لبنان واسرائيل.. تاريخ مفاوض من «الهدنة» الى «خط هوف_ شحيتلي»
صدى وادي التيم – لبنانيات
يعيد اتفاق الاطار المتعلق بترسيم الحدود بين لبنان والكيان الاسرائيلي والذي من المزمع ان ينطلق التفاوض بشأنها في احد مقرات القوة الايطالية العاملة ضمن اليونيفيل في رأس الناقورة في الرابع عشر من تشرين الجاري، مسلسل المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل. وكشفت مصادر ميدانية لـ “جنوبية” انه يجري حاليا الحديث عن “رفع عدد من اسماء ضباط الجيش اللبناني الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليكونوا في عداد الفريق اللبناني المفاوض حول ترسيم الحدود البحرية وابرزهم العميد الركن الطيار بسام ياسين ابن بلدة كفرتبنيت الجنوبية، الذي تقول المصادر انه سيكون رئيسا للوفد
وكان اللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، يتابع عن كثب بصفته رئيسا للوفد اللبناني الى الاجتماع الثلاثي وعلى مدى ست سنوات آليات التفاوض غير المباشر مع الجانب الاسرائيلي، فضلاً عن موضوع ترسيم الحدود البحرية التي اطلق عليها خط “هوف” نسبة للمبعوث الاميركي فريدريك هوف الذي اقترح عليه تسميه هذا الخط بخط “شحيتلي”!.
وتم حينها 2012 اقتراح لتقاسم المنطقة المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل عند الحدود البحرية الجنوبية الشرعية التي تمتد على حوالى 860 كلم 2 بحسب خط الهدنة عام 1949 والاقتراح يعطي لبنان مساحة 500 كلم2 وتعطى اسرائيل 360 كلم2 لكن لبنان رفض حينها اعطاء اسرائيل هذه المساحة كونها من حقوقه.
يقول اللواء شحيتلي لـ»جنوبية»: ان اجتماعات الناقورة تعقد على اساس القرار 1701 وتشكلت من ضابطي ارتباط احدهما من الجيش اللبناني وآخر من جيش الاحتلال الاسرائيلي يكونان على اتصال مع قائد اليونيفيل 24 ساعة على 24 وكل على حدا وتعقد هذه الاجتماعات بناء لدعوة قائد اليونيفيل شهريا داخل احد مراكز اليونيفيل في راس الناقورة، وكل وفد يدخل القاعة بفارق زمني عن الوفد الاخر، حيث يأخذ كل وفد مكانه في القاعة الكبيرة وهناك داخلها حائطان صغيران على ظهر كل حائط منهما طاولة للوفد اللبناني وطاولة لوفد العدو الاسرائيلي وبين الطاولتين يوجد طاولتين توضوعان بالطول واحدة لقائد اليونيفيل ومساعديه وواحدة للكتبة والمترجمين من اليونيفيل ولا يكون اي كلام مباشر بين وفدنا ووفد العدو وكل وفد يريد طرح قضية ما يتولى ايصالها قائد اليونيفيل للفريق الاخر وفي داخل القاعة ايضا اربع شاشات كل شاشة باتجاه وكل فريق يرى فقط الشاشة التي يعرض عليها مواده،
وبذلك فان المفاوضات صحيح انها في نفس القاعة لكنها غير مباشرة بمعنى انه لا يوجد اي كلام مباشر بين وفدينا، بعدها نوقع على محضر الاجتماع الذي نقارنه مع المحضر الذي يكتبه فريقنا.
اللواء شحيتلي يستعيد لـ«جنوبية» سيناريو المفاوضات مع الإسرائيليين.. لا سلام ولا كلام! يضيف شحيتلي “ان الاجتماعات كانت تشهد حدة كبيرة، وكان وفد العدو الاسرائيلي يتوتر جدا عند ثبات مواقفنا وحزمها، وكيف انه الجيش الذي “لا يقهر” ولا يذعن له . وحول الخط البحري يؤكد شحيتلي ان لبنان كان طلب من الامم المتحدة ان تدخل على خط المفاوضات البحرية ولكنها رفضت وكان شرطها ان يكون الطلب من الجانبين اللبناني والاسرائيلي.
ولفت الى انه بعدها دخلت الولايات المتحدة على خط التفاوض عبر مبعوثها فريدريك هوف وكان يأتي الى لبنان ويجتمع بي واحيانا يجتمع مع مستوى سياسي اعلى ويذهب الى فلسطين ويجتمع مع الاسرائيليين، و لاحقا اتى معه خبراء من اميركا وقلنا له نريد ترسيم الحدود استنادا الى القانون الدولي، وقام هوف بمبادرة “ترسيم خط” سلمني اياه ويكون خط فصل ليس له علاقة بالحدود حتى يتمكن كل من لبنان واسرائيل استخراج النفط حتى لا تحصل مشكلات بينهما سمي ” بخط هوف”.
و أضاف”: نحن من جانبنا كان لدينا ملاحظات على هذا الخط وطلبنا ان نتابع البحث بالخط وتعديله لكي يتناسب مع حقوقنا وبالتالي عدم الاكتفاء بهذا الاقتراح ومتابعة المباحثات لتعديل الخط”. واعتبر اللواء شحيتلي “ان مبادرة الرئيس بري هي انجاز للبنان لان اسرائيل كانت رافضة متابعة البحث ومجرد القبول باتفاق الاطار هو انجاز للجانب اللبناني” . وكانت بداية التفاوض برعاية الامم المتحدة عام 1948 بناء لقرار مجلس الامن الدولي الذي قضى بوقف الاعمال العدائية بين الكيان الاسرائيلي الذي هجر الفلسطينيين والدول العربية التي شاركت في الحرب وهي مصر وسوريا والاردن – العراق ولبنان الذي خاض جيشه اشرس المعارك مع جيش الاحتلال في بلدة المالكية وهي واحدة من القرى السبع اللبنانية التي تم ضمها الى الاراضي الفلسطينية في معاهدة سايكس بيكو عام 1921 .
قضت هذه الاتفاقية التي وقعت في راس الناقورة على الحدود اللبنانية الفلسطينية في 23 اذار 1949 واعتبر فيها الى جانب عدد من البنود ان “خط الهدنة “هو خط الحدود الدولية الانتدابية بين لبنان وفلسطين وانسحبت اسرائيل حينها من 13 قرية لبنانية كانت احتلتها خلال الحرب، وتم نشر ثمانية نقاط دولية على الجانب اللبناني من الحدود انطلاقا من الناقورة وحتى تخوم قرية الغجر وأطلق على هذا الفريق الاممي ولايتجاوز عدده الخمسين مراقبا يعملون الى الان فريق مراقبي الهدنة “OGl” وقد وقع الاتفاق عن الجانب اللبناني وفد الجيش اللبناني المفاوض ممثلا بالمقدم توفيق سلوم والرائد جوزيف حرب . وقد ارست هذه الاتفاقية عمليا بابا للتفاوض غير المباشر الى حين اتفاق 17 ايار 1983حيث وقع لبنان هذا الاتفاق مع اسرائيل التي وصل اجتياحها الى العاصمة – بيروت وذلك بعد جولات من التفاوض بدأت في كانون الاول 1982 عقدت في خلدة اللبنانية وكريات شمونة احدى المستوطنات الاسرائيلية داخل فلسطين المحتلة، وبعد مرور سنة الغي هذا الاتفاق من الجانب اللبناني واصبح باطلا .
كان عدوان اسرائيل في نيسان 1996 وارتكاب مجزرة قانا الاولى سببا آخر للتفاوض اللبناني الاسرائيلي، حيث تم تشكيل لجنة تفاهم نيسان بمشاركة كل من اميركا وفرنسا وسوريا الى جانب لبنان واسرائيل وعقدت هذه اللجنة التي كان مقرها في مركز لليونيفيل في الناقورة عشرات الاجتماعات وكانت مهمتها النظر بالخروقات على جانبي الحدود ولا سيما الاسرائيلية وتراس وفد لبنان الى هذه اللجنة العميد الركن ماهر الطفيلي وانتفى دور هذه اللجنة التي كانت تصدر بياناتها في اعقاب كل اجتماع مع وقوع عدوان تموز- اب على لبنان.
توصل قرار مجلس الامن الدولي 1701 عام 2006 الى وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل وانبثق منه لجنة المراقبة وهو ما يعرف بالاجتماع الثلاثي الذي يعقد لغاية الان بين ممثلين عن الجيش اللبناني وجيش الاحتلال الاسرائيلي في الناقورة برعاية اليونيفيل وترأسه من العام 2007 الى عام 2013 اللواء عبد الرحمن شحيتلي الذي احيل الى التقاعد. ومنذ ذلك الوقت يتولى العميد الركن حسيب عبدو منسق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل رئاسة الوفد اللبناني الى الاجتماع الثلاثي الذي يبحث في الخروقات وموضوع استمرار احتلال اسرائيل للقسم اللبناني من قرية الغجر ومسألة نقاط الاعلام .
المصدر : حسين سعد – جنوبية