جنبلاط في مهرجان العرفان: الثروات مهما علت لن ترد الأكفان عنا فادفنوا أمواتكم وانهضوا
شهدت ثانوية مؤسسة “العرفان التوحيدية” في بلدة السمقانية في الشوف، الاحتفال المركزي السنوي لمدارسها، في حضور رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ورعايته، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان القاضي الشيخ رئيف عبدالله، وزيري التربية والتعليم العالي أكرم شهيب والصناعة وائل أبو فاعور، والنواب: رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، مروان حمادة، نعمة طعمة، هنري حلو، بلال عبد الله، فيصل الصايغ، هادي أبو الحسن وأنيس نصار، الوزير السابق ملحم رياشي ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وفد مثل الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم، عدد من النواب والوزراء السابقين وممثلي القيادات الأمنية والعسكرية والجمارك.
كما حضر وفد من قياديي الحزب “التقدمي الاشتراكي” ضم: أمين السر العام ظافر ناصر وعدد من أعضاء مجلس القيادة، الدكتور ناصر زيدان، وكيل داخلية الشوف عمر غنام ومعتمدين، مستشار النائب جنبلاط حسام حرب، وفد من تيار “المستقبل” في إقليم الخروب، رئيس “الحركة اليسارية اللبنانية” منير بركات.
ومن الحضور أيضا: رئيس محكمة الاستئناف الدرزية القاضي فيصل ناصر الدين، الأباتي سعد نمر، السيد علي الأمين، القاضي الشيخ أحمد الكردي، أمين السر في “العرفان” الشيخ وجدي أبو حمزة، عدد من رؤساء محاكم مذهبية وأعضاء من جمعية أصدقاء “العرفان” والمجلس المذهبي، مديرين عامين ودبلوماسيين وشخصيات سياسية ومسؤولي جامعات ومدارس واتحادات ورؤساء بلديات ومخاتير وممثلي هيئات تربوية واجتماعية وحشود.
افتتح الاحتفال، الأمين العام للمؤسسة الشيخ سامي أبي المنى، بدعاء وترحيب بالحضور، وإشادة بالطلاب الناجحين الأوائل على صعيد لبنان في مدارس العرفان في الشهادات الرسمية، وتحية وفاء لرئيس المؤسسة الراحل منذ أقل من شهر الشيخ علي زين الدين.
ثم حيا راعي الاحتفال والحضور، مخاطبا شهيب والمسؤولين، بالقول: “إن العرفان مع زميلاتها المؤسسات التربوية تأمل ألا تسفر سياسة الدولة، عن ضربة قاضية بحق التعليم الخاص، وألا تتسبب قرارات الموازنة الجديدة بهدم البنيان، بينما نحن نطمح إلى التكامل مع التعليم الرسمي، ولنا الأمل بالأستاذ أكرم شهيب، وبمن يمثل بالحفاظ على مؤسسات التعليم الخاص الرائدة والمتميزة، التي حافظت بدورها على مستوى التعليم في لبنان، والعمل على صيانتها، والحفاظ على حقوق مكونات الأسرة التربوية جميعها، بما يضمن عدم إقفال تلك المدارس وتشريد معلميها وطلابها”، موجها لشهيب “كل التقدير، لما حققه بالأمس للجامعة اللبنانية، وما أنجزه في الامتحانات الرسمية، وما ينجزه بكل جرأة وأمانة”.
وبعد دخول الطلاب والمتفوقين، تحدث رئيس المؤسسة ومديرها العام الشيخ نزيه رافع موجها التحية إلى “الشيخ الجليل أبو محمد جواد ولي الدين، صاحب فكرة العرفان والقائد الشهيد كمال جنبلاط، صاحب الإرادة في قيام المؤسسة، وكذلك لرئيسها الراحل الشيخ علي زين الدين، الذي كان القلب النابض للمؤسسة”، معاهدا إياهم و “المجتمع التوحيدي والوطن، أن تبقى العرفان، كما أرادوها، وأن تستمر على نهجها التوحيدي والوطني، لتكون موئلا للذين يلوذون إليها، ويرتشفون من معينها العلم النافع والوطنية الصافية والأخلاق الرفيعة والقيم الإنسانية، ليتمكنوا من التغلب على الصعاب التي تواجههم في معارك الحياة”.
وقال: “إن المؤسسة ستعمل جاهدة لتحقيق التطور المنشود، بالتكيف والتفاعل مع المتغيرات والمحافظة على الثوابت، وستبقى العرفان رائدة في التميز والتمايز، حيث إن الجودة عندنا ليست الغاية، بل هي النهج الذي تتبعه في كل خطوة من خطواتها”، خاطب النائب جنبلاط، قائلا: “إننا في أسرة العرفان، سنزرع في قلوب أجيالنا وعقولهم شيم الوفاء والولاء لبيتكم العريق، الذي كان وسيبقى الحصن الحصين للطائفة والوطن”.
وختم “عهدا لك يا وليد بك، أننا سنستمر معكم من أجل نصرة الحق وبلوغ غاية العرفان، وستكون العرفان، وفي كافة المواقف والظروف، وفي خضم هذه الغياهب المظلمة، التي يمر بها الوطن، ستكون العرفان كما كانت دائما، مدافعة عن الحق والعيش المشترك، مدافعة عن الكرامة والوجود، وستبقى معتزة إلى جانبكم، في مواجهة كل ما يمس كرامة الجبل، وبالتالي كرامة الطائفة والوطن”.
حسن
ثم تحدث الشيخ حسن، فقال: “بوركت ثمرة العرفان، هذه المؤسسة التي نشأت في هذا السهل الجبلي، الذي يحفظ التاريخ والذاكرة، بفضل قادة كبار ومشايخ أجلاء، وبهمة مقدام غيور كافح من دون توقف، ما يناهز النصف قرن في سبيل بناء توطيد أسس انطلاقها وبجهد دؤوب لتعزيزها وازدهارها وتطويرها، حتى الرمق الأخير، وهي الآن بحمده تعالى، وبما تمثله من قيمة لمجتمعنا ولوطننا، وبرعاية دائمة من الزعيم وليد بك جنبلاط ستبقى مؤسسة رائدة، تحافظ على أمانتها ومسيرتها، ودوام تقدمها، نخبة مميزة وأسرة كريمة (أسرة العرفان)، مع دعائنا بالتوفيق للشيخ نزيه رافع”.
أضاف: “إضافة الى دورها التربوي، دفع الراحل الشيخ علي زين الدين، نحو علاقات وطيدة مع الكثير من المؤسسات التربوية والثقافية، في كافة أرجاء لبنان، على قاعدة التلاقي والتعاون وتبادل الخبرات، وترجمة الشعارات المتعلقة بحبك النسيج الوطني، وإحكام روابطه، على قاعدة الانتماء الوطني، إلى الواقع العملي اليومي”.
وتابع: “نحن اليوم، يهمنا النهج الذي به وحده نحافظ على بلدنا العزيز، المتن الأعظم من كتاب تاريخنا، وهو الصفحات البيضاء، التي تتضمن وحدة اللبنانيين، والعيش معا، تحت جناح التضامن اللبناني بين كل الفئات، وضد كل ما يهدد هذه الوحدة، هذا التضامن تجد تجلياته قبل زمن طويل، مما بات يعرف مع الاستقلال الروح الميثاقية”، معتبرا أن “لا تكون الميثاقية، أو مبدأ اللحمة الوطنية، أو كنز المصالحة، موضوعا آنيا في لعبة الصراعات والمناكفات السياسية، بل هي ثوابت ترقى إلى مستوى احترام الروح الدستورية، بمعانيها الوطنية والسياسية والإنسانية الرفيعة، وهو ما يحفظ لبناننا وسط كل العواصف”، داعيا ب”إخلاص وأمانة، إلى التبصر بالعواقب والمآلات”.
وأكد “لسنا نرى نافذة إلى خلاص لبنان اليوم، إلا التمسك الشديد والمخلص، بالثوابت الوطنية، والمبادئ الدستورية الميثاقية، وروح المصالحة، ومصالحة الجبل التاريخية التي تكرست بجهودكم وحكمتكم وصلابتكم ورعايتكم لطائفتنا المعروفية، وليد بك، مع البطريرك الراحل مار نصرالله صفير، وتم تثبيتها مع غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي – أدامه الله – ونحن حريصون على هذه المصالحة، ولن تؤثر عليها الخطابات الاستفزازية، ولا التصريحات الطائفية، ولن تزعزعها عوارض السياسة، وتقلبات أمزجة المصالح فيها، والمكاسب الدنيا، فأمانة “وحدة الأرض والإرادة” عهد نلتزم به، بلا هوادة، ونأمل أن يلتزم به الجميع”.
ورأى أن “الجبل مر خلال الأسابيع الماضية، بمرحلة صعبة عقب حادثة البساتين الأليمة، والخسارة هي مشتركة لنا جميعا، والتي تتطلب لتجاوزها، نهج الحكمة والتبصر والالتزام بالمبادرات السياسية والقضائية والأمنية، المبنية على أن القانون فوق الجميع، وأن الدولة ومؤسساتها هي المرجعية الوحيدة لكل اللبنانيين، وأن أمن الجبل واستقراره والعيش المشترك من ركائز الثوابت، وهو من الخطوط الحمر غير المسموح تجاوزها”.
وقال: “نحن من موقعنا الروحي، نشكر جهود جميع المرجعيات السياسية والأمنية، التي تحركت فور وقوع الحادث، لتطويق ذيوله، ووأد الفتنة، ووضع إطار للحل، ورجاؤنا وأملنا أن تسلك المصالحة ضمن البيت الواحد، قبولا للمساعي الحميدة، وببركة ودعاء المشايخ الأجلاء، والمرجعيات الروحية الكريمة، ستبقى راية التوحيد خفاقة مرفوعة بإذنه تعالى، وقناعتنا العيش في هذا الوطن، بكرامة، إلى جانب إخواننا في الطوائف والمذاهب”.
وإذ اعتبر أن “لبنان يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة، تهدد استقراره وعافيته”، قال: “نداؤنا أيها اللبنانيون، احفظوا وطنكم عبر ترسيخ مفاهيم المحبة والشراكة في نفوسكم، وتعالوا عن صغائر الأمور، وتشبثوا بالكلمة الطيبة، وبقواعد الصفح والتسامح، لبنان أمانة في أعناقكم وأعناق كل المخلصين حافظوا عليه”.
وختم “نسأل الله تعالى أن يحمي وطننا، وأن يمن بتعزيز المصالحة والتآلف ووحدة الحال، ونسأله أن يهدينا جميعا إلى سواء السبيل، وأن يسدد حكام هذا البلد، إلى ما فيه الخير والعدل واليمن لكل أبنائه، إنه هو السميع المجيب”.
وبعد كلمة للطالب راجيف البعيني “الخامس في لبنان في الشهادة المتوسطة”، كانت قصيدة من وحي المناسبة للشيخ أبي المنى، وفيلم وثائقي عن رئيس المؤسسة الراحل الشيخ علي زين الدين.
جنبلاط
ثم ألقى راعي الاحتفال كلمة، استهلها بمقطع من قصيدة مترجمة للشاعر الفرنسي لامارتين، متوجها فيها إلى رئيس مؤسسة “العرفان” الراحل الشيخ علي زين الدين:
“أهكذا أبدا تمضي أمانينا/ نطوي الحياة وليل الموت يطوينا
تجري بنا سفن الأعمار ماخرة/ بحر الوجود ولا نلقي مراسينا
قد كنت أرجو ختام العام يجمعنا/ واليوم للدهر لا يرجى تلاقينا
لقد رحلت عنا يا شيخ علي، في لحظة من أدق مراحل تاريخ الجبل، تاريخ الموحدين، تاريخ بني معروف وتاريخ لبنان”.
وقال: “في هذا المناسبة، أؤكد لك، ولأهل العرفان، ومعشر العرفان، ولأهل التوحيد ولأهل الجبل، أن المسيرة التي بنيتموها معا، يا شيخ علي مع كمال جنبلاط، وبمباركة الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين، أن مسيرة الصمود، أن مسيرة الوجود، أن مسيرة الوحدة، أن مسيرة المعرفة، أن مسيرة العلم، أن مسيرة العقل، أن مسيرة الانفتاح والحوار، أن مسيرة العروبة، أن مسيرة فلسطين، أن مسيرة فخر الدين ومسيرة كمال جنبلاط، باقية بقاء الروح في نفوسنا، لذا وأكثر من أي وقت مضى، سنواجه التحديات، وفي البناء، وتعزيز كافة المجالات، التي يمكن أن تسهل للطلاب وللطالبات، مزيد من المعرفة والعلم”.
أضاف: “كما أنه لا بد من إيلاء التعليم المهني، عناية خاصة، لتنويع الاختصاصات وبالتالي إعطاء الطلاب والطالبات، آفاقا جديدة للعمل في الحياة، وإلى جانب التعليم المهني، لا بد من فرع لتكنولوجيا المعلومات، بعد تجهيزه للحاق بالعصر وتحديات”.
وتابع: “أيتها العائلة العرفانية المعروفية الكبرى، بمزيد من التعاضد والتضامن والألفة ورص الصفوف سنرفع التحدي، رأيتم ورأينا كيف كانت الهجمة المسعورة اللئيمة، قبل فترة وجيزة من رحيله، رأيتم ورأينا، كيف حمى العرفان وإنجازاتها التاريخية، نسي هؤلاء أن شبان وفتيات وأشبال وأبطال العرفان، كانوا في بداية حصار الجبل، مدماكا أساسيا في الصمود، والقتال عند الحاجة، بيمينهم قلم المعرفة، وبيسارهم بندقية الكرامة، يسيرون جنبا إلى جنب، مع رفاقهم في الحزب التقدمي الاشتراكي، للدفاع عن هذه الأرض المقدسة، وفي يوم المصالحة، يوم الجبل، يوم لبنان، رفعوا أعلام التوحيد عاليا، أعلام العقل، في استقبال بطريرك السلام الكاردينال البطريرك مار نصرالله بطرس صفير”.
وسأل: “أليس هم شباب العرفان، الذين أنشدوا في يوم الجبل الأسود؟
سلام الشباب سلام الرجال
سلام الرفاق رفاق القتال
هتافا يردد صوت البنين
ليبقى ويرقى ويحيا كمال
وفينا تسير دماء الجدود
فداء سنمضي بلحن الصمود
وشعب المعلم شعب عريق
ينادي بذكر الشهيد الرفيق
وطلاب نشء وجيل جديد
قسمنا يمينا بأن لا نحيد
سنمضي وحتما بدرب الشهيد
حياة الإباء وإلا الزوال
وعهدا لروح الزعيم الشهيد
فأنا سنمضي لعهد جديد”.
وأكد “بهذا العهد، وبهذا القسم، وبهذه الإرادة، وبهذا التصميم، مضينا على مدى عقود ونجحنا في فك الحصار تلو الحصار، وتسجيل التفوق تلو التفوق، والتقدم تلو التقدم”.
وأعلن “وعلى هذا، فإنني أتعهد بالتقديم للعرفان، لإدارتها، للأساتذة، للعاملين فيها، للطلاب والطالبات، لكل فرد عرفاني، أتعهد بالدعم الكامل، في كل المجالات، وأطالب مجلس الأصدقاء، بمزيد من التضحية والعطاء، لأن العطاء، ووحده العطاء، هو عنوان الحياة والبقاء والاستمرار”، خاتما “إن الثروات مهما علت، لن ترد الأكفان عنا، ادفنوا أمواتكم وانهضوا”.
وختاما، تسلم الناجحون والمتفوقون شهاداتهم من النائب جنبلاط وشهيب ورافع.