سلاح حزب الله والحدود بمفاوضات سويسرية – إيرانية

كرقعة “البازل” أصبحت ملفات المنطقة مرتبطة ببعضها البعض. أن يشهد الخليج كل هذا التصعيد، بالترافق مع اشتداد العقوبات الأميركية على إيران، والردّ الإيراني على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات عبر الحوثيين، والتلويح بقوة حلفائها في سوريا وفلسطين والعراق ولبنان، يعني أن الملفات كلها مرتبطة ببعضها البعض. تختار طهران الأسلوب والهدف، الذي تريد منه توجيه رسائلها من دون تبنيها الواضح للعملية ولا تورطها المباشر فيها، بما يكفي لإيصال الرسالة وحسب. فأن ينفذ الحوثيون عمليات مشابهة لاستهداف خط أرامكو بالقرب من الرياض، أو تلك التي وقعت بالقرب من ميناء الفجيرة، فهذا يمكن تبريره بالنسبة إلى طهران، ضمن المواجهة المفتوحة بين السعوديين والإماراتيين من جهة والحوثيين من الجهة المقابلة.

في هذا المناخ، تأتي الدعوة إلى عقد “مؤتمر الإزدهار والسلام” في البحرين، كمفتتح لـ”صفقة القرن”، بالتزامن أيضاً مع دعوة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى قمة إسلامية عربية وأخرى خليجية، ما يؤكد مجدداً، ترابط الأحداث من مياه الخليج إلى شواطئ المتوسط، ومن مضيق هرمز إلى غزة مروراً بباب المندب وصولاً إلى الجولان..

الترسيم والسلاح
لا ينفصل ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية في لبنان عن كل هذه التطورات، خصوصاً أن الأميركيين يربطون إنجاز هذه العملية بإعادة طرح “الاستراتيجية الدفاعية”، وقد لمّح نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، أثناء مشاورات وساطة الترسيم بين لبنان وإسرائيل، إلى ضرورة إعادة البحث في الاستراتيجية الدفاعية، بعد إنجاز الترسيم، حين ينتفي مبرر سلاح حزب الله والمقاومة.

موقف حزب الله من الترسيم كان واضحاً في البداية، باشتراط وحدة المسارين البرّي والبحري، رهاناً منه على رفض إسرائيل لهذا الشرط، ما يجنب الحزب مجدداً طرح ملف السلاح على طاولة البحث. الذي حدث أن تقدماً إيجابياً تحقق في مفاوضات ساترفيلد مع الإسرائيليين، رغم أن التفاصيل لا تزال غير واضحة، لا سيما وأن بعض المعلومات أو التقديرات تشير إلى أن الخلاف قد يتركز في المرحلة المقبلة، على النقطة التي سينطلق منها عمل الترسيم، هل من مزارع شبعا والمناطق المختلف عليها، أم من آخر نقطة برية في الناقورة والتي منها ستنطلق عملية الترسيم البحري.

العقبة السورية
في كلمته لمناسبة “عيد التحرير”، جدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله موقفه الثابت والمتمسك بالمطالبة باسترجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر. ما يعني ضمناً أنه لا يمكن التوافق على الترسيم البحري من دون حسم استعادة هذه المناطق المحتلة. وهنا يُطرح السؤال الأهم: هل يمكن أن تقدم إسرائيل على الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر، وبالتالي تنتفي مبررات سلاح المقاومة؟ الإجابة تبقى رهن التطورات، والمرتبطة حتماً بموقف النظام السوري، إن كان ينوي أصلاً الاعتراف بلبنانية هذه المناطق. فانتشار قوات “الأندوف” (الأمم المتحدة) فيها منذ العام 1974، حدث بناء على توقيع سوري على اتفاق عمل هذه القوات، والتي تم تحديد المساحة التي ستعمل في نطاقها. أم أن سوريا ستستمر بعرقلة إثبات لبنانية المزارع؟ وماذا لو انسحب الإسرائيلي منها وأخضعت تلك المناطقة للسيطرة السورية؟ أيضاً سيخرج الإسرائيليون والأميركيون ليعلنون انسحابهم منها، وبالتالي لا مبرر لسلاح الحزب. هنا سيكون أمام حزب الله عنوان آخر للتمسك بالسلاح: حماية النفط في البحر.

المبعوث السويسري
العمل الأميركي يتركز في هذه المرحلة، على سحب الذرائع والأوراق من يد حزب الله، خصوصاً “شرعية” امتلاكه للسلاح، أو ذريعة المقاومة. الأميركيون معنيون بتأمين حدود إسرائيل وإنجاز “صفقة القرن”. وحسب ما تؤكد معلومات خاصة، فقد زار لبنان في الأيام القليلة الماضية، مسؤول في الخارجية السويسرية وآخر في الخارجية الإيرانية، وعقدا لقاءات تركّز البحث فيها على ملف الحدود الجنوبية وملف سلاح حزب الله.. انطلاقاً من المساعي التي تقوم بها سويسرا بين إيران وأميركا، بعد زيارة الرئيس السويسري إلى الولايات المتحدة.

سيضغط الأميركيون على لبنان للشروع في بحث الاستراتيجية الدفاعية، ولكن أي بحث فيها، لا بد أن يكون مرتبطاً بتطورات المنطقة، والتي ستسعى إيران عبرها لتحصيل المزيد من المكاسب السياسية وصون مواقع نفوذها، قبل تقديم أي تنازلات في الاتفاق النووي والصواريخ البالستية. وهذه على المدى البعيد، ستعني أن إنجاز الاستراتيجية الدفاعية، سيأتي تتويجاً وتكريساً لسيادة حزب الله السياسية على لبنان، فيكون الحزب حينها قد استرجع “الأراضي المحتلة”، وثبّت حكمه للبلد باعتراف دولي.

المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!