“الحروب الباردة الداخلية”… من هم أبطالها؟

كانت لافتةً بالأمس المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي تُعتبر حلقة من سلسلة مواقف بدأها في بكركي يوم عيد الميلاد، حين تحدّث عن “تقاليد وأعراف جديدة غير مألوفة” في طريقة تشكيل الحكومة”. وقد وصف كلامه حينها بأنه “بقّ نصف البحصة”، على أن “يبقّ كل البحصة” في الوقت المناسب.

فهل ما قاله رئيس الجمهورية بالأمس أمام مجلس القضاء الأعلى، وهو أعلى سلطة قضائية في البلاد، يمكن تصنيفه في خانة “بق البحصة كاملة”، وهو الذي قال إن ثمة “خلافات في الخيارات السياسية لا تزال تعرقل تشكيل الحكومة الجديدة”، داعيا جميع الاطراف المعنيين الى “تحمل مسؤولياتهم الوطنية وتسهيل عملية التشكيل”، وقال: “لقد حافظنا على الامان والاستقرار في لبنانفي زمن الحروب الحارة، فمن غير الجائز اضاعة ما تحقق من خلال الحروب الداخلية الباردة”، أم أن وضع البلد المشرف على الإفلاس السياسي والإقتصادي والمالي يستدعي ممن أقسم اليمين للمحافظة على الدستور المزيد من مسلسل “بقّ البحصات” حتى ينكشف المستور.

وكما أن الكلام الرئاسي الميلادي، الذي لم يسمِ الجهة التي تقف وراء الأنماط والتقاليد الجديدة في تأليف الحكومة، وهو الذي تقصّد التعميم من دون الدخول في التخصيص، فإن ما قاله بالأمس عن “الحروب الداخلية الباردة” ترك باب الإجتهاد واسعًا لمعرفة من هم أبطال هذه الحرب، وهو تقصدّ أيضًا التعميم، إفساحًا في المجال أمام المزيد من مسلسل “بقّ البحصات”، وذلك من أجل وضع الأمور في نصابها ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، كردّ طبيعي وإستباقي على مقولة أنه في زمن “العهد القوي” لم يتحقق شيء من الشعارات، التي رُفعت قبل الإنتخابات الرئاسية.

على خطٍ موازٍ، كان لوزير الخارجية جبران باسيل، الذي زار بكركي، موقف مؤيد ضمنًا لدعوة سوريا إلى القمة الإقتصادية، وقال إن”لبنان امام استحقاق، وهو القمة التنموية العربية على ارضه، والأفضل له ولصورته وضع هذا الهدف امامنا لاستقبال ضيوفنا بحكومة وحدة وطنية لأننا نملك افكارا يمكننا تقديمها مرتبطة بالوضع العربي والوضع في سوريا وبورشة اعادة الإعمار في سوريا، فليس من الطبيعي ان يدفع لبنان 8 سنوات ثمن الأزمة في سوريا، وايضًا أن يدفع ثمن الإعمار في سوريا بدل ان يكون شريكًا في الإعمار كما كان شريكًا في الإنتصار على الإرهاب وقدم الكثير في هذه المسألة. كذلك عليه أن يكون شريكًا في النهوض الإقتصادي والعمراني، وهذا دور اللبنانيين في الدول البعيدة في افريقيا واميركا، فكيف مع دولة جارة كسوريا. استعدادنا واجب في هذا الموضوع ان تكون لدينا حكومة تقوم بالأمر”.

وبذلك يكون باسيل قد وضع رجلًا في “فلاحة” الرئيس الحريري الرافض لفكرة دعوة سوريا، ورجلًا في “بور” “حزب الله“، الذي يرى ضرورة الإستفادة من الإنفتاح العربي تجاه سوريا.

إلاّ أن العارفين بخفايا الإتصالات يقولون إن الحريري غير راضٍ عن الحركة التي يقوم بها باسيل، ومحاولته التقرب من جديد من “حزب الله“، الذي تباينت مواقفه عن مواقف وزير الخارجية في الآونة الأخيرة.

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!