مصادر ديبلوماسية أوروبية: طبخة تُعدّ للبنان بين فرنسا، السعودية وتركيا بموافقة أميركية ودوحة 2

 

تمّت تفاهمات بين القوى السياسية والأمنية على سلسلة تدابير لمواكبة التظاهرات المقرّرة أمس والتي بدت “مبتورة” وخصصت لها قدرات كبيرة وأكثر من إستثنائية. تظاهرات حُضّرت في غرف سوداء بدعم أميركي وتولاه التركي عبر أذنابه شمالاً ومن خارج البحار المنادي بعباراتٍ أتى بها من العصر العثماني وأشهرها “يا قوم”.

اليوم السادس من حزيران تاريخ “النكسة“، تاريخ كرس العدوانية الإسرائيلية عبر اجتياح لبنان واحتلال أول عاصمة عربية بعد القدس.

يومها وقف مقاومون في خلدة على أبواب بيروت ليسطروا أروع مشاهد الدفاع عن الأرض والعرض في مواجهة جيش وآلة عسكرية قيل وقتها إنها “لا تقهر”، وتمدّدت “ا ل م ق ا و م ة” لتسطّر أروع ملاحم البطولة صانعةً مجد أمّة وكرامة وطن وعزّة شعب وحماية أرض، فكانت أولى العمليات الإستشهادية من صور ودكّ حصون الإحتلال في تومات نيحا ومواجهة ميدون مروراً بتحرير العام 2000 وصولاً إلى حرب تموز المضفّرة، وكلّها ممهورة بدماء مقاومي “ا ل م ق ا و م ة” التي روت الأرض فأنبتت نصراً تلوى نصر، ولم ينتهى مطاف الإنتصارات بهزائم العدو الصهيوني بل تجسّد في هزيمة الوجه الآخر للعدو الصهيوني “داعش” و”التكفيريين”، فمنيوا على يد نفس “ا ل م ق ا و م ة” بهزيمةٍ نكراء، لتدخلنا “زمن الإنتصارات” بعد أن “ولى زمن الهزائم”.

  • نكسة لن تتكرّر

واليوم لن يُعيد التاريخ نفسه، لا في النكسة ولا في الاجتياح ولا في التكفيريين، وكل الدعوات التي وجهت للتظاهر تحت عنوان “التصويب على ا ل م ق ا و م ة وتطويقها” لا مكان لها لا في الساحات ولا تحت الشمس إستنادا إلى كم البيانات التي أعلنت عدم الانسياق وراء دعوات الفتنة المذهبية والتقسيم والـ 1559 ومن أسّس له، فهي حتماً دعوات بلا أم ولا أب وشعارات لفظها اللبنانيون وأبعدت من قاموسهم، وهكذا شعارات لم يعد يألفها اللبنانيون، ولا تُصرف مهما حاول البعض البيع والشراء في سوق النخاسة ومحرّكهم، فالمحركون غارقون في أوحال “العنصرية” و”تهم الفساد“.

  • لوثات 17 تشرين وموبقات 6 حزيران

وبين لوثات 17 تشرين وموبقات 6 حزيران أشهر ثمانية من التحضير لـ”الفتنة”، للتخريب، للفوضى، والسادس من حزيران هو نسخة منقحة عن فضائح 17 تشرين وفشله التآمري، على الوطن واهله بعيداً عن المطالب المعيشية والاجتماعية والاقتصادية.

إن ما نتج عن “فوضى” الأمس يُدلّل على التأسيس لمؤتمر تاسيسي جديد يُخضع لبنان لـ”دوحة رقم 2″، بمساعدةٍ سعودية ومصرية بوكالة أميركية تبنى مداميكه إحياء نتائج مقررات قرار 1559 ومندرجاته الأساسية “نزع سلاح ا ل ح ز ب ”، وتاليها التوسط القطري لجمع سعد الحريري و جبران باسيل بدعمٍ فرنسي بالتوازي مع الثورات الملونة وفوضى الشارع لإسقاط حكومة حسان دياب وإيصال الحريري إلى سدّة الرئاسة الثالثة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة مع تقصير ولاية المجلس والإتيان بباسيل لرئاسة الجمهورية، اتفاق يجري طبخه في الغرف السوداء خارج البحار وفق مصادر أوروبية رفيعة.

لكن نجاحه متوقف على نتائج ما ستؤول إليه الأوضاع الداخلية الضاغطة على حكومة دياب انطلاقاً من بروز المطالبة بتطبيق القرار 1559 حيث لاقى هذا المطلب التظاهرة التي نظمها عملاء إسرائيل داخل فلسطين المحتلة.

  • بدعة.. تعديل حكومي

فبدعة 17 تشرين ولهيب الدولارات الستة على الواتس آب، والنسخة الحقيقية لـ6 حزيران، وجه شبهٍ في التنفيذ، وإن كان ما سمي حينها بثورة 17 تشرين التي أطاحت بحكومة سعد الحريري وأسقطتها، فلن تبصر أهدافها المقيتة في نفس المخطط والهدف، واطمئنوا، لن تسقط حكومة حسّان دياب، وإن كان بعض مستشاري مصرف لبنان الذي ألهب الدولار تصريفاً وأمات العملة الوطنية تدميراً، لتشكل الضائقة الإقتصادية لهيب شارع، وتحوّلوا إلى وزراء مؤتمنون على العملة الوطنية، فالتعديل الحكومي أقرب من السقوط.

  • الثورة غدت ثورات

فمن سقف الوضع المعيشي، إلى سقف غلاء الأسعار، إلى سقف المطالبة بإسقاط الحكومة وتأليف حكومة حيادية تشرف على انتخابات نيابية وفق قانون جديد، إلى المطالبة بتطبيق القرارات الدولية ولاسيما القرار 1559 و”نزع سلاح ا ل ح ز ب ”، فقد أماطت مظاهرات السادس من حزيران اللثام عن حقيقة المخطّط والأهداف، لتغدو الثورة ثورات، ستة وستة سبت لن يتكرر، فالسادس من الشهر السادس ضرب موعداً لإعادة كشف المستور ـ المعلوم لتاريخ السابع عشر من تشرين، وإذ بشعار يحمل رؤوسا مسننة يدخل على يوم التظاهر لمحاولة زرع الشقاق وتخويف الناس من شوارعها لكل موظف صرف من عمله لمواطنين لن ينتظروا إلى أن تتوافق أرقام وزارة المال مع تقارير المصرف المركزي لنستدين من صندوق النقد الدولي.

  • صفقة

لفئات شعبية تطارد لقمة عيشها وليس في بنك أهدافها ملاحقة صواريخ ا ل ح ز ب  الدقيقة وغير الدقيقة، يوم ليكون لنا غد ومستقبل أو على الأقل حاضر مؤتمن، لا يضيع بين فيول مغشوش ـ صفقة، وقضاء غب الطلب وخيمة سياسية فوق كل مطلوب وتعيينات بالمكيول السياسي وتشكيلات تلتف حول عنقها مشنقة حبال وكهرباء جرفها التيار وإصلاح قام على معادلة “ما خلونا”.

  • انقسام الساحات

ذلك كله، لا شأن له في أي طلقة نار، في أي سلاح وجهته العدو المشترك “العدو الإسرائيلي والعدو التكفيري”، في أي توازن رعب مع ترسانة الأسلحة الإسرائيلية وانتحاريي التكفيريين، وفي الاختبار فإن مدينة صيدا التقطت الإشارة وسارت في تظاهرات رفضت فيها أي شعار مشتبه فيه يحيد الأهداف، فيما انقسمت ساحة عبد الحميد في طرابلس لساحتين: واحدة مطلبية والأخرى تنشد قطف السلاح وتنفيذ القرار 1559 المشؤوم.

  • خبط عشواء

أما بيروت فكانت أقرب إلى تشرينها الأول وأعلنت مجموعات عدة أن مطالبها تنحصر بشعب أصبح نصفه فقيراً معدماً وسط حكومة مقنعة متلكئة متخبطة خبط عشواء في الحلول والمعالجات، سوى فرض الضرائب واثبات أخرى، ثبّتت البنزين وتريد فرض خمسة آلف ليرة على المازوت المفقود أصلاً عن المواطنين والمزارعين والصناعيين بفعل مؤامرة الشركات مع تجار التهريب وإدارة الضهر من الحكومة ووزارة الطاقة المعنية، إلى جنون الأسعار للمواد الغذائية والسلع الإستهلاكية اليومية، وفقدان بعضها، و”التلاعب” بسعر الصرف للدولار مقابل الليرة، بفعل فاعل، وكأن من ثبّت الدولار على سعر 1500ليرة هم أنفسهم أفلتوه من عقاله متجاوزاً الـ4 آلاف، والقادم أسوأ، وصولاً إلى بدعة التثبيت على 3200ليرة مؤقتاً، ومصرف لبنان في خبر كان، ووزير مالية يتحفنا بمقولته الشهيرة الليرة بخير التي أخذها من معلّمه، واللبنانيون يئنون يصرخون وحكومة لاتسأل، ومساعدات الـ400 ألف ليرة التي ذهبت أدراجها وتوزعت وفق المحاسيب والأزلام ورغبات الجهات الموكلة، في حين أن مستحقيها باتوا يصارعون الخواء ولا من يسأل، بانتظار الدفعة الثانية التي حتماً سيصيبها عدوى سلفها.

  • نزع السلاح

مجموعات من المتظاهرين رأت إن لصق مطلب نزع السلاح مشتبه فيه ويهدف الى خلق انشقاق يمنع فئة من اللبنانيين من الانضمام الى إخوتهم في المطالبة بأبسط حقوقهم وترتفع قرقعة السيوف هذه فوق حزب لم يشأ الرد يراقب المشهد بصواريخ صمت مدوية ما خلا موقفا واحدا سدد صلياته وزير الصناعة عماد حب الله من معمل للأحذية الدقيقة في بنت جبيل وهو سأل : عن أي سلاح تخليتم انتم عندما طالبتم بنزع السلاح.

وإذا كان ولا بد من موقف سيادي فإن المنتشرين بين المتظاهرين بهدف طرح مطلب نزع السلاح فليبدأوا من الأجواء اللبنانية وليعترضوا على خرقها دوريا من قبل طائرات العدو الإسرائيلي وآخر الخروق تلك كان ليل منذ ثلاثة ايام عندما استعملت اسرائيل سماء لبنان طولا وعرضا انخفاضا وعلوا لتضرب مدينة مصياف في ريف حماه في سوريا.

وإذا ما حولتم تظاهرات الأمس الى الاعتراض على خرق السيادة اللبنانية فإن لبنان كله سيكون في طليعة المتظاهرين أما النزول الى الشارع لضرب الشارع فهذا عدوان آخر على حقوق الناس .

  • إسألوا ديفيد شينكر

وبينَ صرَخاتِ الوجعِ والصيحاتِ المسيَّسةِ خيطٌ دقيق، كدقةِ المرحلةِ التي يمرُّ بها لبنان، فيما الفرقُ بينَ عناوينِ الجائعينَ واهدافِ تجارِ لقمةِ العيشِ والسياسةِ والمالِ والثقافةِ ومحترفي التزوير والمؤامرة، ردحٌ طويل.

في طولِ الازمةِ وعرضِها عناوينُ كثيرة، الا انَ نتائجَها واحدة، أزمةٌ اقتصاديةٌ اجتماعيةٌ مستفحلةٌ معروفةُ الاسبابِ والاهداف. يكادُ يُجمعُ اللبنانيونَ انَ الفسادَ أحدُ ابرزِ عناوينِها، فمن رعى الفسادَ والمفسدين، وحماهُم في منظوماتٍ ماليةٍ ونقديةٍ واقتصاديةٍ وسياسيةٍ لسنين، واخرجَ افعالَهم بهندساتٍ ماليةٍ وغيرِ مالية، فلْنَسمَعِ الاميركيَّ الذي ما زال يتبجحُ بأنها هندساتٌ واجراءاتٌ كانت برعايتِه، واسألوا ديفيد شينكر.

  • الشريك الأميركي

أزمةٌ يجمعُ اللبنانيونَ انَ فقدانَ الدولارِ من الاسواقِ احدُ ابرزِ نتائجِها، ولا يُخفي الاميركيُ انه هو من يفرضُ الحصار، ويمنعُ الاموالَ من الوصولِ الى اللبنانيين، بل يمنعُها بطريقةٍ مباشرةٍ وغير مباشرةٍ عن اصحابِها اِن عبرَ البنوكِ او الحوالات، او سياساتِ سحبِها من السوقِ ضمنَ خطةٍ معروفةٍ خيوطُها لدى القضاء.

  • أهداف واضحة

فالازمةُ يا سادةُ مرعيةُ الاجراء، والاهدافُ واضحةٌ واِن انكرَها بعضُ العُتاة، وما الشعاراتُ المباشرةُ الا آخرُ اصداءِ التراكمات، التي تريدُ ان تستغلَ الموجوعينَ الحقيقيينَ والجائعينَ المعدَمينَ لاهدافِ المتخمينَ حقداً على لبنانَ وسيادتِه ومَنعتِه بوجهِ اعدائِه.

 الوكالة العربية للأخبار –  أحمد موسى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى