دولة أبوابها مخلّعة…وقوامها سياحة سوداء…بقلم ميشال جبور

 

في لاتفيا…مليونا نسمة وستة عشر حالة اصابة بكورونا…أعلنت حال الطوارئ…أما نحن في بلد الأربعة ملايين نسمة واصابات تخطت عتبة الستين…لا نزال بدون هلع…
وزير صحة مكبل سياسياً، حكومة غير قادرة على فتح فاها في ظروف طارئة اقتصادياً وصحياً…أجواء مشرّعة وحدود برية غير مضبوطة حتى في الحدّ الأدنى…اذاً نحن فعلياً موجودون في وضع عام موبؤ يستدعي استنفار عام ويتطلب قرارات موجعة لكي نتفادى الوجع الأكبر،ولا من يحرك ساكناً، لا المعنيون ولا المسؤولون…وبدل أن نضم الجهود للتصدي لكل ما يداهمنا بما فيها فيروس الكورونا، نجد أن هنالك من يمارس التعتيم، الطائرات القادمة من البلدان الموبؤة ما زالت تحط رحالها على أرضنا، أما حدودنا البرية فبواباتها مفتوحة بلا حسيب أو رقيب، وفي ظل غياب الدعم السياسي الحازم كل قرارات الأجهزة الأمنية مصيرها الفشل…حتى الأحزاب السياسية التزمت الصمت بغالبيتها وكأنها تعلم أن في الإنتخابات المقبلة لن يبقى من ينتخب!
لكن المثير للإستهجان هو مشهد بعض السياح الإيرانيين في ضبيه يسرحون ويمرحون آتون من بلدٍ متفاقم الخطورة، أما نحن فنرحب بهم…مهزلة…سياحة سوداء، سياح آتون من إيطاليا…سياح آتون من إيران ومنهم حتى من مصر…كل الدول صديقة ولكن لا صداقة تعلو على صحة أولادنا.
فهذا المشهد هو مشهد مستفز لكل مشاعر اللبنانيين، نحن في البيت نقبع ونترقب لأن الأمر ليس بمزحة وكورونا لن يمر بنزهة ورأينا ما باستطاعته أن يفعل في دول أخرى، ومنها إيران التي أصبحت مكشوفة أمام الوباء، ونحن ما زلنا مصرّين على استقبال طائرات قادمة من إيران وكأن الهدف هو عنتريات سمجة ستنتهي بلا شك بمأساة كبيرة والكل سيشهد والتاريخ سيسجل كيف دخلت الكورونا إلى لبنان!
هنا لا بد لنا من التوجه بالشكر الكبير لكل الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة لأنها أول من حمل بيرق التصدي والوقاية من وباء الكورونا حتى تخطى دورها الدور التي كان يجب أن تقوم به الدولة بدل أن تتهم الإعلام بإثارة الهلع، الشكر الكبير لشاشة الجديد والmtv والlbc لما لهن من تأثير إيجابي في توعية الناس وفي هذا السياق نطلب من المعنيين في الدولة عدم مهاجمة وسائل الإعلام والضغط فهي شريكتكم الأولى في إيصال رسالة التوعية للمواطن ورفده بكل المعلومات لكي يبعد الخطر عنه، كذلك نتوجه بالشكر الكبير والعميق للجنود المجهولين من اطباء وتلامذة الجامعات والممرضين والممرضات الذين يضعون انفسهم في تماس مع الوباء لكي يخففوا من أوجاع الوطن ونقول لهم أنتم قدوة في الإستبسال ومهما وصلكم من حقكم لن نفيكم ما هو بحجم تضحيتكم وعلى الدولة أن تقدم إليكم المزيد دائماً فأنتم جنود الصحة والحياة على أرض الوطن.
بالأمس كلنا رأينا كيف تم إدخال ركاب الطائرة الإيرانية أمس، بكل سذاجة علمية وانحطاط خُلقي… مؤسساتنا التعليمية مغلقة، مؤسساتنا الإدارية شبه متوقفة، مطاعمنا وكل أماكننا السياحية فارغة ويأتيك من يريد أن يتسوح في شوارعك آت من بؤرة كورونا،وكأن مداخيل السياحة عندنا متوقفة على زيارة السياح الإيرانيين لنا وكأن التبادل السياحي بين لبنان وإيران كانت له امجاد وأيام عز!
كل ما حصل إلى الآن ويحصل مؤشر خطر لمدى تدهور سيادتنا الوطنية وسيطرتنا الصحية على الأمور، وسنقول لكل المسؤولين وكل من يدعي الحرص على لبنان وعلى وطن التعايش الجميل هذا، اتقوا الله بما تفعلون…
ميشال جبور

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى