بلدة شبعا وطنية بامتياز (سعيد معلاوي)

 

 

من الصعب عليك أن تكتب عن بلدة شبعا وتفيها حقها , فهي تقبع هناك عند أقدام جبل الشيخ تطل على مزارعها المحتلة من الجهة الشمالية منذ نصف قرن من الزمن وخراجها الذي يحاذي الحدود مع الجمهورية العربية السورية من الشرق فيما مزارعها تشرف على سهل الحولة في الشمال الفلسطيني المحتل , وهي تتربع على عرش أكبر خزان مائي في الشرق الأوسط الذي يتمون من ثلج جبل الشيخ في مواسم الشتاء والأمطار والبرد ,
وتعتبر شبعا رأٍس حربة في الدفاع عن هذا الوطن وحمايته في وجه الغزاة منذ وعد بلفور واتفاقية سايكس- بيكو التي مزقت بيدر هذه الأمة الى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية لتشتيتها وتمزيقها والهائها عن قضيتها القومية – المركزية وهي القضية الفلسطينية أرض الأنبياء والرسل والقديسين والأطهار , وما زالت شبعا ترابط هناك بكل صلابة وعناد لتحرس الحجر والبشر متشبثة بأرضها وحقها في الوجود فوق هذه الأرض رغم احتلال الصهاينة الأوغاد لمزارعها منذ الحرب العربية – الاسرائيلية في العام 1967 والتي كانت تعيل 1200 عائلة يستثمرون هذه المزارع مع قطعانهم وكرومهم وحقول الزيتون , وفيها ما فيها من معاصر الزيت والزيتون والدبس والعنب , أما عاصمة العرقوب شبعا فيبلغ تعداد سكانها أساسا ما يقارب الأربعين ألف نسمة نصفهم في دول الخليج منذ خمسينات وستينات القرن الماضي ونصف النصف في العاصمة بيروت وصيدا وبعض البلدات اللبنانية الأخرى ,
تخرج من شبابها وصباياها حتى اليوم حوالي 1200 طالب جامعي فانخرطوا في الوظايف الرسمية وفي المؤسسات الخاصة والعامة وسوق العمل فكان منهم النواب علي ماضي ومنيف الخطيب والدكتور قاسم هاشم ومنهم كبار القضاة كالدكتور حاتم ماضي الى عشرات الضباط من مختلف الرتب والمحامين والأطباء والمهندسين أما بعض الذيت تعاقبوا على رئاسة المجلس البلدي فيها منذ الستينات وحتى اليوم فهم سعد الدين ماضي وعمر الزهيري ومحمد صعب ,
أما الموقف السياسي العام للبلدة جسده الأهالي إبان فترة الاحتلال الاسرائيلي المباشر لها في العام 1982 عندما جاء العدو بشاحنتين محملتين بالمواد الغذائية الى ساحة البلدة ونادى على السكان بمكبرات للصوت كي يأتوا وأخذوا حاجتهم من هذه الحمولة الا أن الشاحنات بقيت متوقفة في مكانها لمدة يومين دون أن يحضر أحد من الأهالي مما دفع بقوات العدو الى استعادتها بكامل حمولتها واخراجها من البلدة ,
عندها أدرك الاسرائيليون مدى التزام هؤلاء السكان بالسلطة الشرعية اللبنانية ,
حاولوا ثانية باستدعاء أحد مخاتيرها المرحوم أبو راشد محمد سليم الزهيري الى بساتين البلدة لابلاغه وبحضور قائد ما كان يسمى (جيش لبنان الجنوبي ) العميد سعد حداد بأن حداد وقواته سيدخل الى شبعا ويقيم مركزا عسكريا فيها , (فزمجر) أبو راشد في وجههم وصاح بهم لن يدخل هذا العميل الصهيوني الى شبعا الا على جثثنا وهجم على العميل حداد لضربه الا أن الضباط اليهود حالوا دون ذلك , عندها خبط أبو راشد (الحطة والعقال ) بالأرض طالبا منهم أن يشقوا صدره ليجدوا الارزة اللبنانية مطبوعة في قلبه ,
عندها أيقن اليهود وعميلهم المسعور بأن لا امكانية لمعايشة سكان هذه البلدة فهم غادروا جنوبا وأبو راشد اتجه الى البلدة والتقى أهلها في الساحة العامة ليشرح لهم ما حصل معه وهو رافع الرأس وعالي الجبين , الا أن العدو أبعد في مرحلة لاحقة بعد تلك المواجهة المختار أبو راشد وثمانية عشر من فعاليات شبعا عبر بوابة زمريا باتجاه البقاع ليعودوا الى بلدتهم بعد زوال الاحتلال في العام 2000 ,
هذه هي شبعا أيها السادة باختصار , وباختصار أكثر رغم كل هذا التاريخ الناصع البياض لشبعا وأهلها فان الدولة اللبنانية وفي مختلف المحطات لم تولي اهتماما كافيا لشبعا ومزارعها منذ أكثر من خمسين عاما , والسؤال : ما الذي يحول دون حركة دوبلوماسية على المستوى الدولي لاستعادتها (بالتي هي أحسن ) واذا لن تصل الأمور الى نهاية سعيدة فان الحل الآخر جاهز وهو القوة لأنها هي القول الفصل في تقرير مصير الأمة

سعيد معلاوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى