كاد المعلم… بقلم ميشال جبور

 

في وطني… وفقط… في وطني… كرامة الأستاذ مستباحة… في وطني يُقدّر هزّ الخصر اكثر من تنوير الفكر…
في وطني… وفقط… في وطني… هنالك فاقد للحياء يريد تلقين المعلم “درساً” وهنالك مدعٍ للحرية والديمقراطية يريد ان يعكس “العيب” على الأساتذة…
نماذج مشعوذة تتآمر لتشويه صورة التعليم والعلم… فإن كنا في ما مضى نرمز الى العلم بالشمعة المضيئة التي تنير الظلمات، هنالك من انبعث من اسفل دركات الحقد على العلم والتعليم الجامعي في لبنان مستشيطاً بغيظ الجيوب يريد البطش بالأساتذة فقط لأنهم يريدون…الحفاظ على حقوق الجامعة الوطنية قبل حقوقهم…
في وطني، الأستاذ والدكتور ليس ابداً على حق… وليس له الحق لا بالتعبير عن مطلبه ولا بالإعتصام ولا بالإضراب السلمي لكي تسمعه اذن مسؤولٍ ما…آذان صماء عن الحق، تخاف من الفاسدين وتستكبر رجال العلم… اساتذة الجامعة اللبنانية،علماء التعليم الرسمي الوطني، هم اليوم… مستضعفون… يُقابلون بالتهجم ونكران الجميل وتشوه صورتهم…اساتذة الجامعة اللبنانية باتوا عبئاً علمياً وادبياً على الدولة…
باتوا مكسر عصا، لأناس لم يفهموا يوماً ان تقدم الدول يكون بتقدم العلم فيها… في وطني اصبح “عيب” ان يطلب الأستاذ من مسؤولي الدولة ان لا يمدوا يدهم الى جيبه وان يعطوه ابسط حقوقه لكي يتساوى مع من يقابله في التعريف الوظيفي ويرجو الدولة ان لا تخفض ميزانية الجامعة الوطنية لكي… يحافظ على كرامته وعلى رقي العلم والثقافة…
في وطني، تناسى المسؤولون ان معظمهم من خريجي الجامعة اللبنانية التي احتضنتهم وعلمتهم الى ان تقدموا في الحياة وكبرت جيوبهم… فانقضوا عليها نهشاً من ميزانيتها لملء جيوبهم…
كم انتم ماهرون في استضعاف من هو “آدمي”… تنادون بالدولة وكل افعالكم هي تنظيم مزارع…
كيف… كيف سيقف الأستاذ لينادي بجيلٍ جديدٍ متعلم ومقدام وانتم تضربون له مثلاً بضرب الأستاذ بلقمة عيشه… دولة تستقوي الودعاء وتفرض عليهم خوات ضريبية وفي الوقت نفسه تتهيب رجال الفساد وتتستر على من يضعفها من ركبتها الى رأسها…
اساتذة الجامعة اللبنانية يعرفون تمام المعرفة ان الإقتصاص منهم اتى على شاكلة موازنة اقل ما يقال فيها انها اتت لتطعن جروحٍ بالأصل هي مفتوحة… ما هذا الحقد على العلم والتعليم الرسمي… ما طبيعة هذا الخبث عندما يلتف البعض على الأساتذة الجامعيين محاولاً اظهارهم وكأنهم يريدون ان يخربوا مستقبل الطلاب ان طالبوا بحقوقهم…
الستم مسؤولون عن الدولة؟… اوجدوا الحلول بالحوار والسماع لمطالب المعلمين… ويل لأمةٍ لا تسمع لعلمائها… ويل لأمةٍ تحاول في كل فرصة بتر كرامة المعلم والأستاذ…
ما هذا الصمت الشيطاني عن مكامن الهدر والفساد الفعلي وما هذه الردود الرعناء على مطالب الأساتذة المحقة…
تريدون بناء دولة….ابنوا في العلم والثقافة ولا تقطعوا اعناق من يحمل اعلى درجات العلم والثقافة على كتفيه…
أهي خصخصة ممنهجة عبر ضرب الجامعة واحراج الأساتذة امام طلابهم… خسئتم بأحلامكم الوردية التي بات لونها يميل الى الأحمر القاتم لأنكم لا تفوتون فرصة للطعن في ظهر التعليم الجامعي اللبناني… الوطني…
كيف سينشأ الطالب وكرامة من يعلمه تهتز وتذل امام عينيه… كيف سيتمسك طلابنا واصحاب العقول بوطنهم عندما يرون ان من يحمل رسالة العلم يُجلد عند ناصية ملء الجيوب… تريدون المال… خذوه لكن لا تطعنوا التعليم الجامعي الرسمي بصميمه… خذوه من الذين يستقبلونكم على العزائم الفارهة ويقدمون لكم الهدايا الملتوية لكي تتستروا عن تقطيعهم لأوصال القانون والدولة…
ان اردتم الإزدهار وبناء الدولة القوية عليكم بدعم العلماء والأساتذة الجامعيين لكي نرتقي بالعلم فنلتقي بمستقبلٍ واعدٍ للطلاب، فنحافظ عليهم ونحافظ على عقولهم الزاخرة بالعلم لمصلحة الوطن، فلا يتشردون في اصقاع العالم…
الجامعة اللبنانية هي جيش لبنان العلمي فلا تضعفوها ولا تقتصوا منها فهي حاملة لبيرق العلم اللبناني في العالم اجمع… الطلاب ليسوا برهائن، انتم من يجعلهم رهائن… رهائن جهلكم لقيمة العلم ولظروفهم المادية التي لا تسمح لهم ان يدخلوا الى جامعاتكم الخاصة الأرستقراطية فتستغلون الظرف وتدفعوهم نقطة ضعفٍ في وجه مربيهم…
النداء المحق هو وقفة الطالب مع استاذه بوجهكم لأنكم انتم من سيطير مستقبل الطالب بعدم ايجاد الحل الداعم للأستاذ وللجامعة الوطنية…
لتكن ثورة الطالب عليكم لأنكم تهددون مستقبله بتهديد الأستاذ تارة بالعيب وتارة بالضرب…
التربية الحقيقية هي تنشئة وتعليم الطالب على حب الوطن وليس على الحقد تجاه الأستاذ ومن ثم تتخلون عن التعليم الرسمي عند اول مفترق طرق…
الطلاب سيثورون مع اساتذتهم ضد حساباتكم المالية وملتويات افكاركم الإنتخابية والشعبوية… وليكن شعار الطالب ان استاذه هو من يربي، استاذه هو من يحضنه مثل ابيه وامه ولتكن كرامة الجامعة اللبنانية واساتذتها من كرامة الوطن… صاحب الحق يمشي ملكاً ومن يريد استكبار الأساتذة واضعافهم فليخيط بمسلةٍ اخرى…
المراقب والمحلل السياسي ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى