المُوحُّدون الدروز في لبنان، والغيوم المّلبدة.
الموحِّدون الدروز في لبنان …
والغيوم المُلبدَّة …
والعقدَّة الدرزيَّة المُزمنة …
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
أمس الأول إتصلت كعادتي بأخي المُقيم في لبنان لأسأله عن بيانمشيخة العقل لطائفة الموحِّدين الدروز في لبنان، والدعوات التيوُجهَّت لحضور المؤتمر الذي إنعقد في بيروت.
قُلت لأخي …
لأنك تعرف مقولَّتي بأن أي خبر يصدر عن لبنان، لا بُدَّ من لجنةدولية للتأكُّد والتحققُّ من صحة الخبر أو من عدمه.
ولأنك تُدرك أن موضوع المؤتمر …
لا يهمني من قريب أو من بعيد.
ولا يهمني من حضر أو شارك أو تبرع من ملوك أو أُمراء أورؤساء، الدول العربية الميامين.
لهذا السبب لن أطلب لجنة دولية للتحقق، لعدم المنفعة.
بل قررت …
أن أسألك كعادتي في أمور تتعلق بشؤون وشجون طائفتنا الكريمة.
لأن الذي يهمني، هو موضوع داخلي يخص الموحِّدين الدروز، وأنابصدد إعداد دراسة تاريخية عن مشيخة العقل في بلاد الشام ( لبنان،سوريا وفلسطين ) أتطرَّق فيها للقوانين والأعراف المرعية الإجراءفي هذه البلدان وكيف يجري تطبيقُها بالنسبة للأوقاف، وعائداتالمزارات والمقامات والتبرعات والهبات والأموال المحصلَّةوكيف يتم التوزيع وبأيَّة وسائل، الخَّ من موضوعات تهم الشريحةالكبرى لابناء الطائفة الكريمة.
أُريد منك أن تُطلعني …
كيف جرى توجيه الدعوات لمشيخة العقل في لبنان ؟.
لماذا طلب الزعيم وليد جنبلاط من أنصاره عدم الرد على الذينأبدوا أراءً مختلفة بالنسبة للدعوة الرسمية ؟.
لماذا طلب عطوفة المير طلال أرسلان من أنصاره عدم التوجه الىمبنى العدلية في بعبدا، حيث سيدلي بشهادته بإحدى الدعاوى ؟.
ولماذا … ؟
وأيضاً لماذا … ؟
قال لي أخي …
هل إنتهى سيل أسئلتك ؟.
أجبته، نعم.
قال :
هل ستكتب مُدونَّة عن مشيخة العقل في بلاد الشام، حسب شرحكأعلاه ؟.
قلت نعم.
لم يكُّن أخي مرتاحاً ومحبِذاً لموضوع المُدونَّة في هذه الظرفبالذات، وأبدى ملاحظات مهمة أقنعتني بعدم الخوض في هذاالأمر.
وافقت أخي على رأيه.
ولكني …
من خلال إطلاعي على بعض مجريات وتسلسل الأحداث قبل وبعدحادثة الجاهلية في لبنان وغيرها من حوادث أليمة في سوريا بالنسبةللموحِّدين الدروز في بلاد الشام، بدأت أُدرك أن الوضع الداخليلطائفتنا الكريمة في لبنان أصبح قريباً من عين العاصفة، فالأجواء مُلبدةً بالغيوم الوافدة والمتراكمة من الخارج، بإنتظار البرق والرعدحتى تنفلق السماء عن مطرٍ فاسد، وأحداثٍ مُخزية لا بل مُحزنة فيآن.
عندما نسمع تصريحاً لزعيم سياسي من الموحِّدين الدروز ( فيلبنان ) من هنا، ونقرأ بياناً لزعيم سياسي أخر من هناك، يجول فيخاطر الشريحة الكبرى، أن
وراء الأكمة ما وراءها.
بناء على ذلك أقول :
من باب الإنتماء لهذه الطائفة الكريمة، والحرص عليها من أيفتنة.
وأعرف مُسبقاً …
لا من يسمع، ولا من يريد أن يسمع من أصحاب الحلِّ والربطِ…
ومن مقولَّة أخرى أُرددها …
قُل كلمتك، وإمشي …
سأكتُب مُدونَّة لأهلي في بلاد الشام أذكرهُم فيها بمعركة عين دارهالتي قصمَّت ظهر الموحِّدين الدروز في لبنان، وأضعفَّت البنيةالسياسية لهم في لبنان، وبات بعض الساسَّة اللبنانيين المنافقينيطلقون عليهم في الأزمات اللبنانية وما أكثرها ( العقدَّة الدرزية فيلبنان ) فضلاً عن التشتُّت الذي حصل للعائلة الواحدة.
وقد سبق ونشرت على صفحات غوغل الوثائقية، وفِي كتابي أيضاً( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) مُدونَّتين :
– الاولى : ( المُوحِّدون الدروز وغريزَّة البقاء بالرغم من المِحَّنوالمجازر التي واجهتهم ).
– الثانية : ( العقدَّة الدرزية في لبنان ).
ويبدو لي الان أن الوضع أصبح مُختلفاً، ومن الضروري بمكان أنأقوم بالتذكير، والتنبيه أن أي فتنة توشك أن تقوم بين الدروز فيلبنان بالوقت الحاضر ستشاهد ( المتفرجون، والمُصفقون،والمنافقون ) من باقي أطياف المجتمع ( وأقولها بكل صراحة دونخوف أو وجل ) كُثُرْ، وفِي قلوبهم فرح شديد، وفِي تفكيرهم شماتةما بعدها شماتةً.
في المُدونَّة بعد هذه المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
موقعة عين داره بالعام ١٧١١م.
في هذه الموقعة، او الفاجعة التي حَلَّت بالدروز لن أُطيل الشرح، بلأُحيل من يريد الاستفاضة الى الْكُتُّب والمراجع التي أسهبَّت شرحاًوتفصيلاً لهذه المعركة.
ولكني أقول بمرارة وحزن شديدين :
من هذا التاريخ، بدأت تظهر العقدَّة الدرزية في حِكْم لبنان.
من هذه المعركة، إختَّل ميزان القوى السياسية في حِكْم لبنان.
من هذه الكارثة، ضعفَّت شوكة الدروز في حِكْم لبنان.
من هذه الموقعة الفاصلة ( عين دارة ) بين الحزبين القيسيواليمنِّي، كان نصيب الموحِّدين الدروز عامة، ضُعْف دورهمالسياسي وتقوية الدور السياسي للموازنة في لبنان.
وكما أوضحت سابقاً كان الأمراء الشهابيون يعملون على إحداثفجوات عميقة في التوازن السياسي بين الدروز والموارنة، وذلكجرياً على عادة من سبقهم من أمراء في الشقاق والنفاق، وبثالفرقَّة بين الدروز، حتى أن الأمراء الشهابيين اللاحقين لما شعرواأن موازين القوى السياسية، والدولية بدأت تميل لصالح الطائفةالمارونية في لبنان في منتصف القرن الثامن عشر، قام أولاد الاميرملحم الشهابي بالتنصُّر تباعاً، وصولاً الى تولي الامير يوسفالشهابي الماروني الإمارة بالعام ١٧٧٠م.
( يراجع بذلك الامير شكيب ارسلان، في الروض الشقيق ).
( يراجع طنوس الشدياق، أخبار الأعيان في جبل لبنان).
( يراجع الدكتور عَبَّاس أبو صالح، أبحاث في التاريخ السياسيللموحِّدين الدروز).
يُضاف إلى ذلك …
أن معركة عين دارة كانت إنهزام في كيان وبّنية الطائفة الدرزية،أكثر من مِحنَّة أنطاكيا، لأن الاخيرة كانت فيها العناصر والقوىالخارجية المعادية للدروز التي تكالبَّت عليهم، أما معركة عين دارةكانت حرباً أهلية بين الدروز أنفسهم.
في الماضي كان الانقسام بين الدروز ( قيسي، يمني ).
ثم تحوَّل الى ( يزبكي، جنبلاطي ).
والآن اصبح ( جنبلاطي، أرسلاني ).
وماذا بعد ؟
إلا، خسارة موقع سياسي تلو الموقع.
إلا، إنحسار في المواقع الحساسة في ( الكيان اللبناني )، كالوظائفالعامة في كل القطاعات.
إلا، التدخل في شؤون الطائفة الدرزية، كما قال الشاعر الفذ،المُتنبي …
نامَت نواطيرُ مِصرَ عن ثعالِبها
فقد بَشِمنَ وما تُفنى العناقيدُ …
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩م.
المُدونَّات الفيصليَّة.