امتناع الدولة عن دفع مستحقات البلديات يهدد بإغراق المناطق بالنفايات
باتت مئات البلديات مهددة بالإقفال نتيجة عدم قبض مستحقاتها منذ نحو 14 شهراً من “الصندوق البلدي المستقل” الموضوع في عهدة وزارة المال. ورغم أن الوزير علي حسن خليل كان قد وعد بدفع هذه المستحقات مطلع العام الحالي، فإنه عاد اخيراً ليربط الملف بإقرار الميزانية العامة في ظل تفاقم الأوضاع، بخاصة في مناطق الأطراف، حيث القرى والبلديات فقيرة وغير قادرة على دفع رواتب موظفيها؛ ما أدى إلى تسريح عدد كبير منهم.
وتوجه النائب في الحزب “التقدمي الاشتراكي” هادي أبو الحسن، إلى رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الجلسة النيابية التي خصصت الأربعاء الماضي لتوجيه أسئلة للحكومة، بسؤال عن مصير أموال البلديات، فأجابه بأن الحل مرتبط بإقرار الميزانية. وقال أبو الحسن لـ”الشرق الأوسط»” انه طالب إثر ذلك بأن تُعطى البلديات سلفة لدفع بعض رواتب موظفيها المتراكمة من دون أن يكون هناك أي جواب حتى الساعة على الاقتراح.
ولم يستبعد أبو الحسن أن تكون أموال البلديات قد صُرفت، “علماً بأنه لا يحق للدولة التصرف بهذه الأموال التي هي ودائع لديها كما مستحقات الضمان وغيرها من المؤسسات”، وأشار إلى “ان الأزمة المالية باتت ترخي بظلالها في كل الاتجاهات؛ ما يؤدي إلى تراكم الفشل تلو الفشل”. وأضاف “بعض البلديات أقفلت وأخرى تسرح موظفيها، وهناك أزمة نفايات ستطفو قريباً باعتبار أن الكثير من هذه البلديات تشرف على جمع النفايات، كما أن بعضها يعالجها من خلال الفرز وغيره من التقنيات للتخلص منها”.
وأوضح رئيس اتحاد بلديات المنية عماد مطر، أن البلديات لم تتقاض مستحقاتها منذ عام 2017، سواء من الصندوق البلدي المستقل أو من عائدات الخليوي، لافتاً إلى “ان بعض هذه البلديات كانت تدفع رواتب موظفيها من الجباية وبعض العائدات التي كانت بحوزتها، أما اليوم فالقسم الأكبر منها بات أمام حالة انهيار باعتبارها لم تعد قادرة على المقاومة”. وقال مطر لـ”الشرق الأوسط” “بعض رؤساء البلديات يقومون بمبادرة فردية لجهة دفع الرواتب من مالهم الخاص، لكن هذا لا يسري إلا على عدد محدد جداً من البلديات، فهناك قسم منها أقفل، وقسم آخر سرّح عدداً كبيراً من الموظفين؛ ما ينعكس مباشرة على المواطنين لجهة الخدمات اليومية وجمع النفايات”. ورجّح مطر في حال لم يتم حل الموضوع في مدة أقصاها شهران، أو ثلاثة أن نكون بصدد أزمة كبيرة. وأشار إلى أن أحد رؤساء البلديات الذي التقى وزير المال اخيراً سأله عن مصير هذه الأموال وكان جوابه: “فلتنهار البلديات، لكن لا تنهار الدولة وماليتها”.
وهناك أكثر من مصدر تؤمّن من خلاله البلديات الأموال، المصدر الأول هو الجباية الذاتية للرسوم التي تتقاضاها من خلال رخص البناء أو من خلال القيمة التأجيرية للمنازل والمؤسسات الواقعة في نطاقها البلدي، وهي الأموال تصب مباشرة في صندوق كل البلدية. أما المصدر الثاني، فهو 10 في المائة من قيمة فواتير المياه التي تجبيها مصلحة المياه، إضافة إلى رسوم تتقاضاها من شركة كهرباء لبنان. وتقبض البلديات مبلغ 600 مليار ليرة لبنانية سنوياً، أي نحو 400 مليون دولار من الجمارك رسوماً على البضائع التي يتم استيرادها، وهذه الأموال تذهب للصندوق البلدي المستقل الموضوع في عهدة وزارة المالية، وهذا هو المبلغ الذي لم يوزع على البلديات منذ عام 2017». وهناك مصدر آخر للبلديات هو رسم 10 في المائة على فواتير الهاتف الثابت والخليوي.
المصدر: الشرق الأوسط