الازمة الاقتصادية في لبنان بين سندان الفساد ومطرقة الدولار!
هواجس اللبنانيين تزيد مع اقتراب المُستقبل الغامض. فتشكيل الحكومة ومدى تقبّل الشارع المُنتفض، والأحزاب والمجتمع الدولي لها رهنٌ بالوقت.
والازمة الاقتصادية والمالية الاقوى في تاريخ لبنان، لا تحتمل المزيد من تضييع الوقت والتمييع، فهل تنجح القوى السياسية بعبور هذه الأزمة وإعفاء المواطن اللبناني من شبح الإفلاس؟ فالتآكل الإقتصادي والمالي وفقدان الثقة بالقطاع المصرفي والليرة اللبنانية وزيادة الفقر الى ازدياد. وإذا كانت الإحتجاجات الشعبية قد تراجعت بسبب عوامل الطقس وخلط بعض الأوراق السياسية، الا انّ تراجع الدولار في الأسواق فرض معادلة جديدة تمثّلت بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، ما زاد من نسبة الفقر على رغم مرور الاعياد المجيدة التي بلسمت بعض الجراح الطفيفة.
للاجابة على بعض هواجس اللبنانيين، كان لـ”اللواء” حديث مع الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الذي اجاب على الاسئلة التالية:
١- هل ان الاعياد حرّكت الاسواق ايجابًا ام انها غير كافية؟
هذه الحركة غير كافية لإعادة العجلة الإقتصادية إلى طبيعتها نظرًا إلى محدودية الإستهلاك الناتج عنها ونظرًا إلى المخاوف من المستقبل نتيجة الوضع السياسي القائم والغموض الذي يلفّ هذا المُستقبل كنتيجة للتأخير في تشكيل الحكومة”.
٢ – لقد قلتم سابقًا: إنّ التأخير في تشكيل الحكومة بمثابة اللعب بالنار، فهل ان تكليف رئيس الحكومة حسان دياب برّد الوضع الاقتصادي ام زاده تأزمًا؟
هذا التأخير هو لعب بالنار نظرًا إلى التداعيات الإقتصادية والمالية والإجتماعية والنقدية التي تزداد سوءًا مع الوقت. ولكن التشكيل لن يكون الحلّ بل هو المدخل الأساسي للحلّ بحكم أن عودة الواقع الإقتصادي إلى طبيعته يتطلّب خطّة إقتصادية من قبل الحكومة والأهم تنفيذها. وعن الوقت المطلوب لذلك، “نتوقّع أن تمتد عملية الإنقاذ على ثلاث سنوات وستكون السنة الأولى صعبة على الجميع”.
٣- ماذا ينتظر اللبنانيين في عام ٢٠٢٠؟ مجاعة ام ترف؟
بالواقع، كل الإحتمالات المطروحة مُرتبطة بشكل أساسي بتشكيل الحكومة ورضى الشارع والفرقاء السياسيين عنها. وبالتالي نرى أن هناك ثلاث سيناريوهات:
– الأول: تشاؤمي وهو عدم تشكيل حكومة وفي هذه الحالة كل الإحتمالات مفتوحة.
– الثاني: تفاؤلي وينص على تشكيل حكومة يرضى عنها الجميع وتكون لها خطّة نهوض ومن خلالها يتمّ إستعادة السيطرة على الواقع الإقتصادي والمالي وبالتالي الإجتماعي.
– والثالث: هو سيناريو وسطي اي يتمّ تشكيل حكومة تُرضي بشكل جزئي الفرقاء وتكون نتيجتها تخفيف التداعيات عن المواطن اللبناني من دون الوصول إلى حلّ كامل.
٤- ايرادات الدولة اللبنانية تتراجع، ماذا عن احتياطي مصرف لبنان؟
بالواقع، الوزير علي حسن خليل كان قدّ صرّح سابقًا أن إيرادات الخزينة في تراجع بنسبة ٤٠٪ منذ بدء الإحتجاجات الشعبية. وهذا الأمر يزيد من الضغط على إحتياطات مصرف لبنان لانّ الأخير يقوم بدفع إستحقاقات الدّولة والدفاع عن الليرة ودفع الأجور في القطاع العام. فإلى متى يُمكن لهذه الإحتياطات الصمود؟ اذًا كل الأمور رهينة الأوضاع السياسية. فتردّي الأوضاع السياسية سيؤدّي إلى تآكل سريع لهذه الإحتياطات، في حين أن تحسّن الأوضاع السياسية يسمح بتفادي المحظور أي حصول أمر من ثلاثة:
أ- إفلاس الدوّلة.
ب- تردّي الواقع الإجتماعي إلى حدّ المجاعة.
ج- انهيار سعر صرف الليرة.
٥-ماذا عن الايداعات في المصارف بالدولار، هل من الممكن تحويلها الى الليرة اللبنانية؟ وفي ما يتعلق بالـ hair cut هل تطبق حاليًا بطريقة غير مباشرة؟
هذه الإحتمالات تُثير ريبة وغضب المودعين وبالتالي تؤدّي إلى مواجهات شبه يومية في المصارف. لا يحق للدوّلة المسّ بأموال المودعين إذا لم يتمّ البدء بمحاربة الفساد. نحن في ظل إقتصاد حرّ يضمن الملكية وبالتالي لا يُمكن المس بأموال المودعين إلا من خلال تعديل القوانين وهو أمر لن يمرّ بسهولة عند الناس نظرًا إلى أن من سيُصوّت على مثل هذا القرار سيحترق سياسيًا
ميراي عقيقي محفوظ- اللواء