استئناف المحادثات الحدودية اللبنانية – الاسرائيلية… نجاح المفاوضات مطلب للطرفين
الغاز لحل أزمة لبنان
سيكون لبنان على موعد في الأسابيع والأشهر المقبلة مع استئناف مهمة الوساطة بقيادة المبعوث الأميركي الجديد ديفيد شنكر، ومن المرجح أن لا تدخل المفاوضات مرحلة السخونة قبل الانتخابات الإسرائيلية المحددة في 17 أيلول المقبل. وقد شهدت المرحلة السابقة من الجولات المكوكية نوعاً من الحنكة والدهاء في تقاسم الأدوار بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان.
تعلم الإدارة الأميركية علم اليقين، أن كل تحركات الحكومة اللبنانية في الشق الاقتصادي الداخلي، ما هي إلا محاولات لكسب الوقت و”الترقيع”، فالغاز هو آخر وأفضل الحلول لبيروت لتتجاوز أزمتها. ومن هذا المنطلق بدأت جولات ساترفيلد المكوكية قبل أشهر وستستمر مع شنكر لإبرام تسوية بأقل تضحيات إسرائيلية ممكنة.
نجاح المفاوضات
هذا الموضوع تطرق إليه خبراء معهد “ميتفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، الذين اعتبروا أنه رغم جميع التقارير عن صعوبة التقريب بين إسرائيل ولبنان في المفاوضات البحرية، إلا أن ما يدور في كواليس صنّاع القرار في تل أبيب مختلف تماماً، ويوحي بصورة مغايرة وأقرب للإيجابية.
تفاقم الأزمات بين لبنان وإسرائيل منذ الثمانينيات حال دون حصول أي مفاوضات. وفي ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، رفض لبنان تقسيم المنطقة الاقتصادية البحرية المتنازع عليها والبالغة 865 كيلومتراً مربع على أساس حصول إسرائيل على نسبة 45 بالمئة منها مقابل 55 للبنان. ووفقاً لتقديرات خبراء المعهد، فإن إسرائيل “لن تقدم أي شيء أفضل من ذلك في المفاوضات اللاحقة”.
من جهته، توقع الخبير في المعهد مايكل هراري، والذي شغل منصب سفير إسرائيل في قبرص بين عامي 2010 و2015، نجاح المفاوضات. وخلال مؤتمر صحافي عُقد في القدس يوم 4 تموز الجاري، أشار هراري إلى أن الاقتصاد في لبنان “لا يسير على ما يرام”، وأن حل النزاع البحري سيكون ضرورياً لتحقيق الاستفادة القصوى من اكتشافات الغاز الطبيعي في المياه اللبنانية وجلب الاستثمارات الأجنبية.
وعن ضرورة التوصّل الى حل، اعتبر هراري إن منتدى غاز شرق المتوسط الذي أُنشىء في وقت سابق من هذا العام في القاهرة، والذي يضم أيضاً إسرائيل والسلطة الفلسطينية، يؤكد للبنان أنه إذا أراد الاستفادة من إمكانات الطاقة، فعليه أن يتوصّل الى حل مع إسرائيل. موضحاً أن التفاوض سيكون له معنى للطرفين، وخاصة لبنان، بالنظر إلى عدم الاستقرار الاقتصادي الحالي الذي يعيشه.
حوافز متبادلة
يعتبر خبراء المعهد أن المفاوضات تتزامن مع الحديث عن صفقة القرن، فإسرائيل اليوم تعيش في بيئة تُعتبر فيها المبادرات الاقتصادية قابلة للتطبيق على أرض الواقع. وفي حين أن لبنان لا يزال يكنّ درجة عالية من العداء العام لإسرائيلمقارنةً بدول الخليج، لكن الأمور تسير في نافذة من الزمن تتغلب فيها المصالح الاقتصادية على سياسات الهوية.
ومع تعمق مخاطر العقوبات الأميركية على لبنان، رأى الخبراء أن كل طرف لديه حوافز كافية لتسوية النزاع الإقليمي، كي تستثمر الشركات الدولية في استكشاف المياه، وكي “لا تحتاج إلى طرح أسئلة كثيرة حول الحدود والموارد المحتملة تحتها”. وبالنظر إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب “كتبت شيكات على بياض” لإسرائيل – كما حصل في الجولان والقدس- قد يتكرر هذا الأمر في الحدود البحرية المتنازع عليها، ما سيدفع بلبنان ليكون أكثر استعداداً للمبادرة والمشاركة في الحوار خشية أن تقرر إسرائيل الحدود الخاصة بها بدعم أميركي.
التعاون الإقليمي
وبخصوص الطرف الذي سيقود المفاوضات حتى النهاية، أجمع خبراء معهد “ميتفيم” على أن الولايات المتحدة لا تزال الممثل الأكثر أهمية في الساحة الجيوسياسية لجلب إسرائيل إلى طاولة المفاوضات والتوقيع على حل وسط غير رسمي. وجزموا بأن إسرائيل لن تقبل الأمم المتحدة بصفتها المفاوض الرئيسي، وذلك يعود جزئياً لأن الدولة العبرية لم توقّع على قانون البحار الخاص بالمنظمة الدولية.
وبينما تستند الأنشطة الدبلوماسية الراهنة على التوقعات فحسب، يعتقد خبراء المعهد أنه يجب إعطاء المفاوضات فرصة للنجاح. وإذا كُتب لها النجاح، قد يتطلّع ممثلون إقليميون آخرون لديهم نزاعات بحرية، مثل قبرص وتركيا، إلى إسرائيل ولبنان لإيجاد آلية للتعاون الإقليمي وحل النزاعات. وفي الوقت نفسه، لم يستبعد الخبراء ظهور عوامل كثيرة يمكن أن تحدّ من المفاوضات، بما في ذلك انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في سوق الطاقة العالمي، والمعارضة الداخلية في لبنانضد التفاوض مع إسرائيل، وإمكانية أن يكون للقضايا الأكثر إلحاحاً في المنطقة الأولوية عند كل طرف.