أيلي محفوظ من راشيا من حقنا كلبنانيين، أن نحلم بوطن نحكمه ونحميه

 

غصون عادل علبي – راشيا الوادي

نظمت منسقية البقاع الغربي- راشيا في حزب “القوات اللبنانية” والجامعة الشعبية في جهاز التنشئة السياسية، ندوة سياسية في قلعة الاستقلال في راشيا، تحدث فيها رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض، في حضور ممثل النائب وائل أبو فاعور وكيل داخلية “الحزب التقدمي الاشتراكي” رباح القاضي، النائب السابق اللواء انطوان سعد، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح أبو منصور، الاكسيريخوس ادوار شحاذي والأب ابراهيم كرم، عضو المجلس المركزي في قيادة “القوات اللبنانية” سمير بو يونس ومنسق “القوات” في منطقة البقاع الغربي وراشيا شربل الراسي والمنسق السابق ايلي لحود ومسؤول راشيا جورج مفرج، محمد هاجر ممثلا تيار “المستقبل”، مسؤول “حزب الكتائب اللبنانية” في راشيا ايلي العجيل، عضو المكتب السياسي في “حركة التغيير” جهاد الرموز، وحشد من رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات المنطقة و”القواتيين”.

بعد النشيد الوطني، تبعه نشيد “القوات”، ألقى محفوض كلمة استهلها بالقول: “كم فخري كبير أن أكون اليوم في قلعة راشيا، القلعة التي ضمت كبار رجالاتنا في تاريخ صنع استقلال لبنان الأول. هنيئا لنا اليوم، أن نكون حيث كان بشارة الخوري، رياض الصلح، سليم تقلا، عبدالحميد كرامي، عادل عسيران وكميل شمعون”.

أضاف: “كأنه قدرنا كلبنانيين أن نستمر في صناعة الاستقلال، لكن الأهم أن نصونه، فمن المصريين والأشوريين والبابليين والفرس والإغريق والرومان والعثمانيين والفرنسيين والفلسطيني الإسرائيلي والسوري، كلهم اجتاحوا وغزوا ودمروا وأحرقوا ونهبوا، لكنهم رحلوا، وبقينا نحن وبقي لبنان”.

وتابع: “من حقنا كلبنانيين، أن نحلم بوطن نحكمه ونحميه، نتعلم فيه ونشتغل، والأهم أن نبقى ونموت هنا، لا أن نبحث عن هوية خارج هذه الأرض. إبتلينا بعدد من المسؤولين إنعدمت لديهم الأخلاق، في حين أن السياسي يجب أن يتمتع بأعلى درجات الأخلاق. المسؤول يجب أن يكون سلوكه حسنا، لديه المعرفة، يدير ولا يدار. يخاف من القانون ويخيف بالقانون والدستور. يجيد التفاوض لمصلحة لبنان، لا السمسرة لمصلحته الخاصة. لا يطأطئ رأسه أمام سلطان. لا مصالح خاصة له. هو مصدر ثقة. يؤمن بالمؤسسات. المطلوب استعادة لدور المؤسسات كالتفتيش والرقابة، وبدونهما لا إستقامة للدولة. لو عرفنا في لبنان قادة حقيقيين، لما كان ليتعرض استقلالنا للاهتزاز في كل مرة. وهنا مثلا، لو سمح للجيش اللبناني أن يقوم بدوره كاملا، عام 1975، تماما كما فعل في معركة نهر البارد، لكنا اليوم بألف خير”.

وأردف: “هناك من يحاول أن يوهم اللبنانيين، أن بديلا عن الدولة ومؤسساتها، يصنع وطنا ويقيم دولة. وهناك من يحاول تمييع دور الدولة ومؤسساتها، لكن إذا كان الداء معروفا، أين الدواء لإنقاذ لبنان؟ من أين يبدأ التغيير الحقيقي؟ بداية أدعوكم لوقف “النق” والتأفف، وهذه اللغة الاستسلامية ملؤها اللامبالاة من كل شيء، وكذلك أوقفوا إنحناء رؤوسكم لأي كان، وأوقفوا معادلة: موافقون على كل ما يعرض عليكم. “ما تخلوا بقا حدا يعربش ع كتافكم”. لا أحد يتجاسر على الركوب عليك إن لم تنحن. أوقفوا الانحناء. لا أحد يجرؤ على الدخول إلى بيتك إن صنته وحميته ودافعت عنه. “علي تصوينة بيتك ما حدا بيعربش ع دارك”. لكي نبني دولة المطلوب القليل والبسيط، لكنه صعب بذات الوقت. فلنخضع كلنا للدستور وللدولة، وبذلك تتذلل كل المعضلات. لكن أن نفعلها نحن، أي فريق واحد، بينما هناك فريق في المقابل خارج عن الدولة والدستور والقانون”.

وأكد أن “اللبناني بدأ يفقد الأمل، وقد تكون القوات اللبنانية، أول من قدم بريق أمل، بأن لبنان بإمكانه أن يقوم من كبوته. القوات اللبنانية ومن خلال وزرائها ونوابها، قدمت نموذجا جديدا، أعطى الأمل بأننا بإمكاننا أن نبني وأن ننتقل من المزرعة الى الدولة. نحن بحاجة لإعطاء الثقة إلى المواطن اللبناني، وقد يكون هذا المواطن بحاجة أن يستعيد ثقته بنفسه قبل الثقة بالدولة. نحن بحاجة لتصحيح القاموس اللغوي السياسي، فالسارق نقول عنه سارقا، وليس غير ذلك، والمرتكب والفاشل في منصبه يجب أن ندلل عليه، لا أن نبحث له عن مخارج”، سائلا “أليس من المعيب أن نستمر بالبحث عن وصاية؟ أليس من المعيب أن نردد أننا بحاجة لمن يحكمنا من الخارج؟ وأننا لا يمكننا أن نحكم أنفسنا بأنفسنا؟ هل يعقل ألا نكافح الفساد، وبالتالي يصبح جزء من يوميات العمل السياسي العام؟ ولكن الأهم من الذي سيكافح الفساد والفاسدين فالفاسد لا يمكنه أن يفعل ذلك. كيف ومن يحمي لبنان؟ وهل نحميه بقوانا الذاتية أم بميليشيا أو بمرتزقة؟”.

وقال: “عيب وألف عيب على كل مسؤول يشكك لا بل يسعى لإشراك أي كان بالحماية والدفاع. جيشنا من أقوى وأهم جيوش العالم، وذلك بشهادة أهم الخبراء العسكريين. إرفعوا أيديكم عن الشرعية ولا تسخروها ولا تشجعوا ميليشيا، وكونوا على قدر المسؤولية، وأوكلوا الجيش والجيش وحده بمهمات الحماية والدفاع وخذوا منه ما يدهشكم”، معيدا طرح الأسئلة: “كيف نوقف صرف النفوذ؟ كيف نبني اقتصاد يرفع من مستوى العيش الكريم للبنانيين؟ كيف ننتقل من الواقع الطائفي إلى الدولة المدنية؟ كيف نشجع المبدعين بدل تهشيلهم؟ إذا من يحمي لبنان؟ الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية وحدها تحمي، ولكن كيف نحمي لبنان؟ كيف نحمي لبنان من إسرائيل؟ من سوريا؟ من الانهيار الاقتصادي؟ من التطرف والعنف والإرهاب؟ هذه كلها أسئلة، إذا ما أوجدنا لها إجابات واضحة شفافة، ننتقل بهدوء من المزرعة الى الدولة”، مؤكدا “ونحن لا نزال مستمرين في المزرعة واليوم هناك الدويلة. ولكن الأهم وقبل الإجابة على هذه الأسئلة الكيانية الكبيرة، علينا أن نتأكد، بأن كل الملفات الخلافية نذللها بالحوار والتسويات النظيفة غير الملوثة برائحة الحصص والكراسي”.

أضاف: “أما لماذا لم يدم استقلالنا؟ فذلك لأننا لم نصنه ولم نحصنه، وكيف السبيل لذلك؟ بالوحدة الوطنية مع الاستمرار بالحرية بالتنوع بالتعددية والتناغم. فلا وحدة وطنية بالتكاذب أو بفرضها بالقوة. فمن يهيمن من الداخل، وإن كان لبنانيا بالهوية ولكنه يستقوي بالخارج، فهو يتحول كمهيمن خارجي علينا”، معتبرا أن “شروط الوحدة الوطنية قوامها: الاعتدال، الانفتاح، الاستماع إلى الآخر، تفهم الآخر وإيجاد قواسم مشتركة، فالوحدة الوطنية في وطن مثل لبنان، إن أجدنا استغلالها، لجابهنا العالم كله. هذه الوحدة الوطنية، هذه العبارة، التي تسمعونها باستمرار، ما هي؟ عنوانها العريض الالتزام بالثوابت التي نص عليها الدستور: ستقلال لبنان، سيادة لبنان، وحدة أراضيه وشعبه، صون الحريات، الدفاع عن الحدود والسيادة، الدولة للجميع بالتساوي”، مشيرا إلى أن “البعض في لبنان يخلط بين الثوابت الوطنية والمتغيرات السياسية، وأن توزيع السلطات في لبنان والفصل فيما بينها ضروري”.

وتابع: “ومن يتباكى على صلاحيات رئيس الجمهورية، لا بد من تذكيره ببعض من هذه الصلاحيات:

– الرئيس يدير الاستشارات الملزمة، حيث هو من يسمي بالنهاية رئيس الحكومة.

– الرئيس يوقع المراسيم.

– شراكته ثابتة وأساسية في تشكيل الحكومة وتسمية الوزراء.

– توقيع المراسيم التنفيذية.

– السهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان، ووحدته وسلامة أراضيه.

– رئيس الجمهورية، هو رئيس ورأس الدولة، وهو رمز وحدة الوطن”.
وأكد أن “من يستسهل أو يستهين بما ذكرنا من صلاحيات، فهو يجهل بأن رئيس الدولة هو الناظم للعمل المؤسساتي في لبنان، وهو من يضمن فصل السلطات، إذا قوة الرئيس في سلوكه وتصرفاته، ليكون القدوة الأخلاقية والمعنوية لكل الوطن ولكل اللبنانيين. ليس بالأمر البسيط أن رئيس الجمهورية، هو من يفاوض وهو المحكم، وليس الحكم، وهو عليه مسؤولية أن يوحد، وعليه، فالرئيس يكون صاحب رؤية منزها عن كل مصلحة شخصية. لا تستسهلوا مهمة الرئيس، فهو القادر، إن أراد، أن يعيد الثقة بلبنان. لا تستسهلوا مهمة الرئيس، فهو القادر على مواجهة كل من يتربص بنا شرا، وكل من يسعى لقتل أحلامنا وطموحاتنا. آن الأوان لرئيس يضطلع بمسؤولياته وبمهامه، وفق نصوص الدستور ومتى فعل دون زيادة ولا نقصان، تتحقق العدالة الاجتماعية ويشعر اللبناني بالأمان”.
وقال: “إزاء ما تقدم، ولكي ينجح الحكم في لبنان، وتقوم الدولة، لا بد من تحقيق سلطة قضائية مستقلة، والقضاء المستقل أعني به على مستويات عديدة. قضاء مستقل ماليا، إداريا. فمجلس القضاء الأعلى، يجب أن تكون له كامل الصلاحيات، أي هو من يختار القضاة، وهو من يؤهلهم، وهو من يعينهم في المحاكم، وكذلك عملية التأديب والعزل. إن المجلس الدستوري صاحب الدور الأكبر في بت دستورية القوانين، والبت بالطعون النيابية، يجب أن يكون أعضاؤه من نخبة وأنزه وأشرف وأطهر الناس، فالدور الموكل إليهم يتطلب هذه الصفات والمواصفات. وكذلك يجب إعادة الدور الحقيقي والفعلي لهيئات الرقابة: ديوان المحاسبة، مجلس الخدمة المدنية، هيئة التفتيش المركزي والمعهد الوطني للادارة”.
أضاف: “نحن في لبنان اليوم، نعيش في الشواذ، في ظل وجود وهيمنة ميليشيا، والمطلوب تجديد الحياة السياسية من خلال أحزاب سياسية لا عسكرية، أحزاب نظيفة، وهنا لا بد من التوقف عند التجربة الرائدة لحزب القوات اللبنانية، الذي قرن لغته وخطابه وشعاراته ومبادئه بالفعل العملي”، مؤكدا أنه “لن تستقيم الحياة السياسية في لبنان بدون أحزاب وحركات سياسية تعمل تحت سقوف القانون، بالإضافة إلى تشجيع هيئات ومنظمات تهتم بالمجتمع المدني، لا تتوخى الربح لا السياسي ولا المادي. إذا علينا التمييز بين هيئات المجتمع المدني وبين الأحزاب السياسية. فهذه الجمعيات والهيئات، لا يجب أن تخلط بين مهامها، والسعي للعب دور سياسي، مثل النقابات والقطاعات العمالية. في لبنان العكس هو الصحيح”.
وتابع: “أما عن المرأة ودورها. أنا شخصيا أرفض الدخول في بازار كوتا، أو حتى دفاع عنها وعن دورها. المرأة عليها أن تعمل فتفرض ذاتها، فلا تعتمد على من يحصل لها حقوقها. فيا أيتها السيدات إنخرطن في العمل السياسي، وأثبتن قدراتكن وافتحن المجال كي تحكمن بدل أن تسمحن لمن يتحكم بكن”.

وأردف: أما عن الفساد، فمكافحة الفساد لا تتم من خلال تدبير قضائي، من هناك أو تشهير من هناك. إن الفساد أصبح آفة في الدولة اللبنانية، وهو دخل إلى يومياتنا السياسية والاجتماعية، ولمعالجة هذه المعضلة، يجب وضع استراتيجات لإفهام المواطن مدى خطورة هذه الآفة، وحجم الضرر الواقع عليه، ومكافحة الفساد موسمية في لبنان وهذه المزاجية والانتقائية هي من يضاعف منسوب الفساد، ولعل الفساد السياسي، قد يكون أخطر من الفساد الإداري، فاستغلال المنصب مثلا هو قمة الفساد. بسبب هذه الآفة تحول المواطن اللبناني من مرتبة مواطن إلى صفة زبون، لدى السياسي الذي يبتز المواطن. فبعض المسؤولين يبتزون المواطن بحاجاته المشروعة، بالأمن، بالحماية، بالوظيفة، بالصحة،
بالتعليم وبالراتب أحيانا، كل هذه الاحتياجات للمواطن، بات يحصل عليها من خلال الاستزلام والولاء المطلق للسياسي. بعض من المسؤولين في لبنان أنشأوا لأنفسهم شبكة أمنية وقضائية وإدارية خدماتية، أتاحت لهم التجذر أكثر وتوسيع بيكار نفوذهم، فبعض من هؤلاء يسمحون لأنفسهم بالتدخل في القضاء ومع الأجهزة، لمآربهم، وتأمينا لزبائنهم من مناصرين وتابعين وأزلام”.

وإذ جزم أنه “لا سبيل للخروج من هذه الدوامة، إلا بإسقاط هذه المافيات، وبذلك نستعيد الحياة السياسية الطبيعية، وبالتالي يصبح المواطن حرا، فينال حقوقه من دولته وليس من زعيمه”، أكد أن “التعاطي مع المواطنين، يكون أحيانا كثيرة كزبون، والانتخابات الحرة والنظيفة بداية للخلاص من هذه الآفة، وكذلك انتشال القضاء من التسييس”.
واعتبر أنه “منذ سنوات، لا بل عقود، تضيع علينا الفرص، وبذلك بات اللبناني يعيش هاجس ترك هذه الأرض، ليهيم على وجهه إلى بلاد الله الواسعة. وقد بات لبنان بمثابة الفندق، أو المحطة المؤقتة، يولد هنا يتعلم ويتحضر للهجرة، فبات لبنان أشبه بمصنع للهجرة”، سائلا “فهل من يفتح باب أمل جديد؟، الدولة إما تكون لجميع أبنائها، أو لا تكون دولة، الوطن للجميع، فهل هو كذلك اليوم؟ الدستور والقوانين والإجراءات، هل تطبق على جميع اللبنانيين؟ تدفعون الضرائب فهل سواكم يفعل؟ تخضعون للقانون والمساءلة فهل سواكم يفعل؟ الأمن لكم وعليكم، فهل سواكم يخضع للأمن ذاته؟ تبنون وتعمرون بموجب رخصة تستحصلون عليها من الدوائر المختصة وتدفعون رسومها، فهل سواكم يفعل كما أنتم تفعلون؟”.
وقال: “70 سنة مخيمات، باتت بؤرا وجزرا أمنية تأوي المطلوبين، ناهيك عن معسكرات أمنية تابعة للنظام السوري، وهي خارج المخيمات الفسطينية، مثل الناعمة وقوسايا وينطا، وهذا الأخير في البقاع الغربي وهو أكبرها، ولم نلحظ أية إجراءات أو تدابير لتطهير لبنان من هذه القواعد، فإلى متى نستمر بنصف دولة؟ هل أنتم راضون مطمئنون؟ هل أولادكم محبطون وهل يفكرون بالهجرة؟”.

وختم: “قبل أن تسترد الدولة قرارها المصادر، لن نستعيد الجمهورية، الحاكم والمسؤول لا يبكي ولا يتمنى، الحاكم والمسؤول يمتلك أدوات الحكم، ويملك قراره، وبذلك يعيد للدولة هيبتها، التمنيات والتصريحات هي للناس، لقادة الرأي وليس للحكام، الحاكم يعمل، يفعل، ينفذ، يطبق، يخطط، يدير، يسير، ينتقل من إنجاز لآخر، لا يتمنى ولا يبكي. إن الدولة هي هيبة، وهيبتها بمسؤوليها. فلنوجد قادة لا يبكون ولا يتباكون، قادة من طينة الكبار، الذين حكموا ولم يسمحوا بأن يتحكم بهم. قادة أمسكوا بالقرار ولم يتركوا المجال لأحد أن يمسك بهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى