلة قبل أن أصحو من منامي”.
يختلف حجم وشكل العناكب – لكن أحلام تشارلي دائما ما تقع في المنزل.
“دائما ما تهاجمني العناكب في منطقتي الآمنة، وتحديدا سريري، مما يضفي مزيدا من الواقعية!”
وتعتقد الباحثة باريت أن إجراءات البقاء في المنازل بسبب كورونا قد تترك البعض أكثر قدرة على استذكار تفاصيل الأحلام، وربما يرجع ذلك إلى أنهم ينامون لوقتٍ أطول الآن، وأحيانا بلا منبّه لإيقاظهم.
تقول باريت: “كثيرون ممن كانوا يُحرَمون من النوم بسبب استغراقهم لساعات طويلة في العمل، أو في الحياة الاجتماعية، ربما يحظون الآن بالنوم لساعات أطول”.
حالِمٌ آخر، ممن شملتهم عينةُ المسح، يقول إنه رأى في المنام أنه يجلس في متنزه في يوم مشمس ثم تحوّل الأمر إلى كابوس.
يقول: “كنتُ جالسا وأصدقائي على مقعد خشبي نتحدث، وفجأة سمعنا جلبة ورأينا مسدسا رشاشا طائرا في السماء مقبلا في اتجاهنا بسرعة شديدة. كان المسدس يغير اتجاهه بسرعة ويستهدف الناس بالقتل. ثم جاء نحونا، عندئذ أخذتُ أهرول بحثا عن مخبأ”.
تمثّل الأحلام ذلك الجزء الغامض أبدا في عقولنا، وهي لا تزال إحدى الظواهر الأغرب والأقل وضوحا لنا، لكن ثمة ملايين من البشر مع ذلك يرون أحلاما كل ليلة.
لويجي دي جينارو تدرس أحلام الإيطاليين الذين اضطرهم الوباء للبقاء في منازلهم.
تقول لويجي إنها رصدت زيادة كبيرة في معدل استذكار الأحلام في ظل هذه الظروف.
حركة العين السريعة
وجدت الباحثة لويجي أن تدّني جودة النوم بسبب القلق العام قد يورث اضطرابات كـ حركة العين السريعة، وتواتُر استيقاظ البعض أثناء الليل.
وفي حالة اضطراب نوم حركة العين السريعة، تعاني العينان اهتزازا سريعا، وتطرأ تغييرات على التنفس والدورة الدموية، ويدخل الجسم في حالة من ارتخاء العضلات. ويحدث ذلك في موجاتٍ مدةُ الواحدة منها 90 دقيقة أثناء النوم، وفي هذه المرحلة يميل المخ إلى الأحلام.
وإذا ما استيقظ النائم أثناء هذه الحالة من حركة العين السريعة، فأغلب الظن أنه سيتذكر تفاصيل أحلامه.
تقول لويجي: “الأحلام تُعدُّ أيضا ردّ فِعل عاطفي على الوباء. كما نشهد في هذا الوقت تزايدا في أعداد الذين يروون عن كوابيس”.
نياماي ديفيرو، من دبلن، تروي أنها شاهدت في المنام شبحا عاريا في الحديقة بينما كانت حاضرة في حفل في المنزل.
تقول ديفيرو ذات الثمانية والعشرين عاما: “شبحٌ عارٍ مرعب كان يطوف حولنا جميعا، وغير بعيد كانت هنالك أيضا نعجة”.
“كِدْت أُجنّ”
“لم يلتفت أحد إلى أي منهما، أما أنا فكدت أُجنّ ولم أحوّل عيني عنهما، لا سيما عن الشبح الذي كان ذكرا كبيرا”.
ويتفق الباحثون على أن ما نختبره في يقظتنا بالنهار تنطبع آثاره مباشرة على أحلامنا، لا سيما ما كان عاطفيا من تلك الخبرات، مما يجعل الأشخاص الذين هم في خطوط المواجهة أكثر عرضة للكوابيس.
كارلوتا تابعت تلك المستجدات على مواقع الأخبار ووجدت آثارًا لذلك في أحلامها.
تقول كارلوتا: “حلمتُ أنني أشعر بشيء غريب على جبهتي. ذهبتُ على الفور إلى المرحاض ونظرت إلى المرآة. رفعتُ الشعر عن جبهتي لأجد ثلاثة أزرار صغيرة، اثنان لهما ضوء أحمر والثالث له ضوء أخضر. شخص ما أخبرني أن الزر الأخضر هو تطبيق تحديد المواقع ‘جي بي إس’ للتحكم في أنشطة الناس”.
وتتابع كارلوتا: “لم أعرف ما فائدة الزرّين الأحمرين، لكنني ضغطتُ على الزرّ الأخضر، قبل أن أستيقظ من نومي”.
أحلام إيجابية
قد يظن البعض أن الجميع يرون أحلاما سلبية في تلك الأوقات، لكن هذا الظن غير صائب.
تقول الباحثة باريت: “ربما كان مما يثير الدهشة، لكن عددا لا بأس به من الناس يرون في منامهم في هذه الأيام أحلاما إيجابية؛ فالبعض يرى مستقبلا بلا هذا الكم من التلوث، والبعض يحلم باكتشاف علاج للفيروس”.
نيرو مالوهترا، من العاصمة الهندية نيو دلهي، ترى أحلاما إيجابية.
“منذ بدأ الإغلاق، تراودني أحلام بارتياد غرف فندقية خيالية، كتلك التي أشاهدها على شاشات التليفزيون. هذه الغرف ذات نوافذ كبيرة تطل على البحر وأحيانا على مساحات خضراء شاسعة. عندئذ أشعر بسعادة وارتياح. ولا زحام هناك، بل لا أحد على الإطلاق في المشهد”.
وإذا كنت تتساءل الآن في نفسك كيف يتسنى لك أن تجعل أحلامك أكثر أمانًا، فإن الباحثين ينصحونك بالتحضير لأحلامك!
نعم، يمكنك أن تقترح على نفسك وأنت تستعد للنوم ما تودّ أن ترى في أحلامك.
تقول الباحثة باريت: “فكِّرْ في الشخص المفضّل لديك، وفي مكانك المفضل. استعِدْ في ذاكرتك حلما طيبا حلمت به من قبل. كرِّرْ على نفسك ما تودّ أن تراه في منامك”.
هذه الحيلة تنطلي أحيانا على العقل فيلبّي بدوره الطلب وتتراءى الأحلام السعيدة في المنام.
وكالات