يديعوت احرنوت: لا حرب على الأبواب.. نحن بعيدون جدا عنها
تحت عنوان “لا حرب على الأبواب” كتبيت صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية:
نبدأ من السطر الأخير، الحرب ليست على الأبواب. ومع ذلك، فإن البيان المفاجئ والدراماتيكي للناطق بلسان الجيش عن الشروع في حملة “درع الشمال” لتعطيل الانفاق الهجومية التي حفرها حزب الله وتتسلل إلى إسرائيل، يخلق واقعا جديدا على الحدود الشمالية.
صحيح أنه توجد علامة سؤال حول القرار بتوقيت البدء بحملة كشف الانفاق، العملية التي ستستمر بضعة اسابيع على طول الحدود الشمالية.
ان محبي نظرية المؤامرة ومعارضي رئيس الوزراء نتنياهو يعتقدون أن التوقيت يستهدف صرف الانتباه عن توصيات الشرطة لتقديمه إلى المحاكمة، وبدلا من ذلك تثبيته مرة اخرى كـ “سيد الامن”. آخرون، بمن فيهم حتى وزير أو اثنان، وبضعة مقربين من رئيس الوزراء يعتقدون بان رئيس الاركان الفريق غادي أيزينكوت بالذات هو الذي قرر الموعد، كي ينهي مهام منصبه بعد شهر ونصف بنجاح، وليس اقل اهمية – لازاحة الانتباه عن الادعاء الخطير للواء يتسحاق بريك، مفوض شكاوى الجنود، بان الجيش الإسرائيلي ليس مؤهلا وجاهزا للحرب.
ولكن هذه هي ألسنة شريرة. فمن الصعب التصديق بان رئيس الأركان سيخدم اعتبارات شخصية لخطوة عملياتية تنطوي على مخاطر. وهكذا أيضا من الصعب أن نتصور ان نتنياهو الحذر، الذي يخاف من الحرب، مستعد لان يخاطر بان تندلع. هو أيضا يعرف بان الحرب من شأنها ان تؤدي إلى صرفه عن الحكم، اكثر من التحقيقات.
وعليه فينبغي ان نصدق بان التوقيت هو حقا مهني صرف ويستهدف اساسا تشديد الضغط الدولي على حزب الله، على إيران واساسا على حكومة لبنان، وعرضهم كمن يخرقون سيادة إسرائيل وقرار مجلس الأمن 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية في 2006.
يظهر كشف الانفاق كم هي الاستخبارات الإسرائيلية تعرف عما يجري في الطرف الأخير من الحدود في لبنان، وكم تسللت شعبة الاستخبارات “أمان” إلى حزب الله. هذا جزء من حرب الوعي الجارية بين الطرفين، وحاليا يد إسرائيل هي العليا فيها.
إن حقيقة أن التعليمات لسكان الحدود الشمالية هي مواصلة الحياة العادية، الا في مقاطع صغيرة قرب المطلة حيث اغلقت أمام المزارعين، تشهد على أن الجيش يقدر بانه في هذه المرحلة لا خوف من اندلاع حرب. وهذا التقدير ينبع من أسباب مختلفة.
أولا، أعمال تعطيل الانفاق ستكون في الاراضي السياسية لإسرائيل، كي لا تعطي ذريعة لحزب الله لفتح النار وتشويش عملية التعطيل. ثانيا، لان الرأي يقول انه في ضوء توقعات حزب الله باستعدادات الجيش على طول الحدود، فإنه يعرف منذ زمن ما بان إسرائيل كشفت خطة الانفاق الهجومية خاصته.
ثالثا، الانفاق، التي سيستخدمها حزب الله للتغلغل المفاجئ إلى إسرائيل كجزء مما تبجح به نصرالله كـ “احتلال الجليل”ـ هي أداة حربية ثانوية، للطرفين.
إسرائيل أكثر قلقا من 120- 150 ألف صاروخ لدى حزب الله، ولا سيما من الجهد الذي بذلته المنظمة في السنتين الاخيرتين لتطوير صواريخ دقيقة، مما هي قلقة من الانفاق التي انكشفت وستنكشف في الاسابيع القادمة. هذه الانفاق لم تنضج بعد، لتصل حسب الجيش إلى قدرة عملياتية. وحزب الله من جهته يعرف أن سلاحه الاساس هو مهاجمة الجبهة الإسرائيلية الداخلية بالصواريخ وان الانفاق الهجومية هي وسيلة إضافية فقط.
سبب آخر، وربما الاهم، هو ان حزب الله غير معني بالحرب، ومثله إيران أيضا، وبالتأكيد حكومة لبنان. حكومة إسرائيل هي الاخرى غير معنية بمعركة عسكرية.
واضح لكل الاطراف انه في حالة الحرب، ستعمل إسرائيل بكل قوتها وليس فقط ضد مشاريع الصواريخ ومواقع تخزينها واطلاقها، بل ضد كل لبنان. من جهة اخرى، فإن الجبهة الإسرائيلية الداخلية ستكون عرضة لضربات شديدة بالصواريخ، ستتسبب أغلب الظن باصابات كثيرة وضرر بالممتلكات.
وعليه فليس هناك في واقع الأمر تغيير في ميزان الردع المتبادل الذي نشأ بين الطرفين. يمكن الافتراض بان حزب الله سيضطر إلى ابتلاع المس بكرامته وعزته، ذاك المس الذي اوقعته به الاستخبارات الإسرائيلية والقدرات التكنولوجية التي استوردت من حدود غزة – فيضبط نفسه.
ولكن إذا ما رد، مع ذلك، بخلاف الافتراضات العقلانية، فستنشب حرب استنزاف قصيرة تؤدي إلى حرب شاملة. وما يزال، نحن بعيدون جدا عن هناك.