الخطة الحربية الحمراء.. لماذا أعدت أميركا إستراتيجية لغزو كندا؟

خلال القرن التاسع عشر، خاضت الولايات المتحدة الأميركية حرباً مكلفة ضد البريطانيين انتهت بتوقيع اتفاقية “غانت” وعاد على إثرها الأميركيون بخفي حنين بعدما فشلوا في تحقيق أهدافهم. وقد أسفرت هذه الحرب، التي اندلعت عام 1812، عن سقوط عشرات آلاف القتلى وشهدت دخول القوات البريطانية لواشنطن وإحراقها البيت الأبيض. وعلى الرغم من تحسّن العلاقات بين الطرفين خلال العقود التالية ومشاركتها جنباً لجنب ضد الألمان بالحرب العالمية الأولى، وضع الأميركيون مصلحة بلادهم قبل كل شيء ولم يترددوا عقب نهاية النزاع العالمي في وضع خطة افتراضية لحرب مستقبلية ضد البريطانيين.

فخلال عشرينيات القرن الماضي، سعت مختلف القوى العالمية للحد من سياسة التسلح التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى، وقد مثّل مجال التسلح البحري مصدر قلق للمنتصرين، ولهذا السبب وافق الجميع على الجلوس على طاولة المفاوضات بهدف وضع خطوط حمراء لبرامج صناعة السفن الحربية والغواصات.

إلى ذلك، جاء مؤتمر جنيف لسنة 1927 مخيباً للآمال حيث علّق الجميع حينها آمالهم على هذا الاجتماع لإنهاء التنافس بين عدد من القوى العالمية كبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية واليابان حول مسألة الهيمنة على البحار. وبسبب عدم التوصّل لاتفاق نهائي تزايدت مخاوف الجميع من إمكانية اندلاع نزاع عالمي جديد. وفي خضم هذه الأحداث التي سبقت صعود هتلر بألمانيا واندلاع الحرب العالمية الثانية، أحس قسم كبير من الأميركيين بتهديد قادم من أوروبا فاتجهوا لإعداد ما عرف بالخطة الحربية الحمراء لحماية سواحلهم الشرقية المطلة على المحيط الأطلسي من غزو بريطاني محتمل.

وبسبب عدم رغبتها في خوض غمار حرب بأوروبا، وضعت وزارة الحرب الأميركية خطة اقتصرت أساساً على مهاجمة الجارة كندا التي كانت ضمن دول الكومنولث البريطاني. وقد تضمنت الخطة الحربية الحمراء وصفاً دقيقاً للمواقع الاستراتيجية بكندا وقدرات جيشها وموارده والطرق الهامة بالبلاد استعداداً لهجوم مباغت يشل حركة القوات الكندية. ومن خلال ذلك، حاول الأميركيون التدخل بشكل سريع قبل وصول البريطانيين للدفاع عن كندا التي صنّفتها وزارة الحرب الأميركية كأقرب نقطة قد يستغل الجيش البريطاني قواعدها الجوية وموانئها لمهاجمة الولايات المتحدة.

أيضا، دعا المسؤولون الأميركيون لتجنب أية مواجهات بحرية مع البريطانيين بسبب تفوق البحرية البريطانية حينها ودعوا في المقابل بأن تظل السفن الأميركية متمركزة بالنصف الغربي للمحيط الأطلسي لقطع الطريق بين بريطانيا وكندا وخوض معارك ضد السفن البريطانية في حال التأكد من إمكانية تفوق البحرية الأميركية. ومن جهة أخرى، طالبت وزارة الحرب الأميركية بإلغاء التدخل العسكري ضد كندا في حال إعلان الأخيرة لحيادها وقبولها بتسليم عدد من الموانئ والمواقع الحساسة للأميركيين.

ولتطبيق الخطة الحربية الحمراء، باشرت الولايات المتحدة الأميركية سنة 1935 ببناء قواعد جوية قرب الحدود الكندية، معلنة أنها مطارات مخصصة للنقل المدني، كما وضعت خططاً أخرى للسيطرة على ميناء هاليفاكس ومولدات الطاقة قرب شلالات نياغارا، وتزامن ذلك مع اقتراح عدد من الاستراتيجيين الأميركيين ضم كل هذه المناطق الكندية للولايات المتحدة الأميركية.

في الأثناء، لم تطبق هذه الخطة قط حيث تخلى عنها المسؤولون بوزارة الحرب مع اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939 وتوحّد البريطانيين والأميركيين ضد دول المحور. وعلى الرغم من موافقتها على الخطة الحربية الحمراء منذ عام 1930، تكتمت وزارة الحرب والبحرية الأميركية عن الأمر عشرات السنين قبل أن ترفع السرية عنها سنة 1974 مثيرة بذلك غضب المسؤولين الكنديين.

المصدر: العربية – لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!