السنيورة قوياً أمام القضاء الضعيف!!
هُرِّب رئيس الحكومة ووزير المال الأسبق فؤاد السنيورة على غفلة. دخل الرجل سِرّاً قصر عدل بيروت هارباً من أعين الموجودين وعدسات الكاميرات وجموع المتظاهرين الذين كانوا سيحضرون لاستقباله هاتفين بأعلى أصواتهم لاستعادة الأموال المنهوبة: آلاف مليارات الليرات من أموال الشعب اللبناني التي كان السنيورة قيِّماً عليها لسنوات أثناء وجوده في الحكم
مَثَل رئيس الحكومة ووزير المال الأسبق فؤاد السنيورة أمام النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم أمس. السنيورة «الشجاع»، الذي لا يخشى القضاء، فاجأ القاضي إبراهيم بقدومه بعدما كان المدّعي العام التمييزي غسان عويدات قد أعلن تعذّر تبليغه. هذا ما صرّح به القاضي إبراهيم لإحدى الوسائل الإعلامية بعدما أخبر المتصلين به أنّه يلتزم قرار مجلس القضاء الأعلى بعدم التصريح إعلامياً. أصرّ وزير المال الأسبق على المثول أمام القاضي، زاعماً أنّه علِم بموعد الجلسة عبر وسائل الإعلام ليبدأ استجواباً دام نحو ثلاث ساعات. واللافت أنّ مفاجأة السنيورة لم تكن تلقائية بسبب الإجراءات الأمنية التي رافقت ظروف دخوله. فقد «هُرِّبَ» الرجل على حين غفلة كي لا يتنبّه الإعلام والجموع الغاضبة لوجوده.
ما تقدّم لا قيمة له. المهم ساعات الاستجواب الثلاث. هل أدار فعلاً القاضي إبراهيم تحقيقاً جدياً، أم أنّه انطلق في جلسة الاستماع من مسلّمة أنّه لن يستطيع شيئاً طالما أنّ هناك حصانة تحمي المستمع إليه؟ لماذا حصر القاضي إبراهيم التحقيق في ملف الـ «١١ مليار دولار»، وهو الملف المعروفة سلفاً نتيجته؟ ولماذا لم يُخصص التحقيق للسؤال عن مئات المستندات التي بحوزته والتي تُظهر فوضى مقصودة وتلاعباً بالقيود والملفات، أو يُسأل على الأقل عن تقرير المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني بشأن حسابات الدولة منذ عام 1993؟ لم يُعرَف إذا ما سأل إبراهيم عن الهِبات التي مٍنِحت للبنان بين عامَي ٢٠٠٥ و ٢٠٠٧ والبالغة ثلاثة مليارات دولار وعن كيفية صرفها؟
أسوأ ما يجري في القضاء اليوم وجود اقتناع راسخ بأنّ القضاة غير قادرين على محاسبة الوزراء والنوّاب بسبب الحصانة الدستورية والقانونية التي تحميهم والغطاء السياسي الذي يُظلّلهم. يقول أحد القضاة لـ«الأخبار» إنّ الضغط يجب أن يكون على مجلس النواب للتشريع وإجراء تعديلٍ دستوري لرفع حصانات النوّاب، مشيراً إلى أنّ المرجع الصالح الآن هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء! ليس هذا فحسب، بل يكشف القاضي نفسه أنّ بإمكان السنيورة أو غيره عدم الامتثال لطلب الاستماع إليه، ولن يستطيع المدعي العام المالي معه شيئاً!
أمام ما سبق، يصبح مشروعاً السؤال عما إذا كان استدعاء السنيورة مجرد استعراض أمام الرأي العام. في هذا السياق، يؤكد المتابعون لملف الفساد أن ضعف القضاة سبب التراخي الجاري، مشيرين إلى أنّه لو كان القاضي علي إبراهيم جادّاً في تحقيقاته وهادفاً إلى استعادة الأموال المنهوبة لَعمَد الى توجيه دعوة إلى مجلس النواب للمطالبة برفع الحصانة عن النواب والوزراء. يقول هؤلاء إنّ لدى المدّعي العام سلطة تسمح له بطلب رفع الحصانة. وبالتالي، فإن مجلس النواب، في هذه الظروف، لن يجرؤ على منع رفع الحصانة، لأنه سيكون كل من يرفض رفع الحصانة، في نظر الرأي العام، متّهماً ومتواطئاً.
الثابت من المستندات أنّ مال الدولة منهوب. التقارير تؤكد اختفاء آلاف مليارات الليرات في الفترة الممتدة بين عام 1993 و2013. هناك مال أُخِذ من الخزينة، وهذا المال يجب أن يُعاد. فلماذا لا تسقط الحصانات عن الجميع؟
السنيورة: أوضحتُ للقاضي
قال الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، في بيان أمس، إن المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم طرح عليه «مجموعة طويلة من الأسئلة، تناولت فترة توليه المسؤولية في وزارة المال؛ وبعدها في رئاسة الحكومة.
وقد تناولت هذه الأسئلة شؤوناً مختلفةً بشأن عمل وزارة المال، وكذلك أيضاً مسألة الإنفاق الإضافي بما يعادل الـ 11 مليار دولار التي شرح الرئيس السنيورة أنها ناتجة من الخلط في ذهن البعض من غير المختصين أو العالمين بشؤون الموازنة والإنفاق، ما بين «حساب الموازنة» و«حساب الخزينة»، الأمرين المختلفين تماماً؛ مالياً وحسابياً، وذلك الإنفاق الذي تمّ خلال فترة تعطيل مجلس النواب وضمن الظروف الاستثنائية والصعبة آنذاك».
وبحسب بيانه، «أوضح الرئيس السنيورة طبيعة وإلزامية وموجبات القيام بذلك الإنفاق الإضافي؛ والأوجه القانونية التي تمّ الاستناد إليها خلاله. كما عمد إلى تفنيد تلك المبالغ بكاملها للمدعي العام المالي، وكونها أنفقت لتلبية حاجات الدولة اللبنانية، ولتسديد مبالغ متوجبة عليها؛ وذلك تجنّباً للمخاطر التي قد تقع على الدولة، وعلى المواطنين اللبنانيين، في حال عدم تسديد تلك الموجبات».