الجولان.. التاريخ والأهمية الاسراتيجية والصراع مع “اسرائيل”
وأعلن الاتحاد الأوروبي والدول العربية وسوريا رفضها للاعتراف الأميركي بشأن مرتفعات الجولان، بينما اعتبرته أحزاب إسرائيلية تدخلا لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الانتخابات المقبلة.
الأهمية الاستراتيجية
تتمتع هضبة الجولان بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى سوريا وإسرائيل، ومن يسيطر عسكريا عليها يمكنه أن يصل إلى أي مكان في الدولتين، حتى بأبسط الأسلحة التقليدية.
والجولان هضبة تحتوي على الكثير من الموارد الطبيعية، فهي أرض زراعية خصبة، يشتهر أهلها من العرب السوريين، وهم جلهم من أفراد الطائفة الدرزية الذين يتمسكون بهوية الجولان السورية ويرفضون الجنسية الإسرائيلية، بزراعة التفاح، في حين تستغلها إسرائيل في زراعة العنب من أجل إنتاج النبيذ.
وحاليا، يوجد في الجولان أكثر من 30 مستوطنة يهودية يقيم فيها حوالي 20 ألف مستوطن، كما يوجد حوالي 20 ألف سوري في المنطقة، معظمهم من الطائفة الدرزية.
وبالنسبة إلى إسرائيل تعتبر المرتفعات موقعا ممتازا لمراقبة التحركات السورية، كما أن تضاريسها تشكل عازلا طبيعيا ضد أي قوة دفع عسكرية من سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هضبة الجولان، تعد مصدرا رئيسيا للمياه لمنطقة قاحلة، إذ تتساقط مياه الأمطار من مرتفعات الجولان في نهر الأردن، وتوفر المنطقة ثلث إمدادات المياه الإسرائيلية.
الجولان في مفاوضات السلام
بعد مؤتمر مدريد للسلام، في العام 1991، دخلت المفاوضات السورية الإسرائيلية مرحلة متقدمة، خصوصا في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
وحققت المفاوضات تقدما ملحوظا في شهر اب 1992، بعدما وافق الإسرائيليون على اعتبار القرار 242 ينطبق على المسار السوري، وبدأ المفاوضون الإسرائيليون يتحدثون عن “انسحاب من مرتفعات الجولان”.
وبعد التقدم المثير في المفاوضات، وصل المفاوضون إلى مسألة مهمة تمثلت في هل يكون الانسحاب حتى حدود السابع من يونيو 1967 أم حسب الحدود الدولية.
وبالنسبة إلى سوريا، كان الانسحاب حتى حدود يونيو 1967 هو المطلوب، فهذا الشرط يمنح سوريا إمكانية الوصول إلى الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا.
وبعد تعطل للمفاوضات، تسلم إيهود باراك رئاسة وزراء إسرائيل، أعيد فتح قنوات التفاوض، لكنها عادت وتعطلت مرة ثانية بسبب رفض باراك “ترسيم حدود يونيو 67”.
الموقف السوري من طبريا
بموجب الحدود الدولية التي تم رسمت في العام 1923، تقع الحدود السورية على بعد 10 أمتار من الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا، غير أن اتفاقية ترسيم الحدود منحت سوريا الحق في استغلال بالحيرة في مجالي الملاحة والصيد.
وظلت سوريا تمارس هذا الحق حتى الرابع من حزيران 1967 عندما أنهت سيطرة إسرائيل على الجولان السيطرة السورية على هذا الجزء من بحيرة طبريا.
ومن هنا جاء إصرار سوريا في المفاوضات السلمية على انسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان إلى خطوط الرابع من حزيران 1967، غير أن الموقف الإسرائيلي هو أن الحدود الدولية لعام 1923، هو خارج الخلاف بشأن الجولان وترفض إمكانية الانسحاب إلى خط غربي هذه الحدود.
الدروز يرفضون قرار ترامب
ورفضا لقرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، تظاهر السبت أبناء الطائفة الدرزية في الجولان مشددين على أن هوية الجولان السورية.
وشهدت بلدة مجدل شمس، المطلة على خط الهدنة الفاصل بين سوريا وإسرائيل، احتجاجات شملت جميع سكان البلدو، ورفعوا الأعلام الدرزية والسورية وصورا للرئيس السوري بشار الأسد.
كما رفعوا لافتات كتب عليها بالعربية “الجولان سوري رغم أنف الأعداء” و”نحن من يقرر هوية الجولان”، وفقا لما ذكرته وكالة الأسوشيتد برس
ما هي مرتفعات الجولان؟
تعتبر مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو 1967، منطقة استراتيجية وتطل على شمالي فلسطين التاريخية ومناطق في الأردن ولبنان، كما أنها لا تبعد كثيرا عن العاصمة السورية دمشق.
وتقدر مساحة مرتفعات الجولان بحوالي 1800 كيلومتر مربع، يخضع ثلثاها للسيطرة الإسرائيلية.
ومرتفعات الجولان عبارة عن هضبة صخرية تطل على المستوطنات والمدن الإسرائيلية في الشمال الغربي، ولذلك فقد كان تحت في متناول الأسلحة السورية.
وباحتلال إسرائيل لها أصبح الجيش الإسرائيلي مسيطرا على كل الأماكن التي تطل عليها الهضبة، وصولا إلى دمشق التي تبعد عنها 60 كيلومترا فقط.
وتعتبر الهضبة أرضا زراعية خصبة، كما أنها موردا مهما من موارد المياه في المنطقة التي تعاني أصلا شحا كبيرا في المياه.
احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان خلال حرب يونيو 1967، إلى جانب احتلالها لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
وفي العام 1981، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن ضم إسرائيلرسميا للجولان.
هذه الخطوة الإسرائيلية بضم الجولان لم تعترف بها أي دولة في العالم، ولا حتى الولايات المتحدة، قبل ترامب.
موقف سوريا من ضم الجولان
بالطبع، رفضت سوريا القرار الإسرائيلي، وظلت تحاول استعادتها، حربا كما حدث في حرب أكتوبر 1973، أو سلما كما حدث خلال مفاوضات السلام في تسعينيات القرن الماضي.
وكان المفاوضات في التسعينيات قد تأسست على مبدأ مبادلة الأرض بالسلام، بحيث تعيد إسرائيل مرتفعات الجولان إلى سوريا مقابل توقيع معاهدة سلام مع دمشق.
غير أن المفاوضات بين إسرائيل وسوريا تعطلت أكثر من مرة، ثم توقفت بشكل كامل بعد الاحتجاجات الشعبية التي شدتها سوريا عام 2011 التي أدت إلى حرب أهلية.
من يعيش في الجولان؟
على الرغم من المساحة الشاسعة التي تتمتع بها هضبة الجولان (1800 كيلومتر مربع)، فإن الكثافة السكانية فيها متدنية للغاية.
وكان غالبية السكان الأصليين فروا من قراهم ومدنهم بعد أن استولت عليها إسرائيل عام 1967، فيما بقي عدد قليل من أبناء الجولان متمسكين بقراهم وأراضيهم.
ويعتقد أن عدد سكان مرتفعات الجولان حاليا يقدر بحوالي 40 ألف نسمة، بحسب إحصائيات إسرائيلية، أي أن هذا الرقم يمثل السكان الأصليين والمستوطنين الإسرائيليين.
ووفقا للإحصائيات الإسرائيلية فإن العرب السوريين يشكلون نصف إجمالي السكان، أي حوالي 20 ألف نسمة.
لماذا الجولان الآن؟
في الحادي والعشرين من اذار الجاري، قال دونالد ترامب في تغريدة له إن الوقت قد حان لما سماه “اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان”.
وجاءت تغريدة ترامب في هذا الشأن بعد يوم على دعوة نتانياهو دول العالم للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
وجاءت هذه التطورات أيضا، في وقت يواجه فيه نتانياهو منافسة شرسة في الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري يوم 9 نيسان المقبل.
واعتبر خصوم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي تغريدة ترامب دعما لنتانياهو في الانتخابات المقبلة.
واعتبر بعض الخبراء أن تحرك ترامب هذا عبارة عن محاولة للتخلص من قضية شائكة بخصوص خطته للسلام في الشرق الأوسط.
ويعتبر محللون غربيون أنها محاولة من ترامب للحصول على أصوات اليهود الأميركيين ودعمهم له.