نحّات الدرّاجات النارية ينتظر وزارة السياحة

 

نيكول طعمة- المدن
متحف حمزة الذي يُشكّل علامة فارقة لبلدته
  • نحّات الدرّاجات النارية ينتظر وزارة السياحة
    كل قطع الدراجة من دون مسامير (المدن)
  • يستغرق تحويلها إلى مجسّم خشبي ستة أشهر
    يستغرق تحويلها إلى مجسّم خشبي ستة أشهر
  • المكان لم يعد يستوعب أكثر من 20 دراجة
    المكان لم يعد يستوعب أكثر من 20 دراجة
  • متحف حمزة الذي يُشكّل علامة فارقة لبلدته
    متحف حمزة الذي يُشكّل علامة فارقة لبلدته

    نحّات الدرّاجات النارية ينتظر وزارة السياحة

    كل قطع الدراجة من دون مسامير (المدن)

في أرجاء متحف فريد من نوعه وشكله، تحطّ دراجات بماركات ألمانية وأميركية، وبلونها الخشبي الطبيعي، في أحضان بيتٍ، استفاد صاحبه من كل زاوية في أرضه، ومن كل قطعة أو نثرة خشب في محترفه، وأنتج عرضاً جميلاً لا يجاريه فيه أحد. هو سلام حمزة، إبن بلدة عبيه – قضاء عاليه، الذي عرف كيف يُنمّي موهبته في نحت دراجات نارية من الخشب، لتبدو حقيقية تنتظر محرّكاتها لتجوب طرقات لبنان ساحلاً وجبلاً.. وكأن منزله باحة انتظار لإقلاع نحو 20 دراجة من طراز، في غالبيته، هارلي دافيدسين.

الاستقالة من النجارة

يعيش حمزة شغفه وهو يتحدّث إلى “المدن” عن كل قطعة تفنّنت يداه بصنعها، قائلاً: “بدأتُ بجمع صور دراجات هارلي دافيدسين للعمل على تحويلها إلى تحف خشبية مطابقة لها. عشقي إلى هذا النوع من النحت دفعني أن أدرس تطوّر الدراجات النارية منذ بدء انتاجها في مطلع القرن التاسع عشر وصولاً إلى اليوم”. واللافت أن حمزة يُجسّد هذه الدراجات من دون رؤيتها مباشرة، بل ينقلها بكل براعة عن الصور. 

لمع الشاب الفنان في نحت دراجات نارية خشبية بطريقة غريبة مثيرة للإعجاب. ولأنها ملكت أفكاره وحواسه، ووُلع بأدق تفاصيلها، قرّر الاستقالة من عمله كنجار ليتفرّغ بالكامل لهواية امتهنها لاحقاً. عن ذلك يشرح: “كثيراً ما كنت أرغب في تصميم دراجتي الخشبية الخاصة، غير أن فكرة التنفيذ لم تكن واردة في البداية لخوفي من الفشل. ويوم حان موعد اتخاذ القرار، صمّمتُ دراجة من طراز عام 1902 ونحتُّها بحرفية عالية، وبعدها كرت السبحة”.

في مشغله المميز، يعمل حمزة ساعات طويلة يومياً بما توّفر له من المعدّات اليدوية البسيطة، معتمداً على نوع الخشب الذي تسمح له إمكاناته المادية بشرائه كالسويد والشوح، ولا يقتصر تصميمه على الشكل الخارجي للدراجة، “بل يمكنك ملاحظة المكابح الحقيقية والإطار الحقيقي الذي يدور بالفعل. وقد تمّ تركيب كل قطع الدراجة من دون مسامير”.

ألف قطعة

ويروي أنه يبحث بشكل دوري في المواقع الإلكترونية المتخصّصة عن تاريخ الدراجة وحجمها ومقاييسها وارتفاعها عن الأرض، إضافة إلى طولها وعرضها قبل المباشرة بتصميمها. وعن الوقت الذي يستغرقه تنفيذ الدراجات، يجيب: “ثمة دراجات ذات حجم كبير يستغرق تحويلها إلى مجسّم خشبي مكوّن من نحو ألف قطعة خشبية ستة أشهر تقريباً. أما المجسمات ذات الحجم الأصغر، فتستغرق ما بين الشهر والشهرين”، مشيراً إلى أن المكان لم يعد يستوعب أكثر من 20 دراجة، وبالتالي هو في حاجة إلى مكان أكبر لا تقل مساحته عن 360 متر مربع.

“فنّ حمزة نادر”                                                          

تستقبلك لافتة “عبيه ترحّب بكم”، لدى وصولك بلدة النحات حمزة. هنا وعلى مرأى من مشاهد الطبيعة الخلابة الفارشة رداءها الساحر من حولك يقع متحف حمزة الذي يُشكّل علامة فارقة في المنطقة، ومن يتسنى له زيارة هذا المكان يخال للوهلة الأولى أنه أمام معرض لأحدث الدراجات النارية، إلا أن الدهشة تكون أشّد وقعاً عندما ينكشف للزائر أنه أمام مجسّمات خشبية منحوتة بتفاصيل متقنة.

ولأن وراء كل فنان مبدعٍ عائلة وأصدقاء يشجعونه، فإن محبّي فن حمزة يثنون على ما صنعته أياديه الرشيقة. فماذا يقول توفيق أبي المنى المقيم في بلدة شانيه- عاليه، التي تبعد نحو 20 دقيقة عن متحف حمزة؟ “بصراحة، يكبر قلبي حين أتردد إلى المتحف، أشعر بفخر واعتزاز أمام ما أنجزه هذا النحات الذي أرى فنّه نادر الوجود ليس في لبنان والشرق الأوسط وحسب، بل في العالم”. ويضيف: “في البداية، لم أكن أفهم رغبة حمزة وإصراره على هذا النوع من النحت، حتى اكتشفت أنه بموهبته كان يريد أن يلفت النظر سياحياً إلى بلدته عبيه بشيء يمّيزها عن سائر البلدات ويجذب الناس إليها باستمرار من خلال مشغله وأعماله الشيّقة، والأهم من كل ذلك أنه لم يستسلم أمام الظروف الصعبة التي عاندته بل واصل عمله بإصرار ليُنجز متحفاً فنيّاً أعتقد أنه الأول من نوعه في العالم”.

يصف أبي المنى حمزة بالفنان “الذي شُغِف بهذا الفن منذ الصغر، ولم تكتفِ أنامله الإحترافية في نحت مجسّمات خشبية بل وجد في الحجر أيضاً ثروة زيّن به متحفه كما منزله، وابتكر من الخيال أيقونات مختلفة يلوّن بها حديقة متحفه”.

وجهة سياحية

حلم حمزة طويلاً بالتفرّد والتميّز، وبعد 17 سنة من العناء والكد والعمل المتواصل، أنجزت أنامله منحوتات خشبية فريدة استقطبت بدقتها ومتانة قالبها تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات كما الناس على كافة مستوياتهم للتمتع بجمالية قلّ نظيرها في عالم الهوايات المجنون.

لم تنتهِ أحلام حمزة وتطلعاته بتسجيل بلدية عبيه متحفه ضمن سجلاتها، “وما أتمناه هو دعم من وزارة السياحة، وأن يُدرج متحفي على الخريطة السياحية للدولة اللبنانية”، ولا تتوقف تطلعاته عن عرض منحوتاته في أهم المعارض العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!