الإنسان ….

نعمت حيصون

لغز حير الباب العباقرة في البحث عن كينونة ماهيته,فهو كائن اوجده الله ليكون مظهراً متجلياً في القيم السامية التي تدل على ابداع الخالق حيث ان الخالق ميزه واصطفاه عن سائر المخلوقات,فإن سعى هذا الانسان الى الكمال كان مثالا حقيقياً للقدرة الابداعية للإله,ولكن ان مشي هذا المخلوق المعجزة نحو اهواءه ومآربه الشخصية وملذاته وطمعه ورغباته الجشعة النعقدة وتمسك بالانانية الذاتية الخالية من الرحمة والمواساة للاخرين من ابناء ملته البشرية,يصبح مفسداً في الارض,وبذلك يصبح مثالاً متجلياً للشيطان بل هو ارفع منزلة من الشيطان ذاته…
واذا نظرنا الى واقعنا نجد اننا نعيش تحت سلطة شياطين مفسدون وفاسدون وتشمئز الانفس حين ذكر اسمائهم,فلم تفتأ تذكر بلداً او دولة او رئيساً او حزباً او زعيماً او وزيراً الا وتنبهر من ابداعاتهم في الفساد بكل جوانبه (الا ما رحم ربي)…
انني حين انظر الى خارطة وطني العربي ينزف قلبي قيحاً من حكام طواغيت مستبدون يعبدون العرش والكرش والفرج والاهواء استبدوا على شعوبهم الكادحة وسرقوا خيرات بلادهم واموال شعوبهم واهدوها لغيرهم,اعطوها لحكام وساسة وسلاطين هم اكثر فساداً منهم الا انهم يحملون شعار الديموقراطية او عنوان منظمات حقوق الانسان,وكلها شعارات زائفة,وحتى ان اصحاب هذه العناوين والشعارات لم تسلم شعوبهم من ظلمهم وانانيتهم واستبدادهم.
أما في بلدي (لبنان) يرتقي زعماء هذا البلد الى اعلى قمة الفساد.
بلد فيه مجموعة من الساسة (المحبون لطوائفهم) ساسة تخجل الذئاب من شراهتهم,ساسة وحكام استغلوا طيبة شعب عرف اصالة الحياة والتعلق بالارض والوطن فسرقت خيراته ونهبت ارزاقه وجعلت هذا الشعب يعيش في بحر من الظلم والبؤس,بلد لا مياه فيه,لا كهرباء فيه,لا طبابة فيه,لا سياحة فيه,لا طعاما سليما فيه,لا تعليم فيه,لا طرقات فيه,لا علاج فيه,لا صحة فيه,لا دواءا سليما فيه,بلد قمة الظلم فيه,وشعب اذا نظرت اليه تجد شعباً ابيا طيبا عريقاً شهماً مضحياً صابراً ثابتاً وطنياً مقاوماً شجاعاً,شعب لا يساوم ابدا على ارضه وعرضه ووطنه,شعب لم يبخل بتقديم الدم والارواح والانفس من اجل ان يحيا بكرامة,ولكن في المقابل تجد ان قادته وحكامه ودولته ورؤساؤه ونوابه ووزراؤه يمارسون شتى انواع الذل والقهر والاذلال تجاهه.
إلا انه ما زال وفيا لكم ايها المفسدون,ارحموا وفائه,وضعفه,بادلوه ببعض الاحسان,اعينوه على لقمة عيشه,اعينوه على الحياة,واحذروا يوماً ينفذ فيه صبر هذا الشعب,فينهض ويزيل عروشكم,فكتمان الغيظ له حدود.
ايها انظروا الى ضمائركم ان كانت ما زالت على قيد الحياة,وانظروا الى يوم تحاسبون فيه لظلمكم وتقصيركم عند الله,واعينوا انفسكم واعملوا لاخرتكم وتمثلوا بذاك الرجل العظيم الذي حكم بالعدل يوما وقال: هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الاَْطْعِمَةِ ـ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى